< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     ذكر كلام صاحب الجواهر في عدم صحة روايات العشر.

     الاستدلال على القول بكفاية الرضعة الواحدة، بل القطرة الواحدة.

     الاشارة إلى توثيق محمد بن سنان.

     سرد روايات الرضعة الواحدة.

نكمل الكلام في شروط الرضاع وعدد الرضعات المحرّمة التي تنشر الحرمة. قلنا ان الروايات على عدة طوائف، وهي مختلفة، بين ما يدل على كفاية القطرة الواحدة وبين سنة كاملة، وبين خمس، وتسعة، وعشرة، والخمس عشرة والاكثر من عدد الرضعات، واستفاد بعضهم من بعض روايات العشرة الاحدى عشرة رضعة بالدلالة الالتزامية غير البيّنة. فالروايات متعارضة.

وكما ذكرنا امس عندما قرأنا كلام صاحب الجواهر ان هناك تعارضا في نقل المشهور أيضا، العلامة نفسه ذكر ان الاشهر هو عشر رضعات، ويقول في التذكرة ان الاشهر خمس عشرة رضعة.

قال في الجواهر: بل اختلف كلماتهم في الأشهر من القولين، ففي المختلف والمنتصر وغاية المرام ونهاية السيد ان العشر هو قول الأكثر، وفي الروضة أنه قول المعظم، وفي التذكرة وزبدة البيان والمفاتيح أن المشهور هو الخمس عشرة، وعزاه في كنز العرفان إلى الأكثر، وفي كنز الفوائد إلى عامة المتأخرين، وفي المسالك إلى أكثرهم، قال: " وأكثر

القدماء على القول بالعشر " ورفع بذلك التنافي بين كلامي العلامة في المختلف والتذكرة قلت: الانصاف أن شهرة الخمس عشرة عند المتأخرين محققة، وأما القدماء فإنه وإن ذهب كثير منهم إلى العشر...

المحقق في الشرائع يقول ( اصحهما انه لا يحرم ): ويكمل صاحب الجواهر: ومع هذا ( أصحهما ) سندا ( أنه لا تحرم ) وأظهرهما دلالة، بل لا صحة في رواية العشر، ضرورة كون العمدة فيها الرواية الأولى، وفي طريقها محمد بن سنان الذي ضعفه الشيخ والنجاشي وابن الغضائري، وقال: إنه غال لا يلتفت إليه، بل روى الكشي فيه قدحا عظيما، بل عن ابن شاذان أنه من الكذابين المشهورين، على أنها مختلفة المتن، فاسدة الحصر، متروكة الظاهر، إذ هي على ما حضرني من نسخة الوافي مروية عن التهذيب عن ابن محبوب عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن حريز عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا يحرم من الرضاع إلا المجبورة، أو خادم أو ظئر قد رضع عشر رضعات يروي الصبي وينام " وعنه أيضا عن الثيملي عن النخعي عن حريز عن الفضيل بن يسار عن البصري قال: " لا يحرم من الرضاع إلا ما كان مجبورا، قلت: وما المجبور؟ قال: أم مربية أو لم ترب أو ظئر تستأجر أو خادم يشتري أو ما كان مثل ذلك موقوفا عليه " وعن الفقيه عن حريز عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " لا يحرم من الرضاع إلا ما كان مجبورا ، قلت: وما المجبور؟ قال: أم مربية أو ظئر تستأجر أو خادم تشترى " وعن بعض نسخ الفقيه " المحبور " بالحاء المهملة، وهو مع حذف العشرة منه جعل " المحبور " فيه صفة للرضاع، وفسره بإحدى النسوة الثلاث، وفي الأولى من روايتي التهذيب جعل الخادم والظئر مقابلين للمجبورة. [1]

والخلاصة ان روايات العشرة متعددة متنا لذا تصبح اوهن، وثانيا ان في متنها محمد بن سنان.

سنذكر ان محمد بن سنان ليس كما قالوا انه ضعيف، سنعتبره ونوثقه، رجل جليل رغم القدح الشديد من بعض علماء الرجال وسنردّ على اشكالاتهم، نعم رواياته سنعبّر عنها بالمقبولة بالاصطلاح الذي انا ذكرته وليست بالصحيحة، والمقبولة في هذا الاصطلاح يشمل ما خدش به الآخرون حتى بلغ حدّ الشهرة وقامت المؤيدات عندنا على الاطمئنان باعتباره.

اما القول بكفاية الرضعة الواحدة أو القول بالقطرة الواحدة:

ما يمكن ان يكون دليلا عليه هو الروايات:

ح 10 - وعنه، عن محمد بن عبد الجبار، عن علي بن مهزيار، عن أبي الحسن عليه السلام انه كتب إليه يسأله عما يحرم من الرضاع فكتب عليه السلام قليله وكثيره حرام.

أقول: حمله الشيخ على ما إذا بلغ الحد الذي يحرم فان الزيادة قلت أو كثرت تحرم قال: ويجوز أن يكون خرج مخرج التقية لأنه موافق لمذهب بعض العامة انتهى ويمكن حمله على الكراهة وعلى تحديد كل رضعة فإنه ان رضع قليلا أو كثيرا فهي رضعة محسوبة من العدد بشرط ان يروى ويترك من نفسه لما يأتي.

من حيث السند: معتبر.

من حيث الدلالة: أن المعاني التي حمل عليها الشيخ الطوسي بان المراد من الزيادة والنقيصة والكثرة والقلّة ما بعد الحدّ، أو ما فسّره الحرّ بان المراد من القلّة والكثرة وصف للرضعة الواحدة وكانه قال: الرضعة الواحدة سواء كانت قليلة أو كثيرة فهي حرام. نقول: إن هذين المعنيين بعيدين عن ظاهر الحديث ولا دليل عليهما، بل هما بتبرع وتحكّم.

ح 12 - وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: الرضعة الواحدة كالمأة رضعة لا تحل له أبدا. أقول: حمله الشيخ على ما تقدم في حديث علي بن مهزيار واستشهد للتقية بكون طريقه رجال العامة والزيدية، ويحتمل الكراهة. [2]

من حيث السند: ضعيف.

من حيث الدلالة: النص واضح بتحريم الرضعة الواحدة. لكن حمله الشيخ على التقية او الكراهة.

ح 8 - وعنه، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: ان بعض من مواليك تزوج إلى قوم فزعم النساء ان بينهما رضاعا قال: أما الرضعة والرضعتان والثلاث فليس بشيء إلا أن يكون ظئرا مستأجرة مقيمة عليه. [3]

من حيث السند: في السند موسى بن بكر لم يوثق لكن نحن قد وثقناه بأدلّة، ويكفي فيه ان صفوان بن يحيى روى عن موسى بن بكر حيث قلنا ان القاعدة ان صفوان لا يروي إلا عن ثقة ثابتة.

من حيث الدلالة: الكلام في الدلالة، إذ كونها مقيمة عليه تدل على الاستمرار.

غدا نكمل ما يمكن ان يستدل به على كفاية الرضعة الواحدة، ثم نختار ونحقق في المسالة، وسنختار الخمس عشرة رضعة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo