< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الرضاع.

الكلام في الرضاع قلنا انه لا يبعد وجود اصل لفظي من خلال ادلة حلية وتشريع واحكام الرضاع نستطيع ان ننتزع اصلا لفظيا: " ان كل رضاع له احكام الرضاع، كل رضاع ينشر الحرمة إلا ما خرج بدليل إذا تم الاصل اللفظي يتم حينئذ ثبوت كل الاحكام لمجرد ثبوت العنوان لان الاحكام تابعة لعناوينها، ولا تصل النوبة إلى الاصل العملي إلا مع عدم جريانه.

سؤال من احد الطلبة: من اين اتى الاصل؟

الجواب: عندما نقول من كتاب الله: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [1] هذا قرآن، او في الحديث: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " انا استطيع استنتاج عموما حينئذ وهو: " كل ما سمي رضاعا يحرم.

سؤال: الرضاع الشرعي هو الذي يحرم؟

الجواب: ليس هناك شيء اسمه رضاع شرعي. بل الرضاع الشرعي هو نفسه الرضاع العرفي أما الشروط فهي شروط في الحكم، بعبارة اخرى: لا يوجد حقيقة شرعية للرضاع.

مسألة: اللفظ العرفي إذا قيّدت احكامه بقيود وشروط شرعية هل خرج عن كونه عرفيا؟

والجواب: يبقى عرفيا وهو الصحيح ولا يخرج عن كونه عرفيا ولا يسمى حينئذ حقيقة شرعية، مثلا: النكاح هو امر موجود في اللغة وقبل الاسلام وبعده وفي الاسلام، هل يا ترى هناك حقيقة شرعية بمعنى ان الشارع له معنى خاص او وضع خاص او لا هو نفس المعنى العرفي الموجود عند الناس؟ كل ما في الامر ان الشارع تدخل في شروطه، يعني ان النكاح له آثار فهذه الآثار لا تتم إلا بشروط.

بعبارة اخرى: هل الشرط في الحكم يجعله دخيلا في المفهوم او انه يبقى خارجا عن المفهوم وكل ما في الامر هو شرط لترتب الآثار؟ المسألة بهذا الشكل لكنها مهمة جدا ومثال آخر: أني أسمع من يقول: الشهر الشرعي أو رمضان الشرعي الحق انه ليس هناك شيء يقال له شهر شرعي، إذ الفلك موجود قبل وبعد الشرع. الحقيقة الشرعية تحتاج إلى دليل، النقل من المعنى العرفي إلى المعنى اللغوي يحتاج إلى دليل.

لذلك فلنقل هل الشرط المأخوذ لتحقق حكم يجعله مأخوذا في الموضوع او لا ؟ هذا نتج عنه قاعدة مهمة ركزنها واسسناها وهي التالية: انه مجرد وجود لفظ في آية أو رواية معناها هو اللفظ العرفي وحينئذ مجرد تحقق اللفظ في مكان يعني تحقق مفهومه خارجا وكذلك تحقق لوازمه وشراشيره، لكن هذا لا يعني ابدا انه لو فرضنا اننا اشترطنا شيئا ما لتحقق الحكم او الاثر هذا لا يعني انه اصبح جزء من المفهوم، بل يبقى شرطا في تحقق الاثر.

ونذكر ايضا بالكلام الذي ذكرناه في مسألة الملكية، الملك مفهوم عرفي المملوك عرفا هو نفس الملوك شرعا نعم الشارع تدخل في اسبابه، في الحكم في الآثار، مثلا: قال ان القمار لا يورث، والقمار سبب من اسباب الملكية عرفا عند الناس لكن في الاسلام القمار ليس سببا أي ان الشارع تدخل في السبب، والتدخل في السبب ليس معناه تدخل في المفهوم، كذلك تدخل في الموضوع قال: ان الخمر لا يملك، وهذا لا يعني انه تدخل في مفهوم الملك.

مفهوم الملك واحد شرعا ولغة هو نفس المفهوم العرفي واللغوي ولذلك ذهبنا إلى ان الجهة تملك، فعند الناس جميعا ان الجهة تملك، البلدية تملك والجمعية تملك والدولة تملك، اسقاط الملكية يحتاج إلى دليل، وهنا وقع الخلل من بعض اجلاء الفقهاء من قبيل السيد الخوئي (ره) عندما قال ان الجهة يمكن ان تملك لكن لا دليل على ملكيتها . لكن نقول ان التوجه في الاستنباط غير صحيح يجب ان ابحث عن دليل على اسقاط الملكية لا على الملكية لانني نسبت الملكية إلى الدولة بنسبة عرفية صحيحة.

الشروط شروط لتحقق الاثر والحكم مثلا في عقد النكاح اشترطنا فيه الصيغة، وتحقق عقد بلا الصيغة يكون هناك عقد ولكنه باطل غير تام لا أثر له. تارة الشارع يتدخل في المفهوم يعني ان له مفهوم خاص كحقيقة شرعية وتارة يتدخل في شروط اثبات الحكم. وكمثال اوضح ياتي الطبيب ويقول ان الحليب تأخذه لكن بشرط ان يكون ساخنا ان الحليب لا يشفي إلا إذا كان ساخنا، فلو كان الحليب باردا هل يخرج عن كونه حليبا؟!إنه لا يخرج، لكن لا اثر له في الشفاء، هل للحرارة مدخلية في المفهوم، أي ان الحليب لا يكون حليبا إلا إذا كان حارا. هذا هو معنى الشرط الشرعي وهذا هو معنى الرضاع الشرعي، ومعنى الرضاع الشرعي انه لا يتحقق إلا بهذا المفهوم وبهذا الشرط. نقول: لا ان هذا شرط للحكم. الحليب لا يؤثر اثره إلا إذا كان حارا هذا شرط في الحكم، في الاثر، اما إذا كان حليب باردا فهو حليب لكن لا يؤثر اثره. وتأتي الثمرة عند الشك في ترتب الحكم، لا استطيع ان اقول: كل حليب ارتب اثره إلا ما خرج بدليل.

الشرط على قسمين: شرط في موضوع الحكم وشرط في متعلقه.

الشروط الشرعية في غير المنقول الشرعي، أي في العناوين العرفية، كالبيع والنكاح والرضاع والمعاملات الاخرى، والعبادات على القول بعدم الحقيقة الشرعية هي شروط مأخوذة من متعلق الحكم، ولا دخالة لها في موضوع الحكم. نعم ، لو كانت لها دخالة في موضوع الحكم لأدَّت إلى نقل اللفظ، وكان اللفظ حينئذ منقولا شرعيا.

والثمرة حينئذ تكون في تمامية إطلاق الموضوع، وبذلك نجري أصالة الاطلاق عند الشك وتحقق مقدمات الحكمة.

استطراد مهم اتمنى ان لا نعود اليه مرّة اخرى. غدا نكمل الشروط الاخرى للرضاع.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo