< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة.

     مقدار نفقة الزوجة.

قلنا نه في نفقة الزوجة هناك اربعة احتمالات: الاول: الطعام والكسوة فقط. الثاني: الطعام والكسوة وبعض الحاجيات الضرورية مثل الدواء والطبابة والسكن وغيرها. الثالث: حياة كريمة عادية كالحاجة إلى السفر والزيارة بحدود معيّنة عرفية. الرابع: هو ما ورد في الروايات من تحديد.

دليل القول الاول الذي هو الاطعام والكسوة، ذكرنا ذلك ان الواجب مجرد سد الجوعة والكسوة، فالمقدم هو القدر المتيقن من الروايات الملزمة للنفقة، قال: " من الذي يلزم على نفقته؟ قال: الوالدين والولد والزوجة " وأما ما زاد فهو مستحب ككل امرين ايجابيين، مطلق ومقيّد ايجابيين يحمل الفرد الزائد على الاستحباب أو افضل أو أهمّ الافراد لسبب أو إضاءة خاصة عليه.

قد يقال: وماذا تفعل بالنفقات الاخرى التي تحتاجها من دواء وطبابة وسكن وفراش وغطاء وآلات التنظيف والزينة وغير ذلك؟

والجواب: عدم وجوبه على الزوج، بل على بيت مال المسلمين كجميع النفقات على أي محتاج.

كذلك ذكرنا ان الواجب عليه هو الأقل الكافي من الطعام والملبس. والباقي يبقى من باب الاحباء.

القول الثاني: وجوب ما يعمّ الاطعام والكسوة والسكن والفراش وآلات التنظيف وسائر ما يحتاج إليه بحسب حالها ومنه الدواء وأجرة الطبيب ومصاريف الولادة، ويمكن الاستدلال له بأمور:

أ – قوله تعالى: ) وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( [1] ، كذلك قوله تعالى : ) فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ( [2] وامثال هذه الآيات والروايات التي ذكرت لفظ " المعروف "، فلا بد من القيام بما يتعارف حسنه ومدحه بين الناس ومنه الانفاق عليها بما يشمل الامور المذكورة.

وفيه: إن لفظ " المعروف " هو ما ذكر، وهذا لا يشمل الإنفاق، بل يشمل الأخلاق الحميدة، وأما ما زاد عليها فيحتاج إلى دليل. ألا ترى أن قوله تعالى في الوالدين: ) وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ( [3] لا يدل على وجوب النفقة عليهما إلا في حال الحاجة، وأما الإنفاق عليهما في حالة غير الحاجة فهو أمر ممدوح ككل عطاء، ولكنه شرعا على نحو الاستحباب. فيصبح الانفاق على الزوجة بهذا الدليل مع عدم حاجتها أمر ممدوح أو على نحو الاستحباب.

ب – إطلاق النفقة في الروايات، فلا تخصيص بشيء دون شيء، بل يجب الانفاق عليها مطلقا.

وفيه: إن النفقة لا بد من تقييدها، إذ مع الاطلاق تشمل كل شيء ترغبه من مستحبات كالحج والزيارة، وغيرها كالسياحة والسفر وهذا لا يقول به أحد. فلا بد من تقييد النفقة بروايات اخرى.

ج – " إقامة الظهر " و " إقامة الصلب " كناية عن كل ما تحتاج إليه وليس الإطعام والكسوة فقط.

وفيه: إن هذا الحمل يصطدم بالروايات التي تقول: " يسدّ جوعتها " و " يشبع بطنها "، والظاهر تفسير إقامة الظهر بذلك بقرينة " ويكسو جثتها " أي أن حق المرأة الواجب ثلاثة أمور: الإطعام والكسوة والغفران. ويدل لفظ الإطعام ورد لفظ " الإشباع " فلا تتم الكفاية.

الاحتمال الثالث: وهو الانفاق عليها بالحد الأدنى من الحياة الكريمة من دون تخصيص بما ذكر.

ويمكن الاستدلال له بأمرين:

الاول: إن لفظ " يقيم صلبها " أو " يقيم ظهرها " المراد منه واحد لأن الصلب هو نفس الظهر، إن هذان اللفظان لا يحتمل فيهما إرادة المعنى الموضوع له، بل المراد معنى كنائيا، وهو الحياة الكريمة المتعارفة، بما لا تكون فيه محتاجة كسيرة النفس مهانه، فتشمل حتى الأمور الواجبة الطبيعية والشرعية كالحج الواجب والزيارة الاولى للعتبات المقدّسة مثلا، وذلك بعد ثبوت النفقة على الزوج وعدم إلزامها بالعمل لإعاشة نفسها. فان إقامة الظهر والصلب تعني أن تكون مرفوعة الرأس غير مهانة، وهذا لا يكون بغير الحدّ الادنى من النفقة، ويؤيده قوله (ع) " ولا يقبح لها وجهها " وايضا في روايات أخرى " وإن جهلت غفر لها " وعدم التقبيح بإطلاقه يشمل الغفران وعدم التقريع حال الجهل، ويشمل ايضا عدم حفظ ماء وجهها أمام الناس، وهذا ما عبّر عنه كثير من الفقهاء بـ " الشأنية "، أي يجب عليه أن يسكنها ويطعمها وينفق عليها بما هو من شأنها بين الناس بحيث لا يقبح لها وجه، وتكون مرفوعة الرأس للتعبير " بـ " يقيم صلبها ". نعم الحياة الادنى من الحياة الكريمة.

غدا ان شاء الله نكمل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo