< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مقدمة الواجب.
-معنى الوجوب.
-التعليق على كلام السيد الخوئي (ره).
-هل المسألة أصولية أم فقهية؟
نعود لكلام السيد (ره): وإن شئت قلت: إن النزاع في الحقيقة في ثبوت هذه الملازمة، يعني: الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدماته وعدم ثبوتها. [1]
كلامه (ره) تام بان المراد هو الوجوب الاجمالي. لكن قوله الاخير في أن النزاع في الحقيقة في ثبوت هذه الملازمة، يعني الملازمة بين ايجاب الشيء وايجاب مقدمته وعدم ثبوتها. هذا التعبير "يعني " لا يخلو من أحد احتمالين: إما أنها مسألة واحدة والاختلاف في التعبير، فهم عبروا بوجوب المقدمة لكن مرادهم الملازمة، وإما أنهما مسالتان تقع إحداهما في طريق الاستدلال على الأخرى.
لكن هل صحيح ان وجوب المقدمة مسألة نفسها هو ثبوت الملازمة؟ او انهما مسألتان تختلفان.
نقول: ان الملازمة مبدأ تصديقي لوجوب المقدمة، والاختلاف على المبدأ التصديقي لا يعني رجوع المسألة إليها، والدليل على ذلك أن صاحب الكفاية (ره) عنون المسألة بقوله: مقدمة الواجب. وهو الصحيح، فإن الداعي لطرح المسألة هو معرفة حكم المقدمة، والاحتياج لبعض المسائل لا يعني انها اصبحت نفسها، وأساس المسائل هو البحث عن الاحكام الفرعية من ادلتها التفصيلية. وسيتم توضيح ذلك عند الكلام في ثبوت المسألة في النقطة الثانية.
النقطة الثانية: هذه المسألة، هل هي من المسائل الأصولية أو الفقهية أو الكلامية أو من المبادئ الأحكامية؟ وقلنا ان هذا ينفع في باب التبويب لنعلم أن تدوين هذه المسألة سيكون في باب الفقه أو الاصول.
قيل إنها فقهية، وذلك إذا كان البحث فيها عن نفس وجوب المقدمة، كما هو ظاهر بعض العناوين، ومنها عنوان الكفاية نفسها. حيث إن المسألة الفقهية هي ما يكون البحث فيها عن عوارض فعل المكلّف [2]، وقد استظهر السيد الخوئي (ره) من عبارة صاحب المعالم (ره) ذهاب الاخير إلى كونها فقهية وذلك بإنتفاء الدلالات الثلاث.[3]
لكن اشكل صاحب الكفاية (ره) وذهب إلى كون المسألة أصولية، وذلك لأن المهم هو البحث عن الملازمة، وهذا شأن الاصولي، ولا يناسب الفقيه، كون الفقيه يبحث عن أحكام فعل المكلّف، قال: وذلك لوضوح أن البحث كذلك لا يناسب الأصولي، والاستطراد لا وجه له بعد إمكان أن يكون البحث على وجه تكون من المسائل الأصولية. [4]
وقد ذهب إلى ذلك أيضا السيد الخوئي (ره) حيث يقول في محاضرات الاصول:
ولكن هذا القول خاطئ جدا، فلا واقع موضوعي له أصلا، وذلك لما حققناه في أول بحث الأصول من أن البحث في هذه المسألة ليس عن وجوب المقدمة ابتداء لتكون المسألة فقهية، بل البحث فيها إنما هو عن ثبوت الملازمة بين الأمر بشيء والأمر بمقدمته وعدم ثبوتها، ومن الطبيعي أن البحث عن هذه الناحية ليس بحثا فقهيا، ولا صلة له بأحوال فعل المكلّف وعوارضه بلا واسطة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن البحث عن ثبوت الملازمة وعدمه في هذه المسألة يعمّ الوجوب والاستحباب، فلا اختصاص له بالوجوب. وأما تخصيص العلماء محل النزاع بالوجوب فلعله لأجل أهميته، وإلا فعلى القول بالملازمة لا فرق بينه وبين الاستحباب أصلا. [5]
وفيه: أن البحث في مسألة فقهية إذا توقف الاستدلال فيها على مسألة أخرى، فهذا لا يعنى رجوع المسألة الفقهية إليها، بل يعني أنها أصبحت من المبادئ التصديقية [6] في علم الاصول، وتقع كبرى في القياس للمسألة الفقهية.
وعليه: تبقى المسألة الفقهية فقهية وما استندت إليه أصولية، وذلك لما درسنا سابقا من كون العلوم تتمايز بالأغراض، والمسائل يجمعها الغرض الواحد. ومن الواضح أن البحث عن الملازمة ليس بحثا عن عوارض فعل المكلّف، نعم الملازمة تقع في طريق الاستنباط.
نعم إذا رجعت المسألة الفقهية إلى المسألة الاصولية بمعنى أن المضمون الواحد هو واحد، وإن تعدد التعبير عنه اصبحت المسألة واحدة، إذ لا عبرة بالتعبير هنا.
وفي مقامنا، فإن اتحاد المسألتين واضح البطلان. حيث إن البحث في حكم فرعي للمقدمة يختلف عن البحث عن الملازمة بين حكمي المقدمة وذيها، بل الثانية أي الملازمة دليل على الاولى، ولا معنى لاتحاد الدليل والمستدل عليه.


[2] الفرق بين المسألة الفقهية والاصولية: قلنا سابقا ان ثمرة التفريق هو في التدوين والكتابة، واجمالا: غرض علم الفقه هو البحث عن أحكام المكلّف وعوارضه. وغرض علم الاصول هو البحث عن حجية الادلة على ذلك. .
[3] الدلالة المطابقية، والتضمنية، والالتزامية. .
[6] المبدأ التصديقي هو كل ما نحتاج اليه في مقام الاستدلال. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo