< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الأوامر
التعبدي والتوصلي.
-إشكال اخذ قصد الأمر.
-الخلف.
-الدور.
إستحالة اخذ قصد الامر في المأمور به.
كلامنا في استحالة تقييد المأمور به بداعي الامر، لا يستطيع قول: "صلّ فرض الظهر بداعي الامر" هذا امر محال، فلا يمكن ان يكون الدافع للأمر هو الامر نفسه.
أُشكل على أخذ قصد الأمر في المأمور به جزءا أو شرطا تارة بلزوم الخلف أي أخذ المتقدم في المتأخر، وأخرى بلزوم الدور، وبلزوم اجتماع الآلي والاستقلالي في الأمر وأخرى يلزم داعوية الشيء أي (الامر) إلى نفسه.
وهذه الاشكالات تدور جميعا حول فكرة واحدة: ان هناك موضوعا وهناك حكم، والحكم متأخر عن الموضوع، وبعد تماميّة الموضوع ينصب عليه الحكم، فكيف يؤخذ الحكم في موضوعه جزءا أو شرطا؟ فكيف يمكن ان يكون شيء من الامر وهو الامر نفسه جزءا في الموضوع؟. هذه هي الاستحالة العقلية التي ذكرها الشيخ الأعظم (ره). وهذا الاشكال يشمل كل ما هو من شؤون الامر في متعلّق الامر، كالعلم بالأمر، وقصد الوجه، والمصلحة في نفس الامر وغيرها، حتى اعتبارا لا يمكن اخذه لعدم وجود الامر فلا يمكن اخذه في المتعلّق.
أولا: تصوير اشكال لزوم الخلف:
وهو لزوم تقدم الامر المتأخر عن الموضوع المتقدم إذ اصبح الامر (المتقدم) جزءا أو شرطا من الموضوع المتأخر. ذكر ذلك المحقق العراقي في نهاية الأفكار ج 1 ص 188، وذكره الشهيد السيد محمد باقر الصدر في الدروس ج 2 ص 245.
وبيانه: لتصور المسألة قالوا: إن القيود المأخوذة في المأمور به على نحوين:
1-ما يمكن أن يتصف به المأمور به مع قطع النظر عن وقوعه تحت الأمر، أي ليس من شؤون الأمر، ككونه صادرا عن سبب خاص كالغسل إذا أحدث بالجنابة [1]، أو في زمن خاص كالغسل يوم الجمعة، أو في مكان خاص، أو لزيارة مكان خاص كالغسل لزيارة المسجد الحرام، أو حالة خاصة كالغسل عند رؤية مصلوب، ونحو ذلك. فهذه القيود مما يمكن أن يتعلق بها الأمر وتؤخذ في المأمور به جزءا أو شرطا.
2-ما لا يتصف المأمور به إلا بعد وقوعه تحت الأمر وصيرورته مأمورا به، كقصد الأمر أو وجه الأمر أو المصلحة الناشئة من الأمر، أو نحو ذلك مما هو من شؤون نفس الأمر، فهذه القيود لا يمكن أخذها في المأمور به جزءا أو شرطا للزوم تقدم الشيء على نفسه، فإن الأحكام أعراض للمتعلقات، وكل عرض متأخر عن معروضه، وقصد الأمر متأخر عن الأمر لتفرعه عليه، والأمر متأخر عن متعلّقه الذي يتضمن قصد الأمر، فهاتان رتبتان.
وقد يناقش في هذا الإشكال كما في نهاية الأصول للبرجردي (ره) بالتمييز بين المتأخر والمتقدّم، لان الإشكال منصب على ان المتأخر هو نفسه المأخوذ في الموضوع. فمحور جوابه (ره) نقطتان: الأولى: ان المتأخر غير المتقدم. والثانية: كيفية الغيرية.
ومضمون كلامه بأن يقال: إن ما هو متأخر عن الأمر ومتفرع على ثبوته هو قصد الأمر من المكلف خارجا (عالم الامتثال)، لا عنوانه وتصور مفهومه في ذهن المولى (عالم الانشاء)، وما يكون متقدما على الأمر تقدّم المعروض على عارضه هو عنوان المتعلّق وتصوره في ذهن المولى، لأن الشيء ما لم يتصور لا يمكن الأمر به، وأما الوجود الخارجي للمتعلّق فليس متقدما على الأمر، بل هو من نتائجه دائما، فلا محذور.
ثانيا: لزوم الدور:
بيانه: إن الامر يتوقف على تحقق موضوعه بتمام أجزائه وشرائطه توقف العارض على معروضه، كما في المثال: العرش ثم النقش، فلو كان قصد الأمر مأخوذا في الموضوع لزم الدور لعدم تحقق الموضوع بتمام أجزائه التي منها قصد الأمر إلا بعد ثبوت الأمر، فالأمر يتوقف على الموضوع، والموضوع يتوقف على الأمر (لأن الأمر جزء من الموضوع).
وقد نوقش في هذا البيان بنفس ما ذكر في الأول وهو لزوم أخذ المتقدم في المتأخر أي الخلف.
يبقى غدا ان شاء الله التصويرات الأخرى من لزوم اجتماع لحاظ الآلي والاستقلالي، ولزوم داعوية الشيء إلى نفسه.






[1] اشتهر عند الفقهاء أن غسل الجنابة لا بد أن يكون لغاية كالصلاة ودخول المسجد ولا يصح للكون على طهارة. أما الوضوء فيصح للكون على طهارة ولو من دون غاية أخرى. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo