< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/11/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الاستاذ
 الوضع شخصي ونوعي
 قسمنا الوضع إلى عدّة تقسيمات:
 فبلحاظ كيفية تحقق الوضع ينقسم إلى تعييني وتعيُّني، وبلحاظ المعنى الموضوع له وتصوره إلى الأقسام الأربعة المذكورة، وبلحاظ اللفظ الموضوع قسِّم إلى شخصي ونوعي.
 فأما الشخصي فهو وضع اللفظ المتصور بنفسه وذلك مثل: زيد ورجل.
 وأما النوعي فهو وضع اللفظ المتصور ضمن غيره كوضع الهيئات والمواد وذلك في المشتقات والافعال، فإن الهيئة لفظ لا يمكن تصوره إلا في ضمن مادة، والمادة لفظ لا يمكن تصوره إلا في ضمن هيئة، فكلمة " ضارب " تشتمل على الهيئة الموضوعة للفاعلية " فاعل " وعلى المادة " ضَ رَ بَ " الموضوع لحدث الضرب.
 تقرير الطاب
 الوضع شخصي ونوعي
 كان الكلام في تقسيم الأوضاع والوضع، كما كل التقسيمات، كل تقسيم كما درسنا في المنطق يحتاج إلى مقسم وإلى لحاظ يقسم الأمور بحسبه وأن تكون الأقسام غير متداخلة.
 الوضع بلحاظ كيفية الوضع ينقسم إلى قسمين: تعييني وتعيني. ولاحظت بعض الفضلاء أنه ينقسم بلحاظ الموضوع أو الموضوع له، فالتعييني والتعيّني لا علاقة له لا بالمعنى ولا باللفظ، له علاقة في كيفية حصول الوضع.
 وبلحاظ الموضوع له وكيفية تصوره إلى الأقسام الأربعة أو التي قلنا أنه يمكن أن تنتهي إلى أكثر من ذلك، وهذه الأربعة ليست بلحاظ الموضوع له كما هو عند بعض من قال بذلك، بل هو بلحاظ الموضوع له وكيفية تصوره، لأن الوضع عبارة عن عملية حملية، فمع القول بلحاظ الموضوع له تخرج الوضع العام أي التباين بين المتصور والموضوع له، وبتعبير آخر بلحاظ الموضوع له وكيفية تصوره.
 أما بلحاظ اللفظ الموضوع وليس بلحاظ نفس المعنى فينقسم إلى شخصي ونوعي.
 عملية الوضع عملية حملية هي علاقة بين اللفظ والمعنى، فلا بدّ من تصور اللفظ والمعنى. فبلحاظ المعنى تقسيمات وبلحاظ اللفظ تقسيمات. وكما ذكرنا أن كل شخص يمكن تصوره بنفسه ويمكن تصوره بأمر حاك عنه أو بوجهه، فبلحاظ اللفظ الموضوع بغض النظر عن المعنى الوضع: شخصي ونوعي.
 تارة يتصور بنفسه ولا يحتاج إلى أمر آخر وهو أكثر الأوضاع كالأعلام والاجناس، هنا تصورت اللفظ بنفسه ووضعته لمعناه، أما في النوعي هناك لفظ لكنه لا يمكن تصوره إلا من ضمن لفظ آخر، وهو وضع الهيئات والمواد في المشتق كقولنا " ضارب " وفيها لفظان لا يستقلان في التصور، لفظ يدل على الفاعلية تدل على نسبة الشيء إلى فاعله، ولفظ آخر وهو المادة التي تدل على نفس الحدث، " ضَ رَ بَ " بهذا الترتيب.
 أما الهيئة فهي دالة على نسبة حدث إلى فاعله أو مفعوله إلى زمن أو آلة، كمفتاح، مفعال، أو مكان كمشرق ومغرب، لذلك كانت الهيئات معاني حرفية لأنها تدل على نسبة أمر إلى أمر، فهي معنى حرفي وذكرنا أن المعنى الحرفي هو كل ما دل على معنى رابط وآلي وليس خصوص الحروف بالمعنى الاصطلاحي كـ " في " و " من " و " على " فالهيئات معنى حرفي تدل على نسبة الحدث إلى ...، ولذلك " إفعل " تدل على نسبة طلبية طلب هذا الفعل " صل " طلب الصلاة نسبة الطلب من آمر إلى حدث، وليس على الطلب ولا تدل على الوجوب لأنه معنى اسمي، فهناك أمر ومأمور به. هي معنى حرفي فيأتي الكلام في الثمرة التي ذكروها في الهيئات بأن الهيئة يمكن أن تقيَّد أو لا؟ لو تمت هي ثمرة كبيرة.
 فإذا كان الموضوع له جزئيا، والجزئي لا يقيَّد كما ذكر الشيخ الانصاري (ره) ولذلك ذهب إلى رجوع القيد للمادة.
 نأتي للمادة وهي لفظ يدل على معنى لكن هذا اللفظ لا نتصوره إلا ضمن هيئة، كمادة " الضرب " " ضَ رَ بَ " بهذا الترتيب لا بد من مشتق أتصوره في ضمنه، كضارب، مضروب، مضرب إلى آخره. لا بد من مركب أتصوره فيه، المادة التي تدل على الحدث وحده ليست وحدها، لذلك كان في المادة الوضع أيضا نوعي، أضع اللفظ لهذا المعنى وليس شخص لفظ أتصوره، ولذلك الهيئة معنى جزئي وضع عام والموضوع له خاص، أو غير ذلك على الكلام في المعنى الحرفي.
 اما المادة فهي وضع عام والموضوع له عام، " الضرب " حدث عام والمعنى عام، ولذلك يمكن أن يقيَّد، أما الهيئة فهي معنى جزئي فقالوا بأنه لا يقيَّد، وكلاهما الوضع نوعي وليس شخصيا. الهيئة الوضع فيها عام والموضوع له خاص أو عام، فهنا الكلام. فإذا كان جزئيا! جاء الكلام هل الجزئي يقيَّد أو لا؟ فوجهة نظر الشيخ الانصاري (قده) أنه لا يقيَّد ونقول: أن الأعلام الشخصية تقيَّد، لكن نقول: أن الجزئي له جهتان: جهة فرديته وجهة أحواله وأمكنته وأزمانه وطوارئه، من جهة فردية لا يمكن أن يقيّد لأنه فرد واحد، وأما من جهة طوارئه يمكن أن يقيَّد. ولعل الشيخ الانصاري (قده) تأثر بما ذكروه وذكرناه في البلاغة عندما قالوا: الفرق بين الحال والنعت " جاء زيد راكبا " " وجاء زيد الراكب " راكبا " حال والراكب نعت ووصف، ما الفرق بينهما؟ قالوا: أن الراكب قيد لزيد وراكبا قيد لجاء، للفعل، ففي " جاء زيد الراكب " أنت توضح زيد لأنه كما ذكرنا أن النعت للمعرفة توضيح والنكرة تخصيص وتقييد، فلا معنى لتخصيص " جاء زيد الراكب " لو قلت إنسان أبيض خصص أكثر، لو قلت طويل خصص اكثر ولذلك قيل الشيء كلما كثرت قيوده عزّ أو قلّ وجوده. القيد للنكرة تخصيص وتقييد، أما في المعرفة من باب التوضيح، في حال أو مدحا أو ذما أو توضيحا، لأنه قد يكون هناك أكثر من زيد، كزيد الشاعر أو الكاتب، وهذا ليس تقيدا أو تخصيصا بل هو توضيح. ولعل الشيخ الانصاري (قده) تأثر بهذه المسألة وهو أن القيد في الحال يرجع للفعل وفي النعت توضيح، نعم الكلام سليم في الفرق بينهما ولكن هذا إذا أردنا في " زيد " أو " رجل " هناك جهة أفراد وجهة عوارض وطوارئ وحالات. من جهة الافراد العام يخصص والفرد لا يخصص، ولذلك هناك اصطلاح وهو إذا قلنا تخصيص فهو بلحاظ الافراد، وإذا قلنا تقييد فهو بلحاظ الازمان والاحوال يخصص، وأما الجزئي فيقيَّد بلحاظ أحواله وأزمانه. ولذلك إن الفرق بين العموم والاطلاق هو هذا الاصطلاح، أن العام والعموم بلحاظ الافراد، فإذا لاحظت الزمن وكأنه أفراد وأزمان نسميه عموما ازمانيا، أما إذا لاحظته بلحاظ الازمنة والحالات أصبح مطلقا. بهذا يتوضح التفريق بينهما تماما، مثلا بعضهم فرق بأن العام إذا كان بلفظ " كل " صار عاما، وإن كان بلفظ " ال " بالإطلاق صار مطلقا، فلا مشاحة في الاصطلاحات، ولكن كان هذا بلحاظ كيفية الاستفادة من العموم.
 أما الدافع لهذا الاصطلاح فهو إننا قلنا في منهجيتنا الاساسية إذا أردنا أن نقسم شيئا أو نصنع منهجية في علم أو كتاب يجب أن نلاحظ شيئا أساسيا وهو ما ينبغي أن تنقسم إليه الموضوعات بحسب ما عليه الفطرة البشرية وما عليه الناس أو ما عليه نفس الموضوع عند مواجهته، مثلا: عندما اردنا أن نصنع رؤوس مطالب في النحو قال بعضهم أن الاجرومية هي رؤوس المطالب النحوية فما الداعي لكتاب آخر. نجيب: أن الخلل في الاجرومية أنه ينتقل من الحكم إلى الموضوع، مثلا يقول: الرفع علامة للمضارع المفرد والاسم المفرد. هنا انتقل من الحكم الذي هو الرفع إلى الموضوع الذي هو المضارع أو الاسم. لكن في الفطرة البشرية ليس كذلك " العرش ثم النقش " أولا نحدد المضارع ثم نبيّن حكمه، فلا نذكر الحكم ثم نذكر الموضوع، ولذلك أشكلوا في الالفية بأن " الحال وصف فضلة منتصب " فالإشكال هنا " فضلة منتصب " حكم ضمن تعريف الموضوع، فلا بد من تعريف الموضوع " الحال " ثم نعرف حكمه. ولذلك في مقام تقسيم النحو نقول كما قال الإمام علي (ع) أسم وفعل وحرف، ما دل على الاسم فهو المسمى و.... ، وايضا مع ملاحظة المنهجية الاصولية قلنا أن الإنسان عندما يواجه شيء تحصل الشبهة، فالشبهة إما حكمية أو مفهومية أو مصداقية، ولا يمكن أن ننتقل من الأحكام إلى الموضوع، ولذلك في الاصطلاح نقول: في الاشياء إما تكون بلحاظ أفرادها أو بلحاظ حالاتها وطوارئها. بلحاظ أفراده فهو عام، وبلحاظ طوارئه فهو خاص ولذلك نقول بأنه يقيَّد سواء كان جزئيا أو كليا، نعم الجزئي لا يكون عاما ولا يخصص بهذا الاصطلاح.
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo