< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: المشتق
دليل من قال بان المشتق موضوع للأعم:
1-التبادر في مثل المقتول والمضروب، فإنه ينسبق إلى الذهن ما يعمّ ما انقضى عنه المبدأ.
ويردّ أن الصدق هو بسبب المبدأ، وقد مرّ أن اختلاف المبادئ بحسب الفعلية أو الشأنية أو الملكة أو غير ذلك لا يوجب اختلافا فيما هو المهم وهو صدق هيئة الجريان. فالاستدلال بالأمثلة التي فيها مبادئ تقتضي الانطباق على ما انطبق عليه التلبس ومن انقضى عنه التلبس، فهذا لا يعني ان يكون دليلا على هيئة صدق العنوان على مطلق المعنون لان الكلام في صدق الهيئة بغض النظر عن المادة.
2-عدم صحة السلب في مثل المقتول والمضروب عمن انقضى عنه المبدأ، فمع معارضته بمثل القائم والجالس.
جوابه ما أورد على الدليل الأول.
3-قوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [1]، وقوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا ﴾ [2]، بتقريب أن الجلد والقطع إنما هما ثابتان لعنوان الزاني والسارق، ولولا صدقهما على المنقضي عنه لا موضوع لإجرائهما. والجواب نفس الجواب بأن الاستدلال لاحظ أمثلة تختلف باختلاف المبادئ، انما الكلام في الهيئة.
4-ما ذكره صاحب الكفاية (ره) في الدليل على الأعم وسأذكر كلامه لما فيه من فائدة، يقول (ره) [3].
{الثالث : استدلال الامام u تأسيا بالنبي r كما عن غير واحد من الاخبار بقوله ﴿ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾[4] على عدم لياقة [5]من عبد صنما أو وثنا لمنصب الإمامة والخلافة، تعريضا بمن تصدى لها ممن عبد الصنم مدة مديدة، ومن الواضح توقف ذلك على كون المشتق موضوعا للأعم، وإلا لما صح التعريض [6]، لانقضاء تلبسهم بالظلم وعبادتهم للصنم حين التصدي للخلافة.
والجواب منع التوقف على ذلك [7]، بل يتم الاستدلال ولو كان موضوعا لخصوص المتلبس.
وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة [8]، وهي: إن الأوصاف العنوانية [9]التي تؤخذ في موضوعات الاحكام، تكون على أقسام:
أحدها: أن يكون أخذ العنوان لمجرد الإشارة إلى ما هو في الحقيقة موضوعا للحكم، لمعهوديته بهذا العنوان، من دون دخل لاتصافه به في الحكم أصلا.[10]
ثانيها: أن يكون لأجل الإشارة إلى عليَّة المبدأ للحكم، مع كفاية مجرد صحة جري المشتق عليه، ولو فيما مضى.[11]
ثالثها: أن يكون لذلك [12]مع عدم الكفاية، بل كان الحكم دائرا مدار صحة الجري عليه، واتصافه به حدوثا وبقاء.
إذا عرفت هذا فنقول: إن الاستدلال بهذا الوجه إنما يتم، لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الأخير، ضرورة أنه لو لم يكن المشتق للأعم، لما تم بعد عدم التلبس بالمبدأ ظاهرا حين التصدي، فلا بد أن يكون للأعم، ليكون حين التصدي حقيقة من الظالمين (ينطبق حقيقة على الاشخاص الظالمين)، ولو انقضى عنهم التلبس بالظلم.
وأما إذا كان على النحو الثاني، فلا، كما لا يخفى، ولا قرينة على أنه على النحو الأول، لو لم نقل بنهوضها على النحو الثاني، فإن الآية الشريفة في مقام بيان جلالة قدر الإمامة والخلافة وعظم خطرها، ورفعة محلها، وإن لها خصوصية من بين المناصب الإلهية، ومن المعلوم أن المناسب لذلك، هو أن لا يكون المتقمص بها متلبسا بالظلم أصلا، كما لا يخفى.
الى هنا نكون قد انتهينا من بحث المشتق، وذهبنا إلى ان المشتق حقيقة في خصوص المتلبس مطلقا ولا دليل على الاقوال خرى المفصِّلة بان يكون لخصوص المتلبس اللازم دون المتعدي او اسم لفاعل دون غيره او المفعول به المحكوم عليه، التفصيلات التي ذكروها، وقلنا ان هذه التفصيلات منشؤها الامثلة التي ارتبطت بالمادة ونحن كلامنا بالهيئة.
ملخص الكلام في المشتق: اولا: ان محل النزاع له ركن واحد وهو صدق العنوان على المعنون آنا ما حقيقة بسبب التلبس ثم انقضاء التلبس، أما ما ذكروه من الركن الثاني، وهو بقاء الموضوع مع زوال الوصف فلا علاقة للكلام فيه.
ثانيا: ما ذكروه من خروج الذاتي والذاتيات عن محل النزاع، يدخل فيه، لأن الخروج بسبب المبدأ لا بسبب الهيئة.
ثالثا: اسم الزمان يدخل في النزاع لأن الكلام في الهيئة بغض النظر عن المادة.
والمختار في المسألة: ان المشتق وهو صدق العنوان على المعنون حقيقة في خصوص المتلبس مطلقا.





[5] اشتراط بعض الامور في اللياقة والاهلية لا علاقة لها بالتوبة وغيرها كما في ولد الزنا فلا اهلية له بان يكون مرجعا. .
[6] فائدة: التعريض هو النظر من جانب عارضيه مع ان وجهه متجه إلى الامام، ولذا سمِّي تعريضا. .
[7] مع توقف الاستدلال على الوضع للاعم وكون الإطلاق حقيقة على من انقضى عنه التلبس.
[8] احببت ان اذكر هذه المقدمة لأنها تنفعنا كثيرا في الفقه. .
[9] كما لو قلت "اكرم كل رجل عالم " العلم وصف اخذ في موضوع الحكم بالإكرام، هذه الاوصاف يمكن ان نتصورها على انحاء وليس على نحو واحد، وهذا التقسيم ينفعنا في مسألة مفهوم اللقب والوصف.
[10] مثلا: حينما يسأل الامام (ع) عن من يؤخذ بقوله، فيقول: عليك بذلك الجالس، اشارة إلى زرارة. فالجلوس لا علاقة له بموضوع التوثيق وجواز اخذ الخبر من زرارة. والامثلة كثيرة على ذلك كما في اشارة النبي (ص) إلى الامامة والقيادة بانه خاصف النعل اشارة إلى علي بن ابي طالب (ع)، و كما في اشارة الامام الصادق (ع) في زمن المنصور الدوانيقي في اجتماع الابواء إلى ان من يتولى الحكم هو صاحب القباء الاصفر، اشارة إلى المنصور. .
[11] كما لو قلت " اكرم العالم " هنا اشعار بان العلم له مدخلية في الإكرام. ذكر في مفهوم الوصف بان الوصف له مفهوم لأنه يصل إلى مرحلة الظهور وبان الحكم يدور مدار الوصف وجودا وعدما. ورد على هذا القول بان الوصف فيه اشعار بالعليّة وبكونه مناطا أو ملاكا ولكنه لا يصل إلى مرحلة الظهور حتى يكون للوصف مفهوم. وهذه المدخلية على قسمين: قسم يكفي فيه ثبوت الوصف ولو آنا ما. وقسم اخر إذا وجد العنوان وجد موضوع الحكم وإذا انقضى العنوان انقضى موضوع الحكم. بتعبير أخر: تارة يدور الحكم وجودا لا عدما مداره فإذا وجد وجد الحكم، وتارة اخرى يدور الحكم وجودا وعدما مداره.
[12] أي للإشارة ايضا. للتذكير: الفرق بين المناط والملاك. المناط ما دار الحكم وجودا وعدما مداره في مقام الاثبات. والملاك ما دار الحكم مداره في مقام الثبوت وهي المصلحة الواقعية وهذا ما لا ندركه الا مع ظهور النص الواضح او القطع الوجداني، ولذا قال الامام الصادق (ع): إن دين الله لا يصاب بالعقول. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo