< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة.

     الشرط الثالث للنفقة: عدم نشوز الزوجة.

     معنى الخوف.

قلنا ان معنى النشوز لغة بمعنى العلو والارتفاع واستعمل في معان كثيرة لكن يبدو ان المعنى الاساسي واحد وهو العلو. النشوز قد يكون من الرجل وقد يكون من المرأة وقد يكون من كليهما في القرآن الكريم ذكر نشوز المرأة ونشوز الرجل، ففي المرأة ) وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ( [1] ، وفي الرجل، ) وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً ( [2] ، وذكر ايضا النشوزين معا وهو " الشقاق " كما في القرآن والرواية التي سبق ذكرها إذا نشز الرجل ونشزت المرأة فهو الشقاق. والذي يتبادر إلى الذهن أن الشقاق هو اكثر من كونه فرقة، واكثر من خلاف، بل هو صدع يؤدي إلى نوع من الكراهة النفسية.

انتهينا من نشوز الرجل وقلنا ان حكمه الطلاق. أو يحق له ويحق لها ان تتنازل عن بعض حقوقها كالتنازل عن يومها وجزء من النفقة في مقابل عدم الطلاق.

واما نشوز المرأة، فالقدر المتيقن منه التمرد على الزوج وعدم تمكينه منها ومنعه من حقوقه الزوجية، وهل يشمل فعل المنفرات له عنها وأن كان مثل سبّه وشتمه؟

والاصل في ذلك قوله تعالى: ) وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ( [3] .

والكلام في ألفاظ الآية " تخافون "، " نشوزهن "، " عظوهن "، " الواو "، " اهجروهن "، الواو "، " اضربوهن ".

أما " تخافون " ففيها احتمالات:

الاول: الظن بمعنى ظهور أمارات النشوز، بحيث يظن ظنا قويا وقوع النشوز بعدها، مثل أن تقطّب في وجهه أو تتبرّم في قضاء حوائجه أو تغيّر عادتها في أدبها وغير ذلك، فهي لم تقع بعدُ في الحرام – النشوز - لأنها بعد لم تمنعه من حقوقه الزوجية، أي اقتربت من ذلك ولمّا.

والانصاف ان هذا المعنى هو الظاهر من لفظ " الخوف " فهو بمعنى الظن القوي وليس بمعنى العلم.

نعم يستفاد من ظهور أمارات النشوز هو حدوثها وليس البقاء عليها، فلو كان من عادتها مثلا عدم الانشراح

 

والعبوس في وجهه والتبرم في قضاء حوائجه فلا تكون امارة على النشوز [4] ، فلا يجوز له هجرها وضربها لانهما محرّمان عليه.

المعنى الثاني للخوف هو العلم، كما فعل ابن الجنيد في قوله تعالى: ) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ( [5] . الموصي قد يغمط من حصص بعض الافراد وحقوقهم، تارة يغمط قصدا ويكون اثما. و" جنفا " ميل عن الحق و " الحنف" ميل عن الباطل، وتارة يكون الجنف عن غير قصد.

والانصاف ان الظاهر هو المعنى الاول.

المعنى الثالث: اختلاف موضوع الحكم بحسب اختلاف الاحكام الثلاثة، يعني ان " للهجر " له موضوع يختلف عن الموعظة، و " الموعظة " لها موضوع و " الضرب " له موضوع، هناك اختلاف بين مواضيع الاحكام الثلاثة.

يقول في مسالك الافهام: ومن الأصحاب من جعل الأمور الثلاثة منزلة على الحالتين أعني ظهور أمارات النشوز وتحققه بالفعل. فالمصنف (المحقق صاحب الشرائع) في الكتاب والشيخ في المبسوط والعلامة في القواعد جعلوا الوعظ والهجر معلقين على ظهور أماراته، والضرب مشروطا بحصوله – أي النشوز - بالفعل. ومع ذلك لم يشترطوا في جواز الضرب مع تحقق النشوز تقديم الوعظ ولا الهجر، بل جوزوا الضرب بأول مرة، وجعلوا الهجر في الأول مشروطا بعدم نجع الوعظ.

ووجه هذا القول حمل خوف النشوز على ظاهره وترتيب الأولين على مراتب النهي. وأما اشتراط الضرب بتحقق النشوز مع أن ظاهر الآية جواز. مع الخوف أن الضرب عقوبة وتعزير ، والأصل فيها أن تكون منوطة بالحاكم.

والمحرم عليها هو النشوز، وظهور أماراته لا يفيد اليقين به، فلا ينبغي العقوبة على الذنب قبل وقوعه، بخلاف الزجر بالوعظ والهجر، فإن أمرهما أوسع، وظهور أمارات المعصية كاف في التنبيه عليها والزجر عنها. ومرجع ذلك إلى الأخذ بظاهر الآية مع مراعاة الاحتياط في العقوبة، والوقوف على موضع اليقين حيث يحتمل إرادة النشوز بالفعل من الخوف منه. ............ وفصل بعض العلماء في الآية تفصيلا آخر، [6]

غدا ان شاء الله نكمل.


[4] استطراد: التعبير في الحياة الزوجية مهم جدا، فإذا فعلت الزوجة شيئا حسنا تقابل بالكلام الحسن والتقدير. كل انسان يحب ان يسمع الشيء الحسن. وانا انصح ايضا حتى الزوجات ان تقدر وتقابل عمل الزوج بالقول الحسن. ولذلك هناك في الروايات انك إذا كنت تحب اخاك فقل له انا احبك. التعبير جدا مهم وهذا كثيرا ما ينقصنا. وفي بعض الاجواء من العوام يقولون: ان التعبير ضعف، فاياك ان تعبر لزوجتك او لأخيك انه قد صنع معك معروفا فيكون ذلك منّة منه واعترافا بفضله. هذا الخط من الذهنية غير سليم، لانه لا يؤنس الآخر ولا يشجعه على عمل المعروف. نعم هذا الامر – وهو استحباب التعبير للآخر – ليس على إطلاقه بل يوجد مخصص لبي وهو ان يكون حكيما في التعبير ليحقق الهدف والغاية منه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo