< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مقدمة الواجب، المقدمة الداخلية.
-ثمرة اتصاف الجزء بالوجوب الغيري.
-الثمرة التي ذكرها الشيخ النائيني، ورد السيد الخوئي، وتعليق السيد الاستاذ.
قال: الشيخ النائيني (ره): إذا تم الانحلال ذهبنا إلى البراءة ومع عدمه نذهب الاحتياط. والمناط في الانحلال وعدمه هو التالي: " انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل على كل تقدير " ذكرت الامثلة في الدرس السابق.
جواب السيد الخوئي (ره) ان ربط ثمرة مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين بمسألتنا وهي اتصاف الجزء بالوجوب الغيري خاطئ جدا: والسبب في ذلك: هو أن انحلال العلم الإجمالي وعدمه في تلك المسألة يرتكزان على نقطة أخرى، وهي: جريان أصالة البراءة عن وجوب الزائد وعدم جريانها، ولا صلة لها باتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري وعدم اتصافها به.
السيد (ره) لم يرتضي مسألة الاتصاف وعدم الاتصاف حيث يقول: وإن شئت قلت: إن الأمر بالمركب إذا لم يكن أمرا بالأجزاء فلا موجب للانحلال [1] [2]، وإن كان الأمر به عين الأمر بالأجزاء - كما هو كذلك – ( نحن لا نوافقه على ذلك ونقول بعدم الانحلال) تعين القول بالانحلال بناء على ما حققناه في مورده من عدم المانع من جريان أصالة البراءة عن وجوب الزائد. وعلى كلا التقديرين لا فرق بين القول بوجوب الأجزاء غيريا والقول بعدمه. [3]
إذن النتيجة عند السيد (ره): ان الجزء يتصف بالوجوب الغيري أو لا يتصف لا علاقة له في هذه المسألة فلا تكون هناك ثمرة، وان المدار هو في انحلال الوجوب النفسي وعدمه. فاذا انحل الوجوب النفسي إلى علم تفصيلي وشك بدوي قلنا بالبراءة، ومع عدم الانحلال قلنا بالاحتياط.
ولنأخذ بالنقد على السيد الخوئي (ره):
اولا: في قضية ارتكاز مسألة أقل وأكثر ارتباطيين، فإن ما ذكره (ره) " هو أن انحلال العلم الإجمالي وعدمه في تلك المسألة يرتكزان على نقطة أخرى، وهي: جريان أصالة البراءة عن وجوب الزائد وعدم جريانها ... " نقول:هذا نتيجة للمسألة وليس ما ترتكز عليه المسألة وليس المناط، بداهة أن الغاية من دراسة المسألة هو إثبات جريان البراءة أو الاحتياط.
والحق أن مرتكز المسألة ما ذكره سابقا من أن مناط الانحلال هو انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل على كل تقدير فينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي. واتصور ان هناك سقط من النساخ أو عدم التفات في التقرير، ولا اظن ان تكون هذه العبارة صدرت من السيد (ره).
ثانيا: يقول (ره) : " وإن كان الأمر به عين الأمر بالأجزاء كما هو كذلك تعيّن القول بالانحلال". هذا الكلام منه صحيح ولكن ماذا يختلف عن المناط الذي ذكره الشيخ النائينئ (ره). نعم الخلاف بينهما: ان المعلوم اجمالا ما هو؟ والمعلوم تفصيلا ما هو؟
السيد الخوئي (ره) قال: بان المعلوم اجملا هو الوجوب النفسي، وايضا المعلوم تفصيلا هو الوجوب النفسي. أما الشيخ النائيني (ره) قال: بان المعلوم اجمالا هو الوجوب النفسي، والمعلوم تفصيلا هو الوجوب الجامع بين الغيري والنفسي، الوجوب المندك بين الوجوبين، ما عبرنا عنه بالمولود الجديد الوجوب الجديد.
فإذن إذا كان فقط الوجوب النفسي كما ذكر السيد (ره) وانحل ذهبنا إلى البراءة، ومع عدم الانحلال ذهبنا إلى الاحتياط. ولذلك ذهب (ره) إلى عدم الربطبين المسألتين. لكن الشيخ النائيني (ره) ذكر ان المعلوم اجمالا هو الوجوب النفسي والمعلوم تفصيلا الذي ينطبق هو الوجوب المندك، فالوجوبان مختلفان حتى لو انحل الوجوب النفسي.
هذا المناط الذي ذكره الشيخ النائيني (ره) صحيح وحتى السيد الخوئي (ره) يسلم به.
وعليه: أنه بناء على ثبوت الوجوب الغيري، وبناء على ما ذهب إليه من الاندكاك بين النفسي المنحل والغيري، وثبوت وجوب أكيد هو وجوب آخر، لا يكون الأمر به عين الأمر بالأجزاء، بل أمر آخر، فلا مجال للانحلال، لأن المعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسي، والمعلوم بالتفصيل هو الجامع بينهما فلا ينطبق المعلوم بالإجمال على الأجزاء المعلولة على كل حال، فلا مجال للقول بالبراءة، [4].
ملخص الرد: الشيخ النائيني (ره) قال ان الثمرة تثبت في حال ثبوت الوجوب الغيري للجزء، فنذهب إلى الاحتياط، ومع عدم ثبوت الوجوب الغيري للجزء ذهبنا للبراءة. السيد الخوئي (ره) ذكر انه لا علاقة للوجوب الغيري هنا، بل ان هناك وجوبا نفسيا إذا انحل نقول بالبراءة ومع عدم الانحلال نقول بالاحتياط.
السيد الخوئي (ره) لم يرد على ما ذهب اليه الشيخ النائيني (ره) لان المناط في الانحلال هو ان المعلوم اجمالا هو نفس المعلوم تفصيلا ينطبق على الأقل، فينحل إلى علم تفصيلي في الأقل وشك بدوي في الباقي.
إذن ما ذكره الشيخ (ره) من الثمرة كلام سليم صحيح لا غبار عليه لان المعلوم اجمالا يختلف عن المعلوم تفصيلا، واعترف به السيد (ره) عندما قال بالاندكاك.
النتيجة: أن ما ذكره النائيني (ره) من ثمرة بين القول بالوجوب الغيري فلنذهب إلى الاحتياط في الأقل والأكثر الارتباطيين، وبين القول بعدمه فنذهب إلى البراءة، هذه الثمرة نراها صحيحة، لان المعلوم بالتفصيل هو الجامع والمعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسي، وما ذكره السيد الخوئي (ره) اخيرا أيضا صحيح، ولكن قد اضاف تطبيقا آخر، لان المناط واحد عند الجميع وهو مناط الانحلال، بان المعلوم اجمالا ينطبق على المعلوم تفصيلا على كل حال. الشيخ النائيني (ره) طبقه في الوجوب الغيري، والسيد الخوئي (ره) طبقه في انحلال الوجوب النفسي ليكون المعلوم تفصيلا هو نفس المعلوم اجمالا، لنقول بالبراءة. وهذا التطبيق صحيح لو تمّ الانحلال.
أذن كلام الشيخ النائيني (ره) في موقع وكلام السيد الخوئي (ره) في موقع آخر لا يرد به على الشيخ (ره). لذلك نقول إذا تم الوجوب الغيري على الجزء فهذه ثمرة صحيحة، وإذا لم يتصف به، فحينئذ يكون هناك انحلال بناء على الانحلال. ونكون بناء على ثبوت الوجوب الغيري ذهبنا إلى الاحتياط، وفي عدم ثبوته نذهب إلى البراءة.
استدراك: إلا ان يقال: إنه بناء على ثبوت الوجوب الغيري ينشأ وجوب آخر، وهو الجامع بين النفسي والغيري حيث إنهما يندكان أحدهما بالآخر وينشأ مولود جديد، يتعلّق بالكل وبالجزاء بالأسر، وهذا هو المعلوم إجمالا. بعبارة اخرى: كان المعلوم اجمالا الوجوب النفسي فصار المعلوم اجمالا هو الوجوب الجديد المندك، وهذا الوجوب الجديد ينحل إلى عدد الاجزاء، وبذلك ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي، وحينئذ تجري أصالة البراءة.
ومعه، لا فرق بين ثبوت الوجوب الغيري وعدمه، إذ معه يتم ما ذكرنا ومع عدمه لا يكون لدينا إلا الوجوب النفسي فلا علاقة لمسألة الأقل والأكثر الارتباطيين بمسألتنا.
النتيجة: إن المقدمة الداخلية خارجة عن محل النزاع، والثمرة المذكورة غير تامّة. والذي يهون الخطب اننا لا نقول بانحلال الوجوب النفسي ولا بثبوت الغيري كما سنبيّن لاحقا.




[1] للتذكير: مسألة الأقل والاكثر الارتباطيين تجري في كل العبادات في كل شك في جزء، أو شرط، أو مانع، أو رافع، أو قاطع. وللمسألة الكثير من الموارد، كما في اجزاء الصلاة هل هي عشرة اجزاء او احد عشر جزءا، وغيرها. .
[2] مع عدم الانحلال يبقى العلم الاجمالي، والعلم منجز فيجب الاحتياط بالإتيان بالجميع حتى تبرء الذمة. .
[4] لأن البراءة نتيجة لعدم ثبوت الوجوب الغيري، والاحتياط نتيجة لثبوت الوجوب الغيري. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo