< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الأصول/ مباحث الألفاظ /مقدمات/ المبادئ التصورية والمبادئ التصديقية

في المقدمات السابقة ذكرنا الفرق بين مقدمات العلم ومقدمات الكتاب، وذكرنا الفرق بين المسألة والقاعدة.

وكمقدمة نذكر تعريف المبدأ التصوري والمبدأ التصديقي. ما معنى المبادئ التصورية والتصديقية. هذه الكلمات سنراها كثيرا ونتداولها في دروسنا في المستقبل. المصطلحات أمر مهم.

المبدأ التصوري: هو ما ينفعني في وضوح الرؤية،فهي كل أمر مسلم ينفع في تصور موضوع العلم وتعريفه او رسم العلم أو حدّه، وجزئيات الموضوع والمحمولات على الموضوعات وكل ما يفيد في تصور المسألة وقضايا العلم، التي هي نفس مسائله.

سأعطي مثلا في علم النحو: موضوع علم النحو الكلمة من حيث البناء والإعراب، يقول ابن هشام في قطر الندى: الكلمة قول مفرد. الكلمة موضوع العلم عرفها بالقول المفرد. ثم بعد ذلك بيَّن معنى القول: فيقول: القول لفظ دال على معنى. ثم يعرف اللفظ: هو الصوت المشتمل على بعض الحروف.

اين هو المبدأ التصوري؟.

نقول: موضوع علم النحو: هو الكلمة، من حيث البناء والإعراب[1] فالكلمة الموضوع. تعريف الموضوع هو قول مفرد، بيّن القول وقال هو لفظ، تعريف اللفظ هو الصوت المشتمل على بعض الحروف.[2]

هذا التعريف للفظ ينفعني في تصور معنى الكلمة، تعريف القول هو اللفظ الدال على معنى مقابل المهمل، فقد أعانني في فهم معنى الكلمة.

إذن هذان التعريفان مبدأ تصوري لعلم النحو. كل ما ينفعني في فهم الموضوع وفهم المحمولات والمحمول في فهم المسألة والقضية في التصورات، كل ما ينفع في التصور نسميه مبدأ تصوريا.

المبادئ التصديقية: هي كل ما يفيد في إثبات المسألة والنتيجة التصديق بها،فإذا كان التصوري هو ما ينفع في تصور المسألة موضوعا ومحمولا وقضايا، فالمبدأ التصديقي ما ينفعني في إثباتها أيا كان، سواء كان أمرا عقليا أو رواية نقلية آية، بيت شعر كل ذلك، نسميه مبدأ تصديقيا.

مثلا: في علم النحو، هناك مسألة هل يجوز تقديم خبر ليس عليها أو لا؟ في المثال:" ليس زيد عالما " هل استطيع أن أقول" " عالما ليس زيد " تقديم خبر ليس، هذه من مسائل علم النحو.

القضية: " ليس " هل يجوز تقديم خبرها عليها؟. موضوع المسألة كلمة احد جزئيات الكلمة فالموضوع هو " ليس " . محمولها" يجوز تقديم الخبر عليها "، لم تثبت، إذن هي مسألة.

لإثبات المسألة استفدنا من قوله تعالى" ﴿ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنه﴾ ". استدلوا بهذه الآية. أن العذاب " ليس مصروفا عنهم ". وذلك بأنهم قالوا: إن " مصروفا " هو خبر " ليس " واسم ليس محذوف، " يوم " ظرف متعلق بالخبر مصروفا. الظرف المتعلق هو المتقدم على ليس، المتعلق هو المتقدم وليس الخبر. فاستعانوا بمقدمة عقلية أخرى هي الأولوية، قالوا: وتقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل.

والرد عليه: أنهم توسعوا بالظروف ما لم يتوسعوا في غيرها.[3]

لاحظوا بماذا استعنا، استعنا بالآية في إثبات المسألة، واستعنا بحكم عقلي وان كان في الاعتبارات، جواز تقدم المعمول على العامل، والذين ردوا على ذلك استعانوا بمسألة أنهم " توسعوا في الظروف ما لم يتوسعوا في غيرها ". هذه الأمور الثلاثة. الأول الآية القرآنية " إلا يوم يأتيهم ".

استعنا بهذه الأدلة لإثبات المحمول للموضوع، إثبات جواز تقدم خبر ليس عليها، هذه الأمور التي كانت في الأخذ والرد في مقام الاستدلال نسميها المبادئ التصديقية.


[1] حتى لا تختلط بالكلمة من حيث معناها الذي هو موضوع علم اللغة وحتى لا تختلط بالكلمة من حيث بنائها الذي هو ممنوع الصرف أو الكلمة من حيث معناها الذي هو موضوع علم اللغة.
[2] لأنه إذا قلنا عدّة يعني اكثر من واحد، واللفظ قد يكون حرفا واحدا " كاللام " حرف واحد وهي لفظ.
[3] كان ابن عنين يشكو زمانه قال: كأني من أخبار إن ولم يجز له احد في النحو أن يتقدما. فأجابه آخر: فلو كنت ظرفا يا بن عنين واسعا لجاز لك التقديم فرضا محتما. فأجابه ابن عنين: عسى حرف جر من نوالكم يجرني إليكم فأغدوا في ذراكم مقدّما. ثانيا: حكم العقل بالأولوية وجواز تقدم المعمول، لان العامل أقوى من المعمول، فإذا المعمول الضعيف تحركنا فيه فكيف العامل الذي هو أقوى. ومسألة التوسع في الظرف ما لم يتوسع في غيرها. هذه الأمور الثلاثة مبادئ تصديقية ليس برهانا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo