< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/مقدمات /موضوع كل علم / تقسيم العوارض
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 قلنا أنهم قسموا العوارض إلى سبعة: عارض من دون واسطة، وعارض بواسطة الأخص، وعارض بواسطة المباين، وعارض بواسطة المساوي، وبواسطة الأعم، المساوي اثنان والأعم اثنان. المساوي تارة جزء وتارة خارج، والأعم تارة جزء أعم كالحيوان بالنسبة للإنسان، وتارة خارج الأعم مثل الماشي.
 ذكرنا أمس وقلنا أن أكثر مسائل العلوم من القسم الرابع عندما تعرض المحمولات الطوارئ، العوارض على الجنس بواسطة النوع. اتفقوا على أن العارض بدون واسطة ذاتي، والعارض بواسطة الجزء المساوي أيضا ذاتي، فإذن الداخل المساوي وبدون واسطة ذاتي. واتفقوا أيضا أن ما كان بواسطة المباين وبواسطة الخارج الأعم غريب، واختلفوا في ما كان بواسطة المساوي الخارج والأعم أي هذه الأقسام الثلاثة هل هي من العوارض الذاتية أو الغريبة.
 واشتهر على أن القسم الرابع من العوارض الذاتية، وذلك أن عارض النوع والفصل عارض للجنس، مثلا عندما يعرض الشيء على إنسان فقد عرض على الحيوان، عرض الظلوم على الإنسان في قوله تعالى " وكان الإنسان ظلوما " فقد عرض على الحيوان.
 وأكثر مسائل العلوم من هذا القبيل.
 إذن أن القسم الرابع هو العارض على الكلي بواسطة جزئيه، عروض على العام بواسطة الخاص. في علم النحو مثلا نقول: الفاعل مرفوع، المفعول به منصوب المضاف إليه مجرور إلى آخره، الجامع بينها هو موضوع العلم ، فعندما نقول: الفاعل مرفوع، الرفع عرض على الفاعل فعرض على الجامع الذي هو موضوع العلوم بواسطة الفاعل، أي عرض على " الكلمة "، على الأعم بواسطة الأخص، عرض على الكلي بواسطة الفاعل. ولذلك اشتهر بينهم أن القسم الرابع هو من العوارض الذاتية، وإلا لو اعتبروا أن هذا القسم ليس من العوارض الذاتية لخرجت معظم مسائل العلوم عنها، وهذا ما لا يمكن الالتزام به.
 وكمثال في علم الأصول خروج مباحث الألفاظ، مثلا: صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، الظهور في الوجوب عارض على صيغة الأمر، هذه مسألة أصولية، الموضوع صيغة الأمر،الظهور في الوجوب هو المحمول. عندما عرض الظهور في الوجوب على صيغة الأمر أي عرض على موضوع علم الأصول الذي هو الأدلة الأربعة، فعرض على السنة وعلى الكتاب، فمن خلال صيغة الأمر عرض على الكتاب الذي هو أعم من الصيغة وأشمل، ومن خلاله عرض على السنة أيضا.
 ثم الإشكال في القسم الخامس: الذي هو العروض بواسطة الجزء الأعم بعكس الرابع، يلزم منه خروج الكثير من مسائل العلوم أيضا إذا لم نعتبره ذاتيا، مثلا: في علم الأصول نفس مباحث الألفاظ مثلا صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، فالظهور في الوجوب عرض على صيغة الأمر، صيغة الأمر أعم من الكتاب لأنها موجودة فيه وفي الأدب وفي المعلقات، وكلام العرب وغير العرب، وطبقته على الكتاب فعرض على الأخص بواسطة الأعم، ذلك أني عندما درست صيغة الأمر درستها عند العقلاء، لذلك صاحب المعالم عندما استدل على صيغة الأمر أنها ظاهرة في الوجوب، قال: لو أن الآمر أمر عبده أن يفعل كذا فلم يفعل لعدّ عاصيا عند العقلاء. عدّ عاقلا عند العقلاء والأمر سواء كان بالقرآن أو غيره، فعرض على القرآن بواسطة كلام العرب الذي هو أشمل من القرآن.
 فإذن نستطيع أن نقول أن الإشكالات على المشهور ناشئة من مجموع أمرين:
 الأول: الالتزام باختصاص مسائل العلوم فيما يبحث عن عوارضه الذاتية دون الغريبة.
 الثاني: أن لا تكون عوارض الجنس ولا عوارض النوع ذاتية.
 ولا دليل على هذين الالتزامين الذي التزم بهما، كما ذكر ذلك السيد الخوئي (ره) في تقريرات الفياض.
 ونزيد أيضا هنا إشكالا على المشهور وهو: مسألة المباين، فإن كثيرا من مسائل العلوم يعرض المحمول على الموضوع بواسطة المباين، وهذا المباين اتفقوا على كونه غريبا وليس ذاتيا، مثاله في علم النحو: إذا قلت مررت بزيدٍ. قال النحاة " زيدٍ " مجرور علامة جره الكسرة، وسبب جره حرف الباء، هذه المسألة الاسم إذا سلط عليه حرف الجر صار مجرورا، الجر عرض على الاسم المجرور بواسطة الباء، والباء أمر مباين كليا لزيد.
 العوامل في النحو تارة مباينة وتارة تقوم بها مثلا: المبتدأ والخبر، زيدٌ قائمٌ. قالوا ماذا يرفع المبتدأ، الابتداء وكونه مبتدأ، فالابتداء ليس مباينا لزيد بل متلبس به، هو خارج لكن أعم، لأنه تارة يبدأ بزيد وأخرى بغير زيد.
 أحيانا يكون عامل الرفع أو الجر أمرا مباينا وأحيانا أمرا متلبسا به أعم منه من العوارض الخمسة، من قبيل الماشي بالنسبة للإنسان، خارج أعم. على هذا قسم من علم النحو بناء على هذه التفسيرات خرج عن علم النحو.
 هنا صاحب الكفاية (ره) قال أن تعريف المشهور لا ينفعنا، هو التزم بأنه لا بد لكل علم من موضوع، لأن الواحد لا يصدر إلا عن واحد. هذه القاعدة التزم بها مطلقا، ومع ما ذكروه من خروج مسائل العلم في القسم الرابع والخامس واختلفوا فيه، واختلفوا في مسائل الخارج، الجزء الأعم والمساوي الأخص، وجد أن هناك مشكلة في أن كثيرا من مسائل العلوم تخرج.
 أبقى صاحب الكفاية على التزامهم بأنه لا بد لكل علم من موضوع، وأبقى على تعريفهم للموضوع وهو ما يبحث عن عوارضه الذاتية، ولكنه عدل في معنى الذاتي، من المصطلح المشهور إلى مصطلح خاص به حيث قال: أي بلا واسطة في العروض.
 
 
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo