< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: دلالة صيغة الأمر على المرّة والتكرار

تعليقنا على كلام صاحب المعالم (ره) في نقاط:
الأولى: أننا نسلم معه أن الصيغة تقتضي طلب إيجاد الحقيقة لا للمرّة ولا للتكرار كما هو مشهور المتأخرين.
الثانية: يقول (ره): " وما ذاك إلا لكونه موضوعا للقدر المشترك بين الوحدة والتكرار". ومع التأمل نقول:
إن الأمر ليس موضوعا لا للوحدة ولا للتكرار، ولا للقدر المشترك، لأننا عندما نقول إنه موضوع للقدر المشترك – والتعبير بالقدر المشترك تسامح في التعبير، أي انني لاحظت امرين ووضعت للقدر المشترك بينها - فهذا معناه أن الوحدة والتكرار ملحوظان عند الوضع، وهذا غير صحيح، فإن الوحدة والتكرار كما الفور والتراخي كما غيرهما من الحالات والكيفيات، جميعها مجرد حالات وكيفيات من شؤون الامتثال أي من شؤون التطبيق لا من شؤون الوضع. ومثال ذلك: لفظ " زيد " موضوع لهذا الشخص المعيّن، أما الأمكنة والأزمنة والكيفيات فليست ملحوظة حين الوضع، فلا يكون اللفظ موضوعا للقدر المشترك بل هو موضوع لحقيقة زيد فقط.
الثالثة: قال (ره): " ولا ريب في شهادة العرف بأنه لو أتى بالفعل مرّة ثانية وثالثة لعدَّ ممتثلا وآتيا بالمأمور به ". ونقول: هذه المسألة سترد في مبحث هل يصح الامتثال بعد الامتثال؟ وقد ذهب كثير إلى عدم جواز ذلك وسيأتي البحث فيها مثلا: كما لو طلبت منك إحضار الماء، فأتيت لي بالماء ثم حصلت على ماء افضل وانقى، فاستبدلت الأولى بالثانية، او احضرت الثانية وتركت لك الاختيار. تجد ان هذا عند العرف موجود، مع ان المتأخرين ذهبوا إلى عدم الجواز باعتبار ان الامتثال تحقق بالفرد الأول، والامتثال الثاني قد سقط، فكيف نفسر هنا هذا الوضع العرفي؟ ولهذه المسألة ثمار وستأتي.
دليل المتوقفين:
يقول صاحب المعالم (ره): واحتج المتوقفون بمثل ما مرّ من أنه لو ثبت لثبت بدليل، والعقل لا مدخل له، والآحاد لا تفيد، والتواتر يمنع الخلاف.
والجواب: على سنن ما سبق بمنع حصر الدليل فيما ذكر فإن سبق المعنى إلى الفهم من اللفظ أمارة وضعه له، وعدمه دليل على عدمه. وقد بينا أنه لا يتبادر من الأمر إلا طلب إيجاد الفعل وذلك كاف في إثبات مثله.[1]
المختار: والكلام في ثلاث نقاط: في الموضوع له، وفي الأصل اللفظي، وفي الأصل العملي.
-أما الموضوع له، فهو طلب الحقيقة، وذلك للتبادر.
وقبل ذكر الأصل اللفظي لا باس من ذكر انحلال الأحكام: فإنه لا شك في انحلال الأحكام بحسب المكلفين، بمعنى أن كل مكلّف ينطبق عليه الحكم. ولا شك في انحلال الاحكام بحسب المتعلّق، فكلما وجد الخمر وجدت الحرمة.
أما بحسب الشروط والموضوعات فيختلف الأمر باختلاف الموارد.
فمنها ما ينحل كقوله تعالى: } أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل { [2]. ومنها ما لا ينحل كقوله تعالى: } ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا { [3].يقول السيد الخوئي (ره): حيث إن المستفاد منه عرفا [4] عدم انحلال، وجوب الحج بتعدد الاستطاعة خارجا في كل سنة بل المستفاد منه أن تحقق الاستطاعة لدى المكلف يقتضي وجوب الحج عليه، فلو امتثل مرّة واحدة كفى ولا يلزمه التكرار بعد ذلك وإن استطاع ثانية. [5] انتهى كلامه رفع مقامه.
لكن الانصاف: أن الأحكام تنحل أيضا بانحلال موضوعاتها وما ذكره من عدم تكرار الحج فهو لقرائن خارجية، وإلا فلو قلت: " أكرم والدتك ما استطعت إلى ذلك سبيلا " فهل يعنى المرّة الواحدة ولا يتعدد الإكرام بتعدد الاستطاعة؟ إذن المسألة ترجع إلى القرائن والمواد، أما في الهيئات والصيغ والكلام هنا فيها، فالظاهر الانحلال بانحلال الموضوعات والشروط.
واما الأصل اللفظي فهو ظهورها الاكتفاء بالمرة الواحدة لصدق الماهية بالمرّة الواحدة ولا حاجة للتكرار، وهذا الظهور بحكم العقل.

وأما الأصل العملي فهو البراءة من الزائد، لأنه شك في التكليف بالزائد.
غدا ان شاء الله نكمل المبحث الثاني: الامتثال بعد الامتثال.



[4] وهذا يعني ان المفهوم العرفي هو عدم الانحلال. ولا شك ان العرف هو المرجع في المفاهيم دون المصاديق لأنه هو الذي وضع المفاهيم. أما المصداق فالمرجع فيها المكلف نفسه. استطراد: ما يقال ان هذا المصداق دم عرفا فيكون الاستدلال بالعرف على إثبات المصداق فهو من الأخطاء الشائعة الموجود في الكتب الفقهية وقصدهم بذلك أن العرف يساعد المكلف على التشخيص إذا أردنا تصحيح كلامهم. نعم يمكن ان يكون العرف مرجعا في المصاديق إذا كان موضوع الحكم هو المصداق العرفي. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo