< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الأوامر
-التعبدي والتوصلي.
الأصل اللفظي:
-محور كلام من يقول بأصالة التوصلي.
-محور كلام من يقول بأصالة التعبدي.
إذا علمنا ان الامر تعبدي لا يتحقق الغرض إلا بقصد الامر فالحمد لله وكذا إذا علمنا انه توصلي يتحقق بدون قصد القربة. أما عند الشك فالأصل ما هو؟ والكلام في مقامين: كلام في الأصل اللفظي، وكلام في الأصل العملي.
الأصل اللفظي: لا شك بأن الأصل هو الاطلاق وعدم التقييد، سواء قلنا برجوعه إلى أصالة الظهور أو قلنا برجوعه إلى أصالة عدم القرينة. وهذا الأمر موجود في كل القيود المأخوذة في المأمور به، وذلك بعد انطباق العنوان على الفرد الممتثل به. مثلا: لو قلت: " اعتق رقبة " وشككت ان هذه الرقبة ينبغي ان تكون مؤمنة او كافرة، هل يشترط فيها الإيمان أو لا؟ إذا انطبق عنوان الرقبة على شخص ومع تمامية مقدمات الحكمة الثلاث: أن يكون المتكلم في مقام البيان، وأمكن أن يبيّن ولم يبيّن، أما مقدمات الاطلاق فهي: انطباق العنوان زائد مقدمات الحكمة وعدم وجود مانع مثل كثرة الاستعمال في بعض الأفراد بحيث يألفه الذهن دون الباقي، أو وجود قدر متيقن في مقام التخاطب على قول أو غير ذلك. والاطلاق ينفي القيود سواء قلنا إن هذه الاصالة مرجعها اصالة الظهور فتكون اصولا وجودية أو اصالة عدم القرينة فتكون اصولا عدمية.
فمن قال بأن الأصل في المسألة هو كون المأمور به توصليا طبعا على مستوى الأصل اللفظي، ذهب إلى أن قيد قصد القربة كبقية القيود، فعند الشك في اعتبار قيد يمكن أخذه في متعلق الامر- أي المأمور به - فالمرجع أصالة الاطلاق لنفي اعتبار ذلك القيد. فالقيد هو الذي يحتاج إلى دليل، ومع عدم الدليل فالأصل العدم.
ومن قال بأن الأصل في المسألة هو كون المأمور به تعبديا، لم يتمسك بهذا الاطلاق للخلل في المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة، فإن مقدمات الحكمة ثلاث: أن يكون المتكلم في مقام البيان، وأمكن ان يبيّن، ولم يبيّن. وهنا المقدمة الثانية غير تامة، لعدم إمكان بيان قيد قصد القربة في متعلق الأمر، ومع هذه الاستحالة تنتفي المقدمة الثانية، ومعها لا يمكن التمسك بالإطلاق لنفي هذا القيد. فدليله أن قصد القربة ليس كغيره من القيود، لاستحالة أخذه في المأمور به أولا، ومع استحالة التقييد لا يكشف عن الاطلاق ثانيا.[1]
إذن ها هنا مقامان:
المقام الأول: استحالة تقييد المأمور به بقصد الأمر.
المقام الثاني: التلازم بين استحالة التقييد وعدم إمكان الكشف عن الإطلاق. وبعبارة أخرى: ما لا يمكن تقييده لا يمكن الاخذ بإطلاقه.
بهذين المقامين ينتفي أصل التوصلية وهذا لا يكفي بان يكون الأصل تعبديا، فيحتاج إلى دليل آخر من القرآن أو السنة لاثبات أصالة التعبدية.
أما المقام الأول: أي استحالة أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر أي المأمور به: لاحظ الأصوليون فرقا بين القيود ووجدوها على قسمين:
- قسم لا علاقة له بالأمر، مثل استقبال القبلة في الصلاة، والصلاة في ثوب طاهر، وغير ذلك، وهذا قسم لا إشكال في جواز أخذه قيدا في المأمور به.
-وقسم آخر ناشئ من نفس الأمر، كالتقييد بقصد أمره تعالى، أو التقييد بقصد وجه الأمر من استحباب أو وجوب، أو بقصد التمييز بانها صلاة الظهر أو العصر [2]، أو التقييد بالعلم بالأمر فالأمر يكون كالتالي: " صلِّ الصلاة التي تعلم بوجوبها " [3]، أو قصد المصلحة الناشئة من الأمر أي المصلحة في نفس الأمر [4]، بل يمكن أن تشمل المصلحة المنكشفة من نفس الأمر كما سنرى.
يقول السيد البرجردي (ره) في نهاية الأصول ص111، ما مضمونه: أن الكلام يقع في تحليل الواجب التعبدي من حيث إنه: هل قصد القربة مأخوذا شرطا أو جزءا في المتعلّق أو انه مما يعتبر فيه عقلا من حيث إنه مأخوذ في الغرض والملاك دون المتعلّق؟ فالقدماء من علمائنا إلى زمن الشيخ الانصاري (ره) كانوا يعدّون قصد القربة في العبادات في عداد سائر شرائط المأمور به وأجزائه من غير تعرّض لورود إشكال في المقام، ولكن الشيخ (قده) استشكل في إمكان أخذ قصد القربة، بمعنى قصد الأمر في المأمور به وتبعه تلامذته.





[1] من قبيل وجود شخص في السجن فلا يستطيع ان يفعل الموبقات كالسرقة وشرب الخمر وغيرها فلا يقال انه صالح لتركه المحرمات، هذا لا يكشف عن صلاحه وكف النفس عن المحرمات. .
[2] كما ذهب إلى ذلك ابن ادريس (ره) حيث كان يشترط قصد الوجه والتمييز في العبادات، كان يقول: إذا شككت ان احد الثوبين طاهر والأخر نجس اترك الثوبين واصلي عاريا لان الصلاة الأولى والثانية احتياطية باطلة، لانه (ره) اشترط قصد الوجه والتمييز في صحة العبادة على ما نسب إليه، أي حين الصلاة ينوي انها هذه هي الصلاة المطلوبة. اما في الرسائل العملية الحديثة ذكروا ان الأقوى صحة الاحتياط في العبادات. .
[3] كما عند أبناء العامة. هناك مسألة اشتهرت باشتراك الاحكام بين العالم والجاهل. هل العلم بالحكم شرط لفعلية الحكم او لا؟ هل يرتفع وجوب الصلاة مع عدم العلم أو لا؟ بمعنى ارتفاع التنجيز لان الوجوب موجود. أبناء العامة بشكل عام ذهبوا إلى ان العلم شرط في تحقق العلم نفسه لا في تنجيزه لذلك قالوا ان الاحكام خاصة بالعالم، بعكس ما اشتهر عند الامامية بان الاحكام مشتركة بين العالم والجاهل، فالعلم بالامر ناشئ من نفس الامر. .
[4] ذكر الشيخ المظفر أن هذه الأمور ليسلها علاقة بالمطلب، نقول: ان لها علاقة كما في قصد المصلحة، وهذا القصد على قسمين: تارة ناشئة من نفس الامر، وتارة في متعلّقه في المأمور به. فإذا كانت ناشئة من نفس الامر تجري عليه نفس الإشكالات التي سترد. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo