< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة.

     هل النشوز مفهوم شرعي او مفهوم لغوي؟.

     ما هي الحقوق التي يكشف منعها عن النشوز؟

قلنا ان النشوز هو التعالي، هذا التعالي يلزمه غالبا عدم اعطاء الحق، وعدم اعطاء الحق له أثر شرعي وهو مثلا اسقاط النفقة او الهجر والاعراض والضرب. إذن نفس عدم اعطاء الحق ليس هو النشوز.

المسألة الاولى هل النشوز مفهوم شرعي او مفهوم لغوي؟. ذكرنا امس ان النشوز ليس معنى شرعيا بل هو معنى لغوي ولا يزال على معناه اللغوي العرفي، ) وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ( يتكلم مع الناس، المعنى الشرعي هو الذي يحتاج إلى دليل لانه عبارة عن نقل. النشوز له معنى الآن هو نفسه كان سابقا؟ نعم بأصالة عدم النقل هو نفسه كان سابقا. وهل هناك سابقا معنى شرعي وهناك نقل شرعي؟ الاصل عدمه، الحقيقية الشرعية هي التي تحتاج إلى دليل.

إذن النشوز هو العلو اساسا والتعالي النفسي مجازا، التعالي يؤدي عند الناس غالبا إلى عدم اعطاء حق. إذن عدم اعطاء الحق ليس هو نفس النشوز، واستعمال المنفرات ليس نشوزا وعدم التمكين ليس هو النشوز بل هو من آثار النشوز.

المسألة الثانية: ما هي الحقوق التي يكشف منعها عن النشوز؟

عندما تنشز المرأة تقصّر في اداء الحق، والامور التي تقصّر فيها اربعة اشياء: هناك الحق الشرعي، وهناك الحق العرفي الخاص، وهناك الحق العرفي العام، وهناك انحرافات مسلكية. سنعطي امثلة ونبحث كل واحدة منفردة.

الحق الشرعي وهو التمكين، والحق العرفي الخاص من قبيل بعض الاعراف بان تقدم له الماء وترتب له الفراش واعمال المنزل بشكل عام. والحق العرفي العالم وهو ان تكون حسنة الاخلاق معه أي الآداب العامة. والانحراف الخاص الذي لا علاقة له بهذه الحقوق كما لو اصبحت تتعاطى المخدرات او الخمر او تكذب او تعتدي على الناس، من الأمور التي لا علاقة لها بشخصه وخصوصياته.

نبدأ الامر الاخير وهو الانحراف، انحرافاتها المسلكية الشرعية تكون مثلها مثل الاجنبي تماما، انما يؤدب من باب الامر بالمعروف النهي عن المنكر. فإذا كانت تكذب كثيرا يجب عليه ان ينهاها كما ينهى أي انسان آخر. في هذه المسائل التي لا علاقة لها بشؤنه الشخصية هذا من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك إذا اصبح الرجل يتعاطى المخدرات هل يعتبر ناشزا؟ لا علاقة لذلك طالما انه يؤدي حقها، هذا ليس ناشزا نعم يجب تأديبه من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. يعني ان الزوج والزوجة بالنسبة إلى بعضهم البعض في هذه المسائل كأي انسان اجنبي آخر.

ثانيا الحق الشرعي، لا شك ولا ريب في وجوب ادائه، فإذا لم تؤده كانت ناشزا، عدم التمكين هذا هو القدر المتيقن من الحق الشرعي.

ثالثا الحق العرفي الخاص، في مجتمعاتنا عند عقد القران عادة الرجل بعد الزواج يؤمن الامن والغذاء والنفقة، والمرأة تؤمن البيت. هذا التقسيم اتفاقي وليس حقا [1] .

فلو فرضنا انه هناك عرف خاص تعارف الناس عليه وانها قصّرت في عرفها الخاص هل تعتبر ناشزا؟

نقول: إذا كان هذا العرف الخاص دخل بحيث اصبح من باب الشروط المبنائية بمعنى انه الذي بني العقد عليه. والشرط في العقد في الفقه يختلف عن معنى الشرط في الفلسفة، ليس من باب العلّة والمعلول. في الفلسفة الشرط جزء من العلة واذا انتفى الشرط انتفى المشروط، اما في الفقه إذا انتفى الشرط لا ينتفي العقد بل يثبت لها حق الفسخ، لان معنى الشرط في الفقه يختلف عن معنى الشرط في المنطق أو الفلسفة او اللغة، فان الشرط في الفقه معناه التالي: ما بني عليه العقد وليس معناه الداعي كما يقول بعض الاعاظم (ره). والشرط في الفقه يتفق مع الشرط في الفلسفة في بعض الاشياء لكن أثره هو جواز الفسخ، وليس أثره بطلان العقد من اساسه بخلاف المعنى الفلسفي.

لذا ما تبانى عليه العرف من ان الامور المنزلية لها وتأتي وتقول ان الشارع لم يأمر بذلك هذا إذا وجب فإنما يجب من باب الشرط المبنائي بمعنى بني عليه العقد أي صار كالشرط لفظا في متن العقد.

هنا هل النشوز هو عدم اعطاء الحق ايضا الحقوق الموجودة في متن العقد إذا لم تؤدها او لم يؤده الرجل صارة المرأة ناشزا او المرأة ناشزا؟ هل كلمة نشوز تشمل هذا النوع، عدم اعطاء هذا الحق؟

إذا قلنا ان النشوز من التعالي وانه نفس العلو ونتيجة التعالي غالبا عدم اعطاء الحقوق عادة فبإطلاقه يشمل هذه الحالة.

إلا ان يقال: ان النشوز يستبطن منع الحقوق مما يتعلق بأموره الخاصة الشخصية فيه أو فيها وليس في شروط العقد، أي يستبطن الامور الجنسية ومسائل العشرة ولا يكون شاملا بإطلاقه كل حق تمردت عليه.

لذلك نقول هكذا إذا كان النشوز ليس بمعنى عدم اعطاء الحق، بل عدم اعطاء الحقوق من آثاره، ونطبق معنى النشوز، فإذا كان مجرد التعالي، وهي لا تعطه حقه من باب التعالي، حينئذ من باب الاطلاق ان نقول ان الناشز تشمل حتى من لا تعطه حقه من الامور المنزلية كعدم الكنس والطبخ وغيرها، فتكون ناشزا بإطلاق كلمة نشوز.

إلا ان يقال: ان نفس كلمة " نشوز " تستبطن منع الحقوق الشخصية من الجنس وما حوله من النظافة والكلام الجميل والود وغيرها من الامور الشخصية. وهذا الكلام وارد، وهل ورود هذا الكلام لكثرة استخدام النشوز بهذا المعنى؟ وهل صار انصرافا؟ أو أن أصل النشوز لا يشمله لفظا؟

في الجواب قلنا ان اصل النشوز هو التعالي الذي ينشأ عنه تضييع الحقوق والتمرد. فإذا كان كذلك فبأطلاقه يشمل هذه الحالات لان الحقوق الخاصة تنتفي وتذهب.

إلا ان يقال ان هناك استبطان وينصرف حينئذ إلى المعاني الشخصية، هذا الاستبطان يؤدي باللفظ إلى انصراف عن هذا النوع من عدم اعطاء الحق فلا يشمله.

نحن نرى انه هناك اطلاق، يعني ان هذا الاستبطان وارد، لكن سببه كثرة استعمال الفقهاء له، وليس له اثر في نفس اللفظ، عندما قال الشارع " اللاتي تخافون نشوزهن " لم يكن هذا المعنى المستبطن موجودا في ذلك الزمن حتى نقول انه يحمل عليه، بل ان هذا المستبطن انما صار من كثرة استعمال الفقهاء له. لذلك يمكن التمسك باطلاق النشوز. حينئذ حتى الحقوق التي بني عليها العقد إذا قصّرت صار بها من باب التقصير بالحقوق، فصار من باب النشوز، فلها احكام النشوز .

القسم الثالث من الحقوق الحق العام الذي هو الآداب العامة معه هل تشملها " عاشرهن بالمعروف او لا؟

غدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] نذكر في اوائل الدرس ذكرنا ان للرسول (ص) عدّة شخصيات: هو رسول، وهو نبيّ، وهو حاكم، وهو عرف عام، وهو من عرف خاص، وهو شخص له اموره الشخصية. " ولكم في رسول الله اسوة حسنة " بأي شيء؟ هل إذا كان يحب نوعا من الفاكهة يجب ان احب هذا النوع أيضا؟. والتساؤل ينطلق أنه من باب الشخص. وايضا في تقسيمه ابواب الحرم، عندما جعل هذا الباد لبني فلان وهذا لبني فلان. والتساؤل ينطلق من انه من باب الحاكم. هذه المسألة تنظيمية ولائية ترتيبية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo