< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/02/13

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: احكام الاولاد

     احكام الحضانة.

قلنا ان الحضانة لسبع سنوات، والمشهور ان السنتين مع الصبي للأم والسبعة للبنت، البعض يقول ما لم تتزوج، وبعضهم قال بالسنتين على أي حال ويحتاط بالسبعة.

احكام الحضانة:

اولا ان النفقة على الأب مطلقا سواء كانت الحضانة معه او مع الأم بسبب إطلاقات الادلّة الكثيرة.

النفقة تجب على الوالد باجماع المسلمين بمختلف مذاهبهم وبمختلف توجهاتهم، وذلك للروايات المستفيضة بل تكاد تكون متواترة، نذكر منها في الصحيح: ح 3 – علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من الذي أجبر عليه وتلزمني نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن عبد الله ابن المغيرة مثله. ورواه الصدوق في (الخصال) عن أبيه ومحمد بن الحسن عن محمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى مثله. [1]

فالولد دائما نفقته على الأب.

الامر الثاني انه في حال الحضانة لا يحق لاحد الطرفين ان يمنع الآخر من ولده رؤية وانسا وملاعبة بالحد الطبيعي لا بالقليل كخمس دقائق، ولا بالكثير ليلا ونهارا، بل بالحد الطبيعي بحيث يعطى الولد حقه من التربية ويعطى حق الوالدين ايضا. ما يشاع بين الناس مثلا لو اعطينا الحق للأم بالحضانة ستة ايام يحق لها ان تمنع الأب من رؤية ابنه، هذا الامر غير صحيح شرعا، يحق للأب ان يرى ابنه ساعة يشاء، والعكس ايضا صحيح. بعبارة اخرى: يحق لكل من الطرفين ان يرى ولده بالشكل الطبيعي الذي يأخذ الولد حقه والوالد حقه والوالدة حقها.

وقلنا امس ان اول شيء منظور في الحضانة اولا وبالذات هو الولد ورعايته وليس حق الابوين، المسألة ليست مسألة ملك. كل النقاشات التي تدور بين الناس من ان الام هي الاحق او الأب هو الاحق، كلها غفلت عن حق الولد لانه هو المنظور الاول وليس الام ولا الأب، نعم فيما بعد يحق للأم والاب باعتبار الآية: ﴿ لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ [2] باطلاق الآية حتى بالأيام التي تكون له.

الامر الثالث: شروط الحضانة: يقول في الجواهر: لا خلاف في إشتراط ذلك بما إذا كانت حرة مسلمة عاقلة وغير متزوجة بلا خلاف في الأربعة.

ثم يقول: وكذا لا حضانة للكافرة مع الأب المسلم لكون الولد مسلما بإسلام أبيه, ولم يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا, بناء على أنها ولاية, بل وإن قلنا أنها أحقية, فإن " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " [3] .

لكن في تطبيق الآية على الحضانة نظر، وقالوا ان الدليل على ان الحضانة لا تكون للكافرة او للكافر بدليل الآية القرآنية: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [4] اصلا هذه الآية ليست ناظرة كليا لمسألة الحضانة التي هي عبارة عن خدمة لها وليست سبيلا عليه، والسبيل هي اليد العليا " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه "[5] ، وهذا يعني ان الاسلام هو احق، من قبيل عندما يقول القاضي " الحق يعلو ولا يعلى عليه " [6] وهذا يعنى انه بذاته يفرض نفسه فيه اقتضاء كونه صحيحا، وهو في اعماق كل البشر انه هو الصحيح، لا أنه يعني ان القاضي دائما يحكم بالحق، بل نرى العكس، كثيرا ما القاضي لا يحكم بالحق نتيجة الاهواء والرشاوه او عدم علمه، وجهله او غير ذلك. و" الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " ولو فسَّرنا ذلك بالقوة والسلطة في الدنيا لما كان الحديث صادقا لان ما نجده في ايامنا هذه بل وفي غير ايامنا حتى في ايام بني اميّة وبني العباس وايام هذه الدول الظالمة لم يكن الاسلام يعلو، فأي اسلام يجد ابن بنت رسول الله (ص) سيد شباب اهل الجنة يعني ان نخبة البشر اهل الجنة وسيدهم الحسن او الحسين عليهم السلام، نخبة النخبة، وفي النهاية يقطع رأسه ورؤوس اصحابه ويدورون بها في المدن الاسلامية، أي اسلام هذا؟ لم يعل الاسلام، وايضا لم يل الاسلام باستشهاد على بن ابي طالب (ع) ولا بالأنباء سلام الله عليهم كم منهم من قتل وصلب وجرف جسده بامشاط الحديد.

" الاسلام يعلو ولا يعلى عليه " تعبير عن علوه في المنطق والفكر وهو من قبيل " الحق يعلو ولا يُعلى عليه " من قبيل ما يقال بين الناس " لا يصح إلا الصحيح " أي ان هناك اقتضاء وهذا المقتضي يحتاج إلى شروط اخرى في عالم الفعلية. وهنا نفس الشيء ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ايضا هنا بمعنى الاقتضاء، وهذه الآية محل اختلاف كبير بين المفسرين، هل " سبيلا " هي بمعنى اليد العليا؟ في الدنيا وهل يجمز تعيين غير المسلمين للإدارة شؤون البلاد فيكون تحت يدهم بعض الموظفين المسلمين؟ أو ان معنى السبيل هو الدليل؟ واذا لم تكن كذلك فما معناها؟. بعضهم يطبقها على الحضانة، ويرده ان الحضانة خدمة غسل ثياب وبدن للطفل وإلى آخره. كيف صارت هذه الحضانة سبيل ويد. فلا تطبيقا ولا مفهوما ليست الحضانة سبيلا.

الامر الثالث: لا بد من اهلية الحاضن للحضانة، فلا حضانة للمجنونة ولا للأب المجنون. وعن المسالك في إلحاق المرض المزمن الذي لا يرجى زواله كالسل والفالج بحيث يشغله الألم عن كفالته وتدبير اموره. فهل نستطيع ان نسحب هذا الامر إلى بقية الامراض؟

وجهان: إشتراك الجنون والمرض في المعنى المانع من مباشرة الحفظ مما يؤدي إلى سقوط حضانة الولد. والثاني أصالة عدم سقوط الحضانة مع إمكان تحصيلها بالنيابة, وبه يفرق بينه وبين الجنون, وضرورة أن السقوط مناف لإطلاق الأدلة.

الامر الرابع: هل تشترط المباشرة في خدمة الولد ورعايته من قبل الحاضن؟

وهنا ايضا هناك مسألة: فلو قالت الام أن الحضانة عليها أو الاب قال بان الحضانة له.

في زمن حضانة الاب لا يغسله بنفسه بل تغسله الخادمة او يجعل بعض اقاربه كأخته أو أمه تغسل الطفل، وهذا حاليا هو الموجود، هل يحق الأم ان تطالب بالحضانة لها؟ او العكس بان تأخذ الأم الحضانة وتضع الولد بالمدرسة الحضانية وتذهب للعمل طوال النهار، وتمنع الاب من رؤيته وغسله. هل تسقط حضانة الأم؟ الحضانة هي عبارة عن رعاية فلو اراد الاب ان يكون هو الحاضن هل تسقط الحضانة للأم؟

بعبارة اخرى: هناك رجال يريدون ان يغسلوا ولدهم بانفسهم او العكس.

انا بحسب وجهة نظري عندما يقال الحضانة للأم التي هي عبارة عن خدمة واعطاء الحنان والرعاية للولد تبقى الام هي الحاضنة وإذا تخلت عن المباشرة يحق للأب ان يغسله حينئذ هو شخصيا لكن باقي امور الرعاية والحنان يبقى للأم.

بعبارة اخرى: هل اشتراط عدم الجنون، نستطيع ان نقول بوحدة المناط انه يؤدي إلى اشتراط امور اخرى لأهلية الحاضن، كعدم المرض، وعدم كونه من أهل المعاصي كي لا يتعلم الولد على المعاصي، وان لا يتعمّد تعليمه المعاصي، وان لا يكون خشن الطباع او قاسي المعاملة او صعب المعيشة والمعاشرة أو غير ذلك. من قال انها تؤدي ويكون المناط واحدا. ومن قال انه لا يؤدي لاطلاق الادلة في الحضانة نستمر على الاطلاق إلا ان يخرج بدليل، خرج الجنون بدليل فنبقي الباقي تحت الإطلاق.

والفرق بين الجنون وغيره ان شاء الله غدا نبيّنه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo