< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: الحقيقة الشرعية
 
  قول الشيخ الآخند (قده): وأما الثمرة بين القولين، فتظهر في لزوم حمل الالفاظ الواقعة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها اللغوية مع عدم الثبوت، وعلى معانيها الشرعية على الثبوت، فيما إذا علم تأخر الاستعمال، وفيما إذا جهل التاريخ، ففيه إشكال، وأصالة تأخر الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع، لا دليل على اعتبارها تعبدا، إلا على القول بالأصل المثبت، ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك، واصالة عدم النقل إنما كانت معتبرة فيما إذا شك في أصل النقل، لا في تأخره، فتأمل.
  هنا توجد عديدة نقاط بيَّنها الشيخ الآخند (ره) في الثمرة:
  الاولى قوله: وأما الثمرة بين القولين، فتظهر في لزوم حمل الالفاظ الواقعة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها اللغوية مع عدم الثبوت.- أي الحقيقة الشرعية- وحينئذ لو شككت في شرط أو جزء أو مانع أو قاطع أو رافع أو ما يمكن تصوره مما لا دخل له في تحقق العنوان، هذا العنوان متحقق مع وجوده أو عدمه. فمع الحمل على المعنى اللغوي على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية، فتجري أصالة الاطلاق، وهي أصل لفظي يجري عند تحقق العنوان فنثبت جميع أحكام العنوان، لأن الاحكام تابعة لعناوينها. وحينئذ يتم الاستدلال على عدم أخذ هذا الأمر المشكوك شرطا كان أو جزءا أم غيره، ولذلك أخذ الشرط هو الذي يحتاج إلى دليل.
  أما بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية وأن المعنى هو المعنى الجديد، كالأفعال الخاصة بالنسبة للفظ " صلاة "، فحينئذ يحمل اللفظ عند عدم القرينة على المعنى الجديد أي المتشرعي لأنه هو الموضوع له، وحينئذ إذا شككنا في مدخلية أمر في انطباق العنوان فلا يمكن إجراء أصالة الاطلاق لعدم إحراز العنوان وتدخل المسألة في مسالة الصحيح والاعم.
  لكن قلنا ونكرر: أن الذي يهون الخطب هو أن استعمالات الشارع معروفة المراد، وهي المعاني المتشرعية الجديدة وذلك في حال كان النص في مقام التشريع، وعليه لا ينفعني معرفة المعنى الحقيقي لان المراد معلوم، وأصالة الظهور هي عند الشك في المراد لا عند الشك في الاستعمال، واعتبار أصالة الحقيقة هو من أصالة الظهور، وقلنا أنه ليس عند العقلاء أصالة الحقيقة تعبدا بل هناك ظهورات يعملون بها.
  النقطة الثانية: فيما إذا جهل تاريخ الاستعمال، هل هو قبل الوضع أو بعده؟
  إذا علم تأخر الاستعمال عن الوضع، فالمعنى الحقيقي المستعمل فيه عند عدم القرينة هو المعنى الجديد المتشرعي.
  وأما إذا جهل التاريخ، فقد قيل بجريان أصالة تأخر الاستعمال، وقد أشكل عليه صاحب الكفاية (قده) بثلاثة إشكالات هي:
  الاول: معارضته مع أصالة تأخر الوضع.
  الثاني: أصالة عدم الاستعمال أصل مثبت.
  الثالث: عدم ثبوت أصالة تأخر الحادث عقلائيا عند الشك.
  وقبل بيان المطلب لا بأس بمقدمة نبيِّن فيها المراد من بعض التعبيرات ومدى اعتبارها:
  1. أصالة عدم الحادث: وهي ترجع إلى أصالة العدم الازلي، ولم يثبت عند العقلاء أن الاصل في الاشياء العدم، لأن الأمور ثلاثة: واجب الوجود، وممتنع الوجود، وممكن الوجود. وممكن الوجود هو الذي تساوى فيه طرفا الوجود والعدم، فلا مكان عند العقلاء لأصالة العدم.
  2. استصحاب عدم الحادث: نقول: كان الله ولم يكن شيء، فكان العدم الازلي، ثم بدأ الله خلق الاشياء. فإذا شككنا في وجود أمر فاستصحب هذا العدم، وبناء العقلاء على هذا الاستصحاب أمر وارد. ولعلَّ من أراد بأصالة عدم الحادث أراد هذا المعنى أي استصحاب عدم الحادث. هناك ثمرة كبيرة لمسألة استصحاب عدم الحادث نبحثها في مبحث الاستصحاب الحكمي، فقد رُدَّ على السيد الخوئي (ره) القائل بعدم جريان الاستصحاب الحكمي، لتعارض استصحاب العدم الازلي مع أصالة عدم الجعل. فأول إشكال على هذا، أنه لا يوجد بناء عقلائي على أصالة عدم الجعل وهو غير جارٍ للعلم بالجعل سابقا، نعم يوجد استصحاب عدم الجعل، فلا وجود للمعارضة أصلا مع شيء غير موجود.
 
  1. أصالة تأخر الحادث: وهذا أمر لم يثبت بناء العقلاء عليه، وهو ما اشار إليه في الكفاية بقوله: ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك.
  2. استصحاب تأخر الحادث: وهو أمر لا موضوع له، وذلك لأن الاستصحاب هو عدم نقض اليقين بالشك، ولا يوجد تأخر في المرحلة السابقة كي يستصحب. نعم هناك عدمٌ يمكن أن أستصحبه.
  3. اصالة عدم النقل: هي أصالة عقلائية عرفية بنى عليها العقلاء لفتح الباب أمام فهم كلمات الماضين عند الشك في المراد منها، ولذا فهي أمارة وليس أصلا عمليا، وتختلف كثيرا عن الاستصحاب وليست من باب استصحاب القهقرى الذي لم يقل أحد باعتباره.
  إذا عرفت هذا فقد قيل بأصالة تأخر الاستعمال عن الوضع.
 ويشكل عليه:
  اولا: إن الاستعمال والوضع أمران حادثان، فأصالة تأخر الحادث لو جرت فإنما تجري في الاثنين معا فيتعارضان.
  ثانيا: إن أصالة تأخر الاستعمال لم يثبت بناء للعقلاء عليها وقد بيَّنا أن أصالة تأخر الحادث غير ثابتة.
  ثالثا: لو تمت أصالة تأخر الاستعمال، فإنها من الاصل المثبت، لأن لازمها هو استعمال اللفظ في المعنى الجديد وهو الافعال المخصوصة الذي هو موضوع الحكم الشرعي، وهذا اللزوم عقلي، فتثبت الاحكام الشرعية بواسطة هذا اللزوم العقلي، وهذا هو الاصل المثبت.
  وهناك من قال بأصالة تأخر الوضع واستدل بأمور، غدا نبينها ان شاء الله.
 
  والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo