< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة.

     سقوط النفقة بالنشوز.

     الدليل على السقوط: قاعدة تبادل الحقوق.

هل تسقط النفقة بالنشوز؟ ذكرنا الدليل الاول: وهو الاجماع وهو اهمّها.

الدليل الثاني: قاعدة تبادل الحقوق. واتمنى من بعضكم ان يحققها لانها قاعدة عرفية غير موجودة بين القواعد وغير محققة. مثلا إذا انشأنا عقدا، والعقد عبارة عن تبادل حقوق وآثار، فإذا انت قصّرت في أحد الحقوق هل لي الحق ان أقصّر انا؟ هل الآية: ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) [1] تشملها؟

طبعا لا يشمل الاحكام بلا شك، لذلك قلنا في مسألة الزواج والنكاح لا يسقط المهر مع تقصير الزوجة لانه حكم، لكن الحقوق كالتمكين منها والنفقة منه، هل تسقط الآثار بالمقابلة أو لا؟

إن قاعدة تبادل الحقوق التي ذكرناها تؤدي إلى ذلك فإن قصّر احد الطرفين يحق للآخر أن يقصّر. هذه القاعدة تامّة أو لا؟ دليلها؟ وجريانها؟ سعتها؟ ماذا تشمل هذه القاعدة؟

إذا قصّر احد الطرفين في حق، والحق يشمل حتى الشروط، إذا قصّر في عقد بيع او معاملة هل يحق للطرف الآخر أن يقصّر او لا؟

الجواب: في الاساس له الحق، قاعدة " اوفوا بالعقود " تشملها، والسبب في ذلك ان " اوفوا بالعقود " اللام عهدية ليست للعقود الماضية كما قد يذكر بعض الفقهاء، بل العهد عهد ذهني للماهية. " اوفوا بالعقود " يعني لزوم الوفاء بالعقد بكامل شروطه وشراشيره واحكامه العرفية إلا ما خرج بدليل. لذلك قلنا ان الملك امر عرفي اقرّه الشارع، ويلزم منه اقرار الشارع لوازم الملك العرفية واسبابه ومتعلّقاته العرفية، والاسقاط يحتاج إلى دليل. مثلا: الجهة تملك عند العرف والاسقاط لم يرد فإذن شرعا الجهة تملك. ومثلا: عند الناس الخمر يملك، جاء الشارع وقال الخمر لا يُملك، اسقط متعلّق البيع. وعند الناس القمار يُملك وجاء الشارع وأسقط هذا السبب. فكل الاحكام الثابتة للملكية تثبت إلا ما خرج بدليل.

بعبارة اخرى: عندما قال " اوفوا بالعقود " يعنى اوفوا بكل احكام العقود العرفية إلا ما سقط بدليل. ومن جملة اللوازم العرفية عند الناس أنه إذا هو لم يلتزم فلا يجب عليّ الالتزام بما عليَّ، انا لا اريد ان التزم.

إذن القاعدة: عندما قرّر الشارع أصل العقد يعني قرّر لوازمه وسقوط اللوازم هو الذي يحتاج إلى دليل. "اوفوا بالعقود" تدل على وجوب الوفاء الذي يدل باللازم على صحته، يدل على صحة كل عقد إلا ما خرج بدليل. بأطلاق " اوفوا بالعقود " بعمومها تشمل كل العقود وتدل على الصحة.

إذن العمل يكون على الكبرى والصغرى. أما الكبرى فهي ثبوت اللوازم العرفية؟ وأما الصغرى فهي ان هذه المسألة مصداق تلك الكبرى او لا؟ هل في العرف إذا انت قصّرت لي الحق أن اقصّر أو لا؟

هذا مختصر الكلام في هذه القاعدة: كبرى وصغرى. وتحتاج إلى تنقيح كثير.

هل من لوازم العقود قاعدة انه إذا قصّر طرف يحق للطرف الآخر التقصير او لا؟

ثالثا: إن قاعدة تبادل الحقوق التي ذكرناها لو تمّت تؤدي إلى ذلك فقد قصّرت معه بإعطائه حقه، فيحق له أن لا يؤديها حقها، من باب أن العقود بذاتها تتضمن باللازم تبادل الحقوق، والدليل عليها هو نفس الآية:( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فان نفس الأمر بالوفاء بها كما يدل على لزوم الوفاء بنفس العقد كذلك يدل على لزوم الوفاء بآثاره، ومن الآثار العرفية جواز الفسخ عند عدم الوفاء بالشرط [2] ، وهذا ما يسمّى بخيار الشرط.

غدا ان شاء الله نكمل.

 


[2] جواز الفسخ عند عدم الوفاء بالشرط في عقد النكاح؟ قالوا ان النكاح لا يقبل جواز الفسخ بأدلّة. لكن ذكرت ان قناعتي أن إطلاقات " اوفوا بالعقود " و " المؤمنون عند شرطهم " تشمله، عدم جواز الفسخ في عقد النكاح هو الذي يحتاج إلى دليل، وليس جواز الفسخ، جواز الفسخ من لوازم العقد العرفية، و" اوفوا بالعقود " تشمل النكاح وغيره مطلقا وإن إقرار الشارع للعقد العرفي إقرار بكل لوازمه، فالأصل ثبوت اللوازم العرفية، وبالتالي: عدم ثبوت اللوازم العرفية هو الذي يحتاج إلى دليل، وليس العكس، أي اتجاه الاستدلال لا بد أن يكون بمحاولة إيجاد دليل على إسقاط الخيار. وعلية: فيشمل حينئذ كل اللوازم ومن اللوازم خيار الشرط، وكل العقود فيها خيار الشرط وهذا لازم عرفي، إذن اسقاط خيار الشرط هو الذي يحتاج إلى دليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo