< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: المعلّق والمنجز
نذكر ان فهم المصطلح في كل العلوم نصف الطريق إلى فهم العلم. في كل علم إذا فهما المصطلح وعرفنا محل النزاع في المسألة، امكن بعدها أن نفكر بالمسألة بشكل مستقل ونصل إلى نتيجة.
بعد التذكير بما مرّ نقول ان رأي العالم ليست دكتاتورية علمية، بل الدكتاتورية هي فرض هذا الرأي، اما البحث في المصطلح، فلا مشاحة فيه. [1]
نعود لصاحب الكفاية (ره) نقلا عن صاحب الفصول [2] يقول: " ومنها: تقسيمه إلى المعلّق والمنجّز، قال في الفصول: إنه ينقسم باعتبار آخر إلى ما يتعلّق وجوبه بالمكلّف، ولا يتوقف حصوله على أمر غير مقدور له، كالمعرفة، وليسمّ منجزا [3]، وإلى ما يتعلق وجوبه به، ويتوقف حصوله على أمر غير مقدور له [4]، وليسمّ معلقا كالحج، فإن وجوبه يتعلق بالمكلّف من أول زمن الاستطاعة، أو خروج الرفقة، ويتوقف فعله على مجيء وقته، وهو غير مقدور له، والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط هو أن التوقف هناك للوجوب، وهنا للفعل [5]. انتهى كلامه رفع مقامه.
ثم يقول صاحب الكفاية (ره): لا يخفى أن شيخنا العلامة (الانصاري) - أعلى الله مقامه - حيث اختار في الواجب المشروط ذاك المعنى، وجعل الشرط لزوما من قيود المادة ثبوتا وإثباتا، حيث إدعى امتناع كونه من قيود الهيئة كذلك، أي إثباتا وثبوتا، على خلاف القواعد العربية وظاهر المشهور، كما يشهد به ما تقدم آنفا عن البهائي، أنكر على الفصول هذا التقسيم، ضرورة أن المعلق بما فسره، يكون من المشروط بما اختار له من المعنى على ذلك، كما هو واضح، حيث لا يكون حينئذ هناك معنى آخر معقول، كان هو المعلق المقابل للمشروط ".
إلى هنا يكون المعلّق والمنجز بلحاظ الفعل، القيود ترجع للفعل أي للواجب، استقبال القبلة، والوضوء، والطهارة، وعدم القهقهة قيود للصلاة إلى آخره، وهناك ايضا قيود لوجوب الصلاة. في المعلق والمنجز القيد يعود " للصلاة " أي للفعل. الشيخ الانصاري (ره) لم يرى فرّقا بين المطلق والمشروط والمعلّق والمنجز، لكن على اصطلاحه وعلى ما ذهب اليه، لأنه اعاد جميع القيود إلى المادة. واشكاله على صاحب الفصول على اصطلاحه. فالقيد للفعل والواجب لا للهيئة فيكون لا فرق بين هذه الاقسام.
يقول صاحب الكفاية (ره): ومنها إنقدح أنه في الحقيقة إنما أنكر الواجب المشروط، بالمعنى الذي يكون هو ظاهر المشهور، والقواعد العربية، لا الواجب المعلق بالتفسير المذكور. وحيث قد عرفت - بما لا مزيد عليه - إمكان رجوع الشرط إلى الهيئة، كما هو ظاهر المشهور وظاهر القواعد، فلا يكون مجال لإنكاره عليه.
نعم يمكن أن يقال: إنه لا وقع لهذا التقسيم [6]، لأنه بكلا قسميه من المطلق المقابل للمشروط وخصوصية كونه حاليا أو استقباليا لا توجبه ما لم توجب الاختلاف في المهم، وإلا لكثر تقسيماته لكثرة الخصوصيات، ولا اختلاف فيه، فإن ما رتّبه عليه من وجوب المقدمة فعلا - كما يأتي - إنما هو من أثر إطلاق وجوبه وحاليته، لا من استقبالية الواجب، فافهم. [7]
ملخص ما يريد ان يقول: ان الوجوب المطلق: إن كان الواجب أي الفعل معلّقا على أمر استقبالي، فهو المعلّق كالحج المتوقف على زمنه، وإلا فهو المنجّز، كـ " بر الوالدين ". نعم صاحب الفصول قيّد " بغير المقدور له ".
وتوضيحا لكلام صاحب الفصول واشكالا عليه: انك اردت حلّ الاشكال بإستقباليّة الواجب، لكن حلّ هذا الاشكال إنما تمّ بسبب حاليّة وجوب ذي المقدّمة حالية وجوب ذي المقدّمة صنعت حالية وجوب المقدّمة فوجب مثلا في الحج أن اسافر قبل ثمانية اشهر لو توقف الحج على ذلك، وإن كان قبل زمان أشهر الحج.
وهذا ليس له علاقة بالواجب انه استقبالي أو حالي، لان الاشكال قد حلّ قبل اختراع المعلّق والمنجّز. وهذا الكلام نوافق عليه.
غدا أن شاء الله نكمل البحث.



[1] فائدة: بيان رأي العالم ونقضه لا يكون من باب الهجوم عليه بل هو ضرورة، وإلا اصبحنا قمعيين، صنميين، نعم الكلام الحرام هو النقض الساخر، والتكفير بلا مبرر.
[2] كتاب الفصول كاتبه أخ صاحب كتاب هداية المستفيدين، انصح الطلبة بقراءته لانه كتاب سلس. .
[3] القيد للواجب لا للوجوب، فإذا كان الوجوب مطلقا والواجب ليس معلّقا على شيء، يكون الوجوب حاليا والواجب ايضا حاليا ليس معلّقا على شيء، أما في المعلّق يكون الوجوب حاليا مطلقا والواجب استقباليا. انما قال ذلك لأجل أن يكون هناك وجوب للمقدّمة قبل وجوب ذيها، تحلّ إشكال المقدمات المفوّتة، فوجوب ذي المقدمة الآن يترشح منه وجوب المقدّمة، فصار عليّ ان اسافر قبل ثمانية اشهر إذا كان الحج يحتاج لذلك، ولا يجوز لي أن ابقى رغم عدم وجوب الحج عليَّ. .
[4] ايضا هنا لنا تعليق، يشترط التعليق على امر غير مقدور، مثل: حصول زمان الحج. جعل عدم القدرة في اساس التعليق والتنجيز.
فبنظر صاحب الفصول اصبح المعلّق والمنجز: أولا: التعليق للواجب لا للوجوب، ثانيا: يجب أن يكون غير مقدور.
[5] هذا تصريح واضح منه (ره) للفرق بين متعلّق الشرط، والمنجز، بان المنجز متعلّق بالوجوب وان هذا اصطلاحه، فكيف ننفيه؟ نعم الرأي يمكن ان نناقش فيه، كما في أراء الشيخ الطوسي (ره) وصاحب الكفاية (ره) واكثرها ردّت. .
[6] كما درسنا في المنطق أن التقسيم لا بد له من: جهّة، وثمرة، وعدم تداخل الاقسام بلحاظ الثمرات. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo