< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/02/11

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: المعلّق والمنجز
-بيان ما يمكن أن يقال في سبب ترجيح الشمولي على البدلي.
-تعليق صاحب الكفاية على ترجيح الاطلاق الشمولي على البدلي.
-تعليقنا على هذا المرجح الاول، وأن المرجع إلى ما يؤدي إلى إثبات وضع أو إتمام ظهور سواء كان بالوضع أو بمقدمات الحكمة.
عظم الله اجوركم باستشهاد الامام الحسن المجتبى عليه السلام.
بعد تلخيص ما مرّ نعود لإشكال صاحب الكفاية (ره) على الشيخ الانصاري (ره) الذي رجّح بوجهين: الاول بأن إطلاق الهيئة شمولي وإطلاق المادة بدلي، والشمولي يقدّم على البدلي.
الثاني: ان تقييد الهيئة يقتضي تقييد المادة قهرا، لأنه لا معنى لان يكون الوجوب استقباليا والواجب ماضيا، وهو محال عقلا وليس بحاجة إلى دليل.
أما الصغرى، فلأجل أنه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة وبيان لإطلاق المادة، لأنها لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة، بخلاف تقييد المادة، فإن محل الحاجة إلى إطلاق الهيئة على حاله، فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد وعدمه.
ملخص الصغرى: انه إذا قيّدت الهيئة رجع الكلام للمادة، أما إذا قيّدت المادة تبقى الهيئة كما هي مطلقة او مقيّدة.
وأما الكبرى، فلان التقييد وإن لم يكن مجازا إلا أنه خلاف الأصل.
ولا فرق في الحقيقة بين تقييد الإطلاق، وبين أن يعمل عملا يشترك مع التقييد في الأثر، وبطلان العمل به.
دفع دخل أو ردّ على اشكال على الشيخ الانصاري (ره) من صاحب الكفاية (ره): وهو انه إذا ارجعنا القيد للهيئة يكون هناك تقييدان، وإذا دار الامر بين تقييدين أو تقييد واحد فالأولى التقييد الواحد لأصالة الاطلاق.
رد صاحب الكفاية (ره) انه لا وجود لأصالة الاطلاق الناشئة من مقدّمات الحكمة، فإذا قيّدت الهيئة فلا تقييد للمادة إلا من باب الاثر لعدم وجود لفظ يقيّد، والاطلاق نشأ من عدم تقييد المادة. وبهذا لا يكون هناك دوران الامر بين تقييدين، فالقيد واحد للهيئة وقيد واحد للمادة.
والرد انه لا فرق في الاطلاق بين ان يكون الامر هو مطلق وبين ان يكون اثره الاطلاق، مثلا إذا قلت:" إذا زالت الشمس فصلِّ "، إذا أرجعنا القيد للهيئة يكون وجوب الصلاة عند الزوال، إذا ارجعنا القيد إلى المادة فالصلاة نفسها لا تكون إلا عند الزوال، القيدان واضحان، وبين أن اقول: " ان وجوب الصلاة عند الزوال " هذا القيد للهيئة وحده يسري إلى المادة وهي الصلاة. فلا فرق بين القولين. بمثال آخر: إذا اردت اكرام زيد، تارة اكرمه بنفسه وتارة اكرمه بالواسطة فاكرم اباه. وهنا نفس الكلام: إذا قيّدت الهيئة فالقيد لا يعود للمادة لكن اثره يعود للمادة من قبيل الاكرام بالواسطة.
" وما ذكرناه من الوجهين موافق لما أفاده بعض مقرري بحث الأستاذ العلامة أعلى الله مقامه، وأنت خبير بما فيهما " .
هنا يبدا ردّ صاحب الكفاية (ره) ويليه ما يمكن ان نعلّق عليه من الصواب والخطأ في كلامه.
أما في الأول: فلان مفاد إطلاق الهيئة وإن كان شموليا بخلاف المادة، إلا أنه لا يوجب ترجيحه على إطلاقها، لأنه أيضا كان بالإطلاق ومقدمات الحكمة، غاية الأمر أنه تارة يقتضي العموم الشمولي، وأخرى البدلي، كما ربما يقتضي التعيين أحيانا، كما لا يخفى.
وترجيح عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو لأجل كون دلالته بالوضع، لا لكونه شموليا، بخلاف المطلق فإنه بالحكمة، فيكون العام أظهر منه، فيقدم عليه، فلو فرض أنهما في ذلك على العكس، فكان عام بالوضع دل على العموم البدلي، ومطلق بإطلاقه دل على الشمول، لكان العام يقدم بلا كلام. [1]
ملخص جواب صاحب الكفاية (ره): ان المرجح الأول: " الاطلاق الشمولي مقدّم على البدلي" فليس دائميا وشاملا، ولا دليل عليه، فإن ترجح الشمولي لكونه بالوضع والبدلي بمقدمات الحكمة. وهذا لا يشمل ما كان العام أيضا بمقدمات الحكمة.
فإذا كان ميزان التقديم أن احدهما بالوضع والثاني بمقدمات الحكمة، يقدم الوضع. مثلا: " احل الله البيع " عموم تمّ بمقدمات الحكمة وليس بالوضع. أما إذا قلت: " احلّ الله البيوع " أو " احلّ الله كل بيع " العموم بالوضع وليس بمقدمات الحكمة.
ونردّ على صاحب الكفاية (ره) بان الميزان الذي جعلته ميزانا للتقديم ليس هو الميزان، ولو كان هو السبب وما ذكروه من أن ما كان بالوضع يقدم على مقدمات الحكمة، لان ما كان بالوضع علقته لصيقة بالموضوع له وقريبة ومباشرة، أما في مقدمات الحكمة فنحتاج بعد انطباق العنوان اليها وهي: ان يكون في مقام البيان وامكن ان يبيّن ولم يبيّن. فيقدّم الوضع لان قوّة العلاقة بين اللفظ ومعناه في الوضع اشد من قوّة العلاقة بين اللفظ ومعناه بمقدمات الحكمة.
وببيان آخر ذكره الشيخ الانصاري (ره) في مبحث التعادل والتراجيح: لما كان عموم العام بالوضع وإطلاق المطلق بمقدمات الحكمة، ولما كانت المقدمة الثالثة هي عدم البيان، ولما ما بالوضع يصلح أن يكون بيانا وقرينة لأن التبادر اليه، كانت مقدمات الحكمة غير تامة، فلا يتم اطلاق المطلق، فلا يعود القيد إليه.
ردنا: ان هذا ليس سليما ولا نسلّم فيه وان هذه الاستحسانات لا تثبت الفاظا. بل نقول ان المدار على الظهور وعلى حجيّته، إذا ادى الوضع إلى ظهور اقوى سلّمنا، وقد تؤدي مقدمات الحكمة إلى ظهور اقوى من الوضع احيانا تبعا للتعبيرات فتقدّم، ومثلنا سابقا لذلك: إذا دار الأمر بين المعنى الحقيقي والمجاز المشهور، قال كثيرون انه يقدم المجاز المشهور على المعنى الحقيقي، مع العلم ان العلاقة المجازية بين اللفظ والمعنى اضعف بكثير من العلاقة الحقيقية بالوضع. قلنا ان الحجية تعود للظهور فإذا كان ظهور المطلق اقوى نقدّمه وإذا كان ظهور العام اقوى نقدمّه. مثلا: " اوف بكل عقد " عموم، ثم قلت " عقد الربا باطل "، القيد ظهوره بمقدمات الحكمة، اما العموم ظهوره بالوضع، ومع ذلك نقدّم المطلق على العموم لأن الخاص يقدّم على العام.
بلا شك نسلّم بان ما كان بالعلقة الوضعية اقوى مما كان المقدمات وغيرها لكن الأظهرية هي التي يؤخذ بها لان الحجية للظهور.
غدا ان شاء الله نستعيد بعض الامثلة مثلا إذا دار الامر بين الاشتراك والمجاز، يقدم المجاز على الاشتراك لان مؤونة المجاز اخف من مؤونة الوضع. نقول ان هذا استحسانات لا تؤدي إلى إثبات وضع، نعم إذا ادّت إلى ظهور أو إلى وضع نأخذ بها.
ونكمل بيان ذلك غدا إن شاء الله تعالى.





BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo