< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     استرضاع الزانية وبنت الزنى.

     عدم حرمة الاسترضاع.

     الكراهة وهي آخر سلّم المرضعات.

     سلّم المرضعات بحسب الروايات: المسلمة العفيفة الوضيئة اليهودية والنصرانية، أهل الكتاب المجوسية الكافرة الزانية وبنت الزنى.

في الارضاع إذا قلنا ان الروايات في الزانية سواء كانت ولد الزنا او الحليب من الزنا وردت الروايات وما هو الظاهر منها الحرمة، وقلنا ان هناك اشارة وليس استنباط احكام، إلى الجواب عن السؤال التالي: هل الامور الاعتبارية تأثر في التكوين؟ إن هذه التعبيرات " يطيب لبنه " في التحليل

ط ليطيب اللبن " و " يغيّر الطباع "، هل ربنا جعل هذا الكلام سببا لتطييب واقعي، هناك اشارة بهذا الشيء. [1]

يبقى شيء ان هذه الروايات في الزانية وبنت الزنى ظاهرة في الحرمة " لا يحلّ " ، نعم هناك رواية الوسائل:

ح 2 - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنا. الحديث. ورواه الصدوق كما مر. [2]

من ناحية السند: اعلائي.

من ناحية الدلالة: " أحب " على وزن افعل وظاهرها التفضيل. وهي لا تدل على الكراهة، ويحتمل فيها امران: الاول انها تدل على الجواز فتنفي حينئذ الحرمة. "احب" كلاهما طرف التفضيل، والتفضيل فيه اشتراك بين الطرفين فكلاهما محبوب لكن الواحد افضل من الآخر. والامر الثاني المحتمل: هو ان افعل التفضيل احيانا المراد منه بيان اصل الشيء. فـ " احب " حينئذ تدل على شيء آخر وهو انه إذا اردت ان ترضع ارضع حلالا وليس حراما. هذا المعنى ممكن لكنه خلاف الظاهر. عندما اقول: " احب الي " يعني انه يجوز. بل يشترك الطرفان في الحب، مع زيادة في المفضّل.

هذه الرواية، وهي بسند عالي الاعتبار، صالحة لان تكون دليلا على رفع ظهور الروايات الاخرى في الحرمة وحينئذ تدل على الكراهة بقرينة هذه الرواية، أي ان هذه الرواية تكون قرينة منفصلة، فلا تدل تلك الرواية على الحرمة. نعم هناك تراتبية الافضل العفيفة والوضيئة المسلمة، ثم نصل إلى النصرانية واليهودية والمجوسية ثم نصل إلى بنت الزنى.

الكافرة وأهل الكتاب: بقي عنوان وهو عنوان الكافرة وعنوان أهل الكتاب، كلمة أهل الكتاب وردت في بعض الروايات واكثرها صحيح، فإذن يجوز استرضاع الكتابية لكن بشروط ذكرت وهي منعها عما لا يحلّ كاكل لحم الخنزير وشرب الخمر وغير ذلك..

اما الكافرة فقد يقال بكراهة استرضاعها بالاولوية، من باب الاولى إذا كان استرضاع المجوسية مكروه فمعناه ان استرضاع الكافرة من باب الاولى مكروه. ونقول: ان هذه الامور تحتاج إلى كواشف، فمن خلال النصوص والروايات علمنا ان الكتابية تمنع من شرب الخمر واكل لحم الخنزير وغيره مما لا يحل. إن الاولوية هي من باب مفهوم الموافقة وهو قوي جدا، وحجة عند الجميع، لكن هذه الاولوية تحتاج إلى منشأ وهو بالدقة معرفة مناط الحكم، بحيث هذا المناط أقوى في المقيس من المقيس عليه. ففي مثال: " ولا تقل لهما أف " ننتقل إلى عدم جواز أذية الوالدين بامور أخرى أصعب باستكشاف المناط، وهو أضعف ما يكون في قول الولد لها " أف " ويكون المناط في غير ذلك أقوى. وهنا، يمكن استكشاف الاولوية من استكشافنا من الروايات أن جعلنا اختلاف العقيدة يؤثر في اختلاف اللبن مما يؤدي إلى تغيّر في الطباع وغير ذلك، اي اختلاف العقيدة يجعل هناك اختلافا بالبدن، فحينئذ نقول: إن الكفر ادون انواع العقائد فيؤدي إلى اسوأ اصناف اللبن.

إلا ان يقال ان الافضلية بلحاظ تعاطهن المحرمات كما هو ظاهر في متن الرواية، التي لها اثر في الجسم بلا شك، شرب الخمر له اثر واكل لحم الخنزير وما لا يحل له اثر في البدن، فمعنى ذلك ان اي امرأة منعت من هذه المحرمات ترتفع الكراهة او ترتفع الحرمة.

نحن نشير اشارات بعد ما ثبت ان اللبن يغير الطباع هل انه نشأ من امور واقعية في البدن او لا ؟

هذه التراتبية التي لاحظناها من الروايات: المسلمة العفيفة الوضيئة، ثم اليهودية والنصرانية، ثم أهل الكتاب، ثم المجوسية، ثم الكافرة، ثم بنت الزنى ولبن الزانية، هذه التراتبية ما هو سببها في الاسترضاع هل للاثر التكويني؟ وكأنه هناك اثر تكويني والله العالم.

بعد ان انهينا موضوع الرضاع، الرضاع باكمله جائز كلها لكن هناك تراتبية في الاسترضاع، تحريم؟ لم نجد محرما بسبب الروايات التي تدل على الجواز باطلاقها. بقية احكام الرضاع ان شاء الله غدا نكمل.


[1] اشار السيد الاستاذ إلى اشارات اخرى في جواب من سأل بأن الاعتباريات لا دخل لها في التكوين. حيث أفاد إلى أن الأصل عدم الدخالة، لكن ورد ما يشير إلى ذلك، كرواية " الصدقة تدفع البلاء "، إذ ما العلاقة بين الصدقة ودفع البلاء، وورد ايضا أن صلاة الليل تزيد في الرزق وهكذا فان فيها إشارة إلى ان التشريع له أثر تكويني.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo