< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مقدمة الواجب، تقسيمات المقدمة.
بعد الانتهاء من المقدمة الداخلية أي الجزء وذهبنا إلى عدم الوجوب الغيري الشرعي فيها اصلا.
وفي مقام تشخيص محل النزاع لقدم المسألة وكثرة الاقوال فيها وصار التقسيم في السبب وغيره، وغير ذلك، فلا بد من تشخيص محل النزاع.
ومن تقسيمات المقدّمة تقسيمها إلى: عقلية، وشرعية وعادية.
ومنها تقسيمها إلى: مقدّمة وجود، ومقدمة صحة، ومقدمة علم، ومقدمة وجوب، هذا إذا قسمنا مقدمات الواجب.
أما إذا قسمنا المقدمات عموما سواء كانت مقدمة لعبادة أو معاملة، فلا بد من إضافة مقدمة تأثير.
الاصوليون قسّموا المقدمة إلى الأربعة الاولى، يقول صاحب الكفاية: ومنها: تقسيمها إلى مقدمة الوجود [1]، ومقدمة الصحة [2]، ومقدمة الوجوب [3]، مقدمة العلم [4]. لا يخفى رجوع مقدمة الصحة إلى مقدمة الوجود، ولو على القول بكون الأسامي موضوعة للأعم، ضرورة أن الكلام في مقدمة الواجب، لا في مقدمة المسمى بأحدها [5]، كما لا يخفى.
ولا إشكال في خروج مقدمة الوجوب عن محل النزاع، وبداهة عدم اتصافها بالوجوب من قِبَل الوجوب المشروط بها، وكذلك المقدمة العلمية، وإن استقل العقل بوجوبها، إلا أنه من باب وجوب الإطاعة إرشادا ليؤمن من العقوبة على مخالفة الواجب المنجز، لا مولويا من باب الملازمة وترشح الوجوب عليها من قبل وجوب ذي المقدمة. [6] [7]
النتيجة أن مقدمة الوجوب فإنها مأخوذة على نحو مفروغ الحصول، أي إذا حصلت حصل الوجوب النفسي، وهي خارجة عن محل النزاع. فيكون هل النزاع هو مقدمة الوجود، أي الواجب فقط.
أما مقدمة التأثير - ولم اجد من تطرق على حدّ علمي - وذلك في المعاملات كالرضى في العقود، ومثاله واضح في العقد الفضولي، ففيه يتوقف التأثير على الرضى، دون وجود العقد أو صحته، ولو كان الرضا شرطا في الوجود أو في الصحة لفسد أو انتفى من أساسه ولما كان للرضى أي أثر ولاحتاج الأمر إلى عقد جديد.
وحيث إنه لا يوجد عقد واجب بعنوانه كعنوان وجوب النكاح والبيع، بل الواجب قد يرد عليه بعنوان ثانوي كالوقوع في الحرام والمفسدة. والكلام إن كان في مقدّمة الواجب بعنوانه خرجت هذه المقدّمة - مقدمة التأثير - عن محل الكلام، نعم بناء على أن مقدّمة المستحب مستحبة، تدخل مقدّمة التأثير في محل الكلام إذا كان العقد مستحبا بعنوانه كما في عقد النكاح ويكون لها ثمرة عملية، من قبيل الاستحباب الشرعي للأب ان يوافق على زواج ابنته، أو ان توافق المرأة على عقد الزواج الفضولي، إلى آخره.
وإن كان الكلام في ذي المقدمة الواجب مطلقا سواء الوجوب بعنوان ذي المقدمة أم بعنوان ثانوي، دخلت هذه المقدمة في مسألتنا.




[1] مقدمة الوجود هي مقدمة الفعل نفسه والتي هي مقدمة الواجب، من قبيل الصلاة تحتاج في وجودها إلى مقدمات مثل التوجه للقبلة والطهارة والوضوء. ومثل قطع المسافة بالنسبة للحج، وهذه بلا شك تدخل في محل النزاع، بل الكلام فيها. .
[2] ولكن هل ترجع مقدمة الصحة إلى مقدمة الوجود أو لا؟ قد يقال ان هناك فرق بين الاثنين بناء على ما يقال في الصحيح والاعم، إذا قلنا أن الالفاظ موضوعه للصحيح، تكون مقدمة الصحة نفس مقدمة الوجود. وإذا قلنا أن الالفاظ موضوعة للأعم من الصحيح والفاسد، فتختلف مقدمة الوجود عن مقدمة الصحة. من قبيل استقبال القبلة، الصلاة لا تصح إلا بالاستقبال وإلا فهي فاسدة ويصدق عليها انها صلاة. .
[3] وهي مقدمة الجعل والوضع للحكم، من قبيل الاستطاعة والحج، قبل الاستطاعة ليس هناك وجوب حج، فلا معنى لأن تكون الاستطاعة واجبة والحج متوقف عليها لأن وجوبها فيض من وجوب ذي المقدمة وهو الحج، فيقع الدور حينئذ ويلزم اخذ المتقدم في المتأخر وهو محال. فلا يمكن ان تكون مقدمة الوجوب واجبة لأنها تكون مأخوذة مفروضة الحصول. والامثلة على ذلك كثيرة كما في الخمس والزكاة فلا يجب عليك ان تحقق الربح لكي تخمس ولا ان تحرز النصاب للزكاة. نعم ذكر بعض المحققين ان روايات التشديد على الصدقات وفعل الخير قد يستشعر منه استحباب مقدّماته. لكن نقول حتى هذا لا اشعار فيه والثواب يبقى على ذي المقدّمة. فإذا مقدمة الوجوب خارجة عن محل الكلام. .
[4] مقدمة العلم هي المقدمة الاحتياطية يحكم بها العقل لإحراز العلم بالإتيان بالواجب، من قبيل الوضوء يجب فيه غسل اليد إلى ما فوق المرفق من باب المقدمة العلمية حتى اقطع بغسل الواجب، من باب ان الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، واشتغلت ذمتي في غسل هذا الجزء فاغسل زيادة من باب تحقيق العلم. وهذه المقدمة خارجة عن محل النزاع لان الكلام في وجوب المقدمة الناشئ من وجوب ذي المقدّمة.
[5] الواجب لا يكون إلا صحيحا لأنه هناك فرقا بين عنوان الصلاة وبين الواجب من الصلاة، والوجوب هو الصحيح لأنه لا معنى لوجوب شيء فاسد. إلا ان يقال بالوجوب بالنذر واخويه، فيتعلق الوجوب بالنذر حتى بالفاسد منها، لكنها عكازة الاصولي كما قالوا. أولا: لعدم انعقاد النذر لعدم رجحان متعلّقه، وثانيا: في هذه الحالة فقط نفرق بين مقدمة الواجب ومقدمة الصحة. والامر سهل. .
[6] دفع دخل لان المقدمة يتوقف عليها ذي المقدّمة ولو علميا فتكون واجبة، فذو المقدمة هو غسل اليد كاملة في الوضوء، العلم بتحققه يتوقف على غسل شيء ازيد، وما يتوقف عليه الشيء هو مقدّمة، فيدخل العلم بالتحقق في محل الكلام. يجيب الشيخ (ره) بعدم الدخول لانه حكم قطعي عقلا من باب الاطاعة، والامن من العقاب، والاحتياط، حكم ارشادي. .وللتذكير قلنا ان محل الكلام في وجوب المقدّمة هو الحكم المولوي الغيري الشرعي، لا الحكم العقلي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo