< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: علامات الحقيقة والمجاز
  تذكير بآلية صحة الحمل وانها تطوير في بحث المسألة، وذكر السيد الاستاذ الفرق بين ابن اللغة وغيره في كيفية الحمل.
  ونُذَكر بإشكال الإمام الخميني (ره): أن صحة الحمل لا تكون علامة على الحقيقة، لا في الحمل الذاتي الاولي ولا في الشائع الصناعي، لأن الاستشهاد (بصحة الحمل) إما أن يكون بصحته عنده أو عند غيره.
  أما الحمل الاولي عند المستعلم فإن التصديق بصحة الحمل الأولي يتوقف على العلم باتحاد المعنى مع اللفظ بما له من المعنى الارتكازي مفهوما، وهذا عين التصديق بوضع اللفظ للمعنى، فلا مجال لتأثير صحة الحمل في رفع الشك. وذكرنا بيانه في الدرس السابق والايراد عليه.
  ويكمل السيد الخميني (ره) وأما الحمل الأولي عند غيره فلأنه لا يمكن الكشف عن كونه حملا أوليا إلا مع تصريح الغير به، فيرجع إلى تنصيص أهل اللسان، لا إلى صحة الحمل أو العمل بوحدة المفهومين، فلا يبقى شك حتى يرفع بصحة الحمل.
  يمكن أن يرد عليه: ان صحة الحمل آلية للبحث عن المعنى الحقيقي، وتنصيص اهل اللسان كان على ان هذا الحمل ذاتي اولي حمل المفهوم على المفهوم ولم يقولوا ان هذا هو الموضوع له، نعم يلزمه انه الموضوع له. تنصيص اهل اللسان احتاج اليه في معرفة نوع الحمل، فإذا عرفت نوع الحمل وأن الحمل تام، عرفت حينئذ بانه الموضوع له، أي اصبحت معرفة الموضوع له باللازم، وفرق بين الملزوم واللازم.
  ويكمل السيد (ره): وأما الحمل الشائع فلما كان على قسمين: حمل بالذات وحمل بالعرض، فمع الترديد بينهما لا يمكن الكشف (إلا بالتصريح)، ومع التميز فلا شك حتى يرفع به، لأن العالم بأن الحمل بالذات عالم بالوضع قبل الحمل.
  نقول في مقام الإضاءة : إن الذي ذكره (قده) في الحمل الذاتي الأولي يرجع إلى إشكال الدور. لأن كلامه (ره) هو أنه لا يمكن الحمل الأولي إلا بعد العلم باتحاد المفهومين، لأن الحمل الأولي ملاكه الاتحاد في المفهوم، وبالتالي يجب أن أعلم بالوضع قبل الحمل، فتكون صحة الحمل متوقفة على العلم بالوضع، والعلم بالوضع متوقف على صحة الحمل.
  والجواب عليه، نفس الجواب على الدور ونفس الجواب في الحمل الاولي من حيث إدراك المستعلم بوجدانه اللغوي. هذا عند المستعلم.
  أشكال السيد الخوئي (قده):
  اشكل السيد الخوئي (قده) علي هذه العلامة بأنها لا تفيد سوى الاتحاد بين معنى المحمول والموضوع خارجا، بمعنى أن لفظ المحمول استعمل في معنى متحد مع معنى الموضوع، ومن الواضح أن مجرد استعمال اللفظ في معنى لا يدل على أنه حقيقة فيه لما هو معلوم من أن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز، والعام لا يدل على الخاص، ولا يفرَّق في ذلك بين مورد الحمل الذاتي الأولي مثل حمل الحد على المحدود في قولنا: الإنسان حيوان ناطق، أو الحمل الشائع الصناعي وهو حمل الكلي على مصاديقه مثل قولنا: الانسان كاتب.
  بعبارة أخرى: أن صحة الحمل هو استعمال هذا اللفظ بهذا المعنى، إذا تم الحمل لا ادري هو حقيقة أو مجاز؟، الاستعمال اعم من الحقيقة والمجاز. فإذا لم يثبت كونه استعمالا حقيقيا فلا ينفعني، والعام لا يدل على الخاص.
  كانه يقول ان صحة الحمل ترجع إلى العلامة الرابعة التي سنبحثها وهي الاستعمال.
  نقول: هذا صحيح، ولكن الاستعمال المجازي يرافق إحساسا بالتكلف عند المستعلم.
 هذا كله عند المستعلم وهو ابن اللغة الخبير فيها.
  أما صحة الحمل عند أهل المحاورة، أي أن اجنبيا عن اللغة يحتاج إلى مراقبة أبناء اللغة لمعرفة صحة الحمل عندهم! فنقول: ان الاجنبي يحتاج إلى ان يسأل ابناء اللغة، اولا هل يصح الحمل اولا؟، ثانيا هذا الحمل بالحمل الذاتي الاولي اولا؟ ثالثا انتم تحسون بتكلف او لا؟ فإذن معرفة المعنى الحقيقي عند ابناء المحاورة من الاجنبي الجاهل يحتاج الى هذه الاسئلة، إذا تمت هذه الاسئلة بنعم، يستطيع الاجنبي ان يقول بان هذا موضوع له، اما إذا لم يتم سؤال منها، او لم يكن هناك احساس كامل بعدم المؤونة، حينئذ هذه العلامة لا تنفعني في هذا المورد.
  ملخص الموضوع: يمكن أن يقال: إن التأمل في كيفية حصول هذه العلامة والالتفات إلى مسألة الوجدان والاحساس والذوق الموجود عند ابن اللغة بخبرته العالية، ومع الالتفات إلى التفريق بين العلم الارتكازي والعلم التفصيلي بالموضوع له، وما ذكرناه سابقا يكفي للإجابة عن كل الاشكالات الواردة على هذه العلامة، حيث إن هذه الاشكالات مردُّها إلى أمر واحد، وهو أن معرفة الموضوع له متوقفة على سبق العلم بالوضع، والاجابة عليها مردها إلى أمر واحد أيضا وهو عند معرفة كيفية حصول الحمل والعود إلى الوجدان اللغوي يمكن رد كل هذه الاشكالات.
  خلاصة الموضوع أن صحة الحمل علامة بناء على تمامية الذوق الوجداني، ولأهميته في عملية الاستنباط أطلب ومن كل الاخوة الذين يسعون إلى الاستنباط ان ننمي في انفسنا الذوق الادبي حتى نعرف الحقيقة من المجاز أو غير ذلك. هذه التنمية لها الاثر الكبير في عالم الاستنباط لاننا نتعامل مع اعلى النصوص العربية اللغوية القرآن والسنّة، ولذلك نقرأ نهج البلاغة والمعلقات العشر والشعر العربي والادب، وكان هناك مذاكرات ادبية ومطاردات شعرية، فالتفاعل والتعامل مع اللغة ينمي في انفسنا هذا الذوق الذي سأحتاجه أيضا في العلامتين الاطراد والاستعمال بل وكل الاستظهارات.
 
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo