< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/02/14

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: احكام الاولاد:

     احكام الحضانة.

     الاهلية في الحضانة.

اشترطنا في الحاضن ان لا يكون مجنونا، هل نستطيع ان نحصر الاهلية بالحضانة بعدم الجنون او لا؟

بعبارة اخرى: هل نستطيع ان نقول بوحدة المناط، بسحب واشتراط الاهلية إلى عدم المرض المزمن، والطباع الخشنة وغير ذلك، هل هي أو هو يكونان مؤهلين لهذه الحضانة. او هل نستطيع ان نجعل المناط واحدا او نستنبط مناطا، الموجود في الروايات انه يشترط في الحاضن ان لا يكون مجنونا ولا كافرا، هل نستطيع ان نقول بهذه الحكم ان نسحبه إلى كل الشروط الاخرى التي تمنع من الحضانة، كالمرض المعدي او غير ذلك؟

قد يقال انه لا بد منه أو أننا نحتاج إلى الدليل.

وعن المسالك في إلحاق المرض المزمن الذي لا يرجى زواله كالسل والفالج بحيث يشغله الألم عن كفالته [1] وتدبر أمره وجهان: إشتراك الجنون والمرض في المعنى المانع من مباشرة الحفظ, وأصالة عدم سقوط الحضانة مع إمكان تحصيلها بالنيابة, وبه يفرق بينه وبين الجنون, وضرورة أن السقوط مناف لإطلاق الأدلة.

نقول في الوجه الاول: انه إذا كان قادرا مع المرض على الحضانة قادرا على تحمل الألم ان يكفله فلا دليل على اسقاط الحضانة. اما إذا كان لا يقدر اصلا كالمقعد او بمرض معدي تحصل منه الاذية فتسقط.

في الوجه الثاني: لا فرق بين المرض والجنون، هو ان المريض يستطيع ان يستأخر او يستنيب فقدرته العقلية كاملة اما المجنون فلا يستطيع ان يستأجر شخصا يقوم بالنيابة عنه بخدمة هذا الولد. وإذا فرقنا بين الجنون وغيره يصبح ما دل على الجنون هو وحده ولا ينسحب الامر إلى الامراض الاخرى، فلا تسقط الحضانة فيها.

نحن نقول: المباشرة شرط في الحضانة والقدرة على الحضانة شرط، فإذا اشترطنا المباشرة وكان مريضا بحيث لا يقدر على المباشرة تسقط الحضانة وإلا فلا. فتكون النتيجة أن هناك فرق بين الجنون وغيره.

المتزوجة هل تسقط حضانتها:

نقل في الروضة الإجماع على اشتراط عدم التزويج, فلو تم فهو الحجة, وإلا فالرواية الدالة عليه ضعيفة كمرسلة المنقري والنبوي العامي:

ح 4 - وعن علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم ابن محمد، عن المنقري، عمن ذكره قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يطلق امرأته وبينهما ولد أيهما أحق بالولد؟ قال: المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج. ورواه الصدوق بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام، ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وكذا كل ما قبله. [2]

الرواية هنا تنظر إلى ان الخلاف مع الطلاق واحيانا هناك روايات ان الخلاف اثناء الزواج مثل كما يمكن حمل رواية داوود بن الحصين.

الرواية من حيث السند: ورواه الصدوق بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث. حفص بن غياث من ابناء العامة غير موثق لكن انا اقرّب توثيقه، عن أبي عبد الله عليه السلام: نحن نعلم ان المنصور اسس المذاهب ومنع الاختلاف في الحكم، فكتاب الموطأ فالمذهب المالكي اسسه المنصور الدوانيقي وكتاب الموطأ لمالك كان بأمره فقد ارسل اليه ابو جعفر المنصور وقال له ليس في الدنيا من هو اعلم وافقه مني ومنك، لكن الخلافة شغلتني فاكتب كتابا ووطئه للناس اترك فيه احتياطات ابن عمر وخفف من مباحات ابن عباس واجعله للناس. قال مالك: ولكن اهل العراق قد لا يقبلون به. قال ابو جعفر: نقطع جلودهم بالسياط – بالقوة -. ولعلهم لا يقبلون به لانهم كانوا غالبا من شيعة اهل البيت (ع).

ابو جعفر هو الذي اسس المذهب المالكي، وابو يوسف هو الذي شيّد المذهب الحنفي وذلك ايام الرشيد. بعبارة اخرى: بنو العباس هم الذين اسسوا المذاهب كتأسيس تشريعي فقهي، اما المذاهب السنيّة فقد بدأت مراحل تأسيسها منذ البداية منذ سلب الخلافة، ثم التأسيس الفكري كان مع الامويين عندما اسسوا فكرة " يجب طاعة الحاكم ولو كان ظالما جائرا ".

ولا باس بذكر الفرق بين الفكر الشيعي والفكر السني كفكر: المذهب السني غايته هو وجود مجد ودولة وسلطان بغض النظر عن العدالة والرحمة والانسانية، لذلك تراهم تدغدغهم مشاعر السلطة والعظمة. ارسل لي بعض الاشخاص من السعودية عن الحرب التي دارت بين الولايات المتحدة الامريكية والاسطول الليبي في طرابلس، وبقية ثلاث سنوات من سنة 1801 الى 1804، عندما رفض الامريكيون اعطاء ضريبة الدخول إلى البحر المتوسط. رفض الامريكيون ذلك وهاجموا الدولة العثمانية في طرابلس الغرب فانكسروا في اول معركة وهزموا شر هزيمة في الثانية وسقط منهم الألاف ودمرت مدمراتهم وسفنهم باكملها. صارت معاهدة وبعدها الصلح ومن بنودها ان يدفع الامريكيون لكل ليبي قتل ديّة، والضريبة مضاعفة على كل من يريد الدخول من جبل طارق إلى البحر المتوسط، كان صلحا مذلا للأمريكيين. هذا الشيخ السعودي ارسل لي ليقول ان هذه الصورة المشرقة للدولة العثمانية التركية. يدغدغ مشاعرهم المجد والسلطة والسلطان. نعم هناك قوة كقوة نابليون والصين والفراعنة، هل كل من كان قويا نحبه ونقدسّه؟!.

الفرق بين السني والشيعي الاسلام لم يأتي لبناء دولة بل اتى لبناء انسان، نعم الدولة وسيلة مهمة لخدمة الانسان ﴿وانزلنا الحديد فيه بأس شديد[3] ، الحكم وسيلة وضروري، هو وسيلة وليس غاية. اما الدولة العثمانية فقد كان فيها على قوة سلطانها ظلم كثير للعباد انظر إلى شيخ الاسلام الذي افتى للسلطان العثماني بقتل اخوته سبعة عشر شخصا بما فيهم من الصغار حتى لا تتمزق الدولة بعد ذلك.

الغاية في الاديان هي بناء الانسان وليس بناء سلطة ودولة وعظمة، ولذلك الآن نلاحظ انه تدغدغ مشاعرهم اننا حاصرنا اسوار فينا، ونحن فتحنا صقلية، انتصارات وانتصارات. لكن هذا النصر إذا لم يؤدي إلى عدالة وخير ورحمة للناس، هذا النصر ليس له نفع للناس، هذا صار سلطة مثل بقية السلطات من قبيل الفراعنة والنمرود وقصر كسرى، اذا كانت لديهم القوة هل يجب ان يقدّس؟ والفتوحات، ليس كل الفتوحات جيدة، بل الفتوحات التي ادت إلى خير وعدالة وبركة ورحمة.

بعبارة اخرى: الفرق في الفكر، أن الفكر الاسلامي على المذهب الشيعي يقول ان الاسلام يريد بناء انسان بارتباطه بالله عز وجل، اما الفكر بالمذهب السني بشكل عام يريد بناء دولة وسلطة وعظمة وبناء الانسان يكون في الاثناء، لذلك جوزوا قتل الحسين (ع) قالوا: " قتل الحسين بسيف جده "، يقولون الدولة الاموية كانت مستتبة وجاء الحسين ليخلخل هذه الدولة. سيد شباب اهل الجنة نخبة النخبة ابن بنت رسول الله امام قام أو قعد ومع ذلك لانه قام ضد الدولة الاموية الظالمة والفاجرة، وكانت الدولة قوية جدا وحاكمة فلذا يجب ان نبقى ساكتين. هذا هو الفرق الفكري بينهما.

غدا ان شاء الله نكمل.


[1] هذا الانشغال يدل على عدم القدة على الحضانة، فلم تعد مسألة سحب نفس الحكم. بالقيد الذي جعله صاحب المسالك" بحيث يشغله الألم عن كفالته ".

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo