< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     الفرق بين المجوسية من جهة واليهودية والنصرانية من جهة أخرى.

     الاشكال على صاحب الجواهر. ترتفع الكراهة في اليهودية والنصرانية منع منعها من شرب الخمر واكل لحم الخنزير وما لا يحلّ.

في الارضاع حتى تكون الامور واضحة ولا تختلط العناوين مع بعضها فلنفصل:

اما المسلمة الوضيئة العفيفة، فهناك روايات واضحة في استحباب ارضاعها. واما غير المسلمة او غير العفيفة: الغير المتدينة الفاسقة، والزانية، والحرّة والامة. هذه ميز هناك فرق بينها، ثم هناك من جهة اخرى غير المسلمة كاليهودية والنصرانية والمجوسية أهل الكتاب والكافرة غير الكتابية والملحدة.

انتزاع قاعدة عامة من كون الرضاع يؤثر في البدن: ذكرنا اليهودية والنصرانية وقلنا انه يجوز استرضاعهما لكن يمنعها من شرب الخمر واكل لحم الخنزير وكأن هناك شيء يؤثر بالبدن وقلنا ان الحليب يغير الطباع، وقلنا ان هناك قاعدة عامة ان الحليب يعدي، والطفل على ما يشب عليه وفي رواية يغيّر الطباع. معنى هذه الروايات انه يجب ان نلاحظ كما في الرواية " استرضعوا لابنائكم كما تختاروا لنطفكم " اي لها الاثر التكويني، اما الامور الاخرى فتعبديات.

عن الجواهر [1] : ( و ) من هنا قال المصنف وغيره: إنه ( لا ) ينبغي أن ( تسترضع الكافرة )

" لا ينبغي " غير ظاهرة في التحريم بل في الكرهة في الرواية الصحيحة: عبد الرحمان بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام " هل يصلح للرجل أن ترضع له اليهودية والنصرانية والمشركة ؟ قال: لا بأس وقال: امنعوهن من شرب الخمر " فلا تقدح نجاسة اللبن حينئذ. اين تظهر الكراهة ؟!.

( و ) لكن لا ريب أن الأولى عدمه إلا ( مع الاضطرار ) ، بل الذي ينبغي معه أن ( تسترضع الذمية ويمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ) قال عبد الله بن هلال: " سألت الصادق عليه السلام عن مظائرة المجوسي ، قال : لا ، ولكن أهل الكتاب " وقال: " إذا أرضعن ، لكم فامنعوهن من شرب الخمر " وقال : أيضا في خبر سعيد بن يسار: " لا تسترضع للصبي المجوسية ، وتسترضع له اليهودية والنصرانية ، ولا يشربن الخمر ويمنعن من ذلك " وقال الحلبي " سألته عن رجل دفع ولده إلى ظئر يهودية أو نصرانية أو مجوسية ترضعه في بيتها أو ترضعه في بيته ، قال : ترضعه لك اليهودية والنصرانية في بيتك وتمنعها من شرب الخمر وما لا يحل مثل لحم الخنزير ، ولا يذهبن بولدك إلى بيوتهن ، والزانية لا ترضع ولدك ، فإنه لا يحل لك ، والمجوسية لا ترضع ولدك إلا أن تضطر إليها ".

" إلا ان تضطر اليها " هل يرجع الضمير إلى الكل حتى اليهودية والنصرانية او عود إلى المتأخر كما ذكرنا في درس علم الاصول في مباحث الالفاظ ان الاستثناء إذا كان موجودا من عدّة مستثنيات فهل يعود للمتأخر فقط أو يشمل الجميع ؟ وجعل استثناء الاطرار للجميع خلاف الظاهر، هناك عدة مستثنيات.

دلالة لا يحل لك على التحريم: وذلك في الزانية إلا ان يقال إن التحريم في هذه الرواية موهون اي هناك ظهور مضعف بسبب جعلها مع امور اخرى غير حرام، ووجود مستحب يقيني يوهن الظهور في الوجوب إذا كان الجميع في سياق واحد ورواية واحدة.

نكمل كلام الجواهر: وربما كان ظاهر النص والفتوى الوجوب تعبدا أو شرطا في جواز الاسترضاع ، فليستأجرها

مشترطا عليها ذلك إن لم تكن أمة له كي يتوجه له المنع،.......

( و ) كيف كان فيستفاد من خبر الحلبي المزبور : أنه ( يكره أن يسلم إليها الولد لتحمله إلى منزلها ).[2]

هذه الكراهة من اين اتت؟ ظاهر الرواية النهي والنهي ظاهره في الحرمة. لكنه يقول ان هكذا روايات مبتنية على محاولة الاطمئنان بطيب لبن الطفل، لذلك لا يكون الرضاع في بيتها تعبدا محضا بل هو من باب الاطمئنان إلى طيب اللبن وحتى لا تشرب الخمر سرا عنه والرواية ارشادية إلى الفرد الاكمل. يمكن استفادة شيء حينئذ، وهو ان القاعدة التي ذكرناها واستنتجناها من كون اللبن يؤثر في الطباع وفي التركيبة البدنية او النفسية، ومع الالتفات إلى قوله (ع) : " وتمنعها من شرب الخمر وكل ما لا يحلّ مثل لحم الخنزير" أن هذه الامور المحرّمة كلحم الطير الحرام او السباع او الشراب المحرّم كالعصير العنبي إذا غلا من دون ذهاب ثلثيه، او غير ذلكيظهر من ذلك اثره السلبي في بدنه أو طباعه.

الاضطرار يرفع حكم الكراهة عن المجوسية: وباعتبار رجوع الاستثناء إلى الاخير ، نستظهر كراهة استرضاع المجوسية إلا مع الاضطرار. اما اليهودية والنصرانية فلا كراهة فيهما مع منعهما من شرب الخمر واكل ما لايحل كأكل لحم الخنزير. وبهذا تختلف اليهودية والنصرانية عن المجوسية فان عنوانهما لا يكره بمجرده.

اختلاف المجوسية عن اليهودية والنصرانية: والخلاصة اختلافهما في نقطتين: الاولى: ان نفس العنوان موضوع للكراهة في المجوسية إلا مع الاضطرار، بخلاف اليهودية والنصرانية.

الثانية: يشترط في اليهودية والنصرانية امتناعهما عن شرب الخمر واكل ما لا يحل كلحم الخنزير ولا كراهة في البين. وبهذا يظهر الاشكال في كلام صاحب الشرائع حيث قال: " ومع الاضطرار تسترضع الذمية ويمنعها من شرب الخمر واكل لحم الخنزير.

وبالنتيجة: " ومع الاطرار" في الحرمة لا اطرار، نعم في الكراهة ترتفع الكرهة حينئذ.

غدا ان شاء الله نبحث الزانية وبنت الزنى، حليب الزنا.

 


[1] بين الهلالين هو كلام المحقق الحلي في الشرائع، وما بينهما كلام صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن النجفي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo