< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: النفسي والغيري:

الأصل العملي في المسألة عند الشك.

يقول صاحب الكفاية (ره): هذا إذا كان هناك إطلاق، وأما إذا لم يكن، فلا بد من الاتيان به فيما إذا كان التكليف بما احتمل كونه شرطا له فعليا، للعلم بوجوبه فعلا، وإن لم يعلم جهة وجوبه، وإلا فلا، لصيرورة الشك فيه بدويا، كما لا يخفى. [1]

بيانه: إذا كان الدليل لفظيا واردا في مقام بيان، الشامل لكل الحالات من النفسي والغيري، مثلا: ) وإن كنتم جنبا فاطهروا (، " فاطهروا " دليل لفظي لوجوب التطهير سواء كان بذاته مستحبا أو مقدمة للصلاة مستحب. وقد تمت مقدمات الحكمة كان مقتضى الاطلاق هو الواجب النفسي عند الشك فيه.

واما إذا لم يكن الاطلاق تاما، ولا توجد قرينة على كون الواجب نفسيا أو غيريا، أي انتفى الدليل الكاشف من أمارات خاصة، أو إطلاق لفظي، تصل النوبة إلى الأصل العملي، أي الوظيفة العملية.

وللتذكير: مجرى البراءة هو الشك في وجود تكليف فعلي، سواء أكان الوجوب أم الحرمة.

ومجرى الاحتياط هو الشك في الامتثال في حال ثبوت تكليف فعلي.

وتطبيقا لهذا بما معناه يقول صاحب الكفاية (ره) ونعم ما قال: إن كان التكليف بذي المقدمة فعليا، وعلمنا بوجوبه، فالأصل الاحتياط، وهذا يعني لا بدية الاتيان بالشرط المشكوك، لان الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

وإن لم يكن التكليف بذي المقدمة فعليا مثلا: صلاة الحائض أو التي يحتمل حيضها، التكليف بالصلاة ليس فعليا)، فالفعل المشكوك يدور أمره بين أن يكون واجبا نفسيا، وبين أن لا يكون واجبا، لأن الطرف الثاني وهو الوجوب المقدمي غير معلوم المقدمية لواجب. وبهذا ينتفي العلم الاجمالي بالوجوب فلا يدور الأمر بين وجوبين، بل

يدور بين الوجوب النفسي المعلوم وبين الوجوب الغيري المشكوك، ومعه فالمجرى هو البراءة. [2]

ثم إن السيد الخوئي (ره) كان أكثر تفصيلا، فذكر ثلاث حالات، يقول: وأما المقام الثاني - وهو التمسك بالأصول العملية عند عدم وجود الأصول اللفظية - فالكلام فيه يقع من وجوه:

الأول: ما إذا علم المكلف بوجوب شيء إجمالا في الشريعة المقدسة وتردد بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا، وهو يعلم بأنه لو كان واجبا غيريا ومقدمة لواجب آخر لم يكن ذلك الواجب فعليا، وذلك كما إذا علمت الحائض بوجوب الوضوء عليها وترددت بين كون وجوبه نفسيا أو غيريا، وهي تعلم بأنه لو كان واجبا غيريا ومقدمة للصلاة لم تكن الصلاة واجبة عليها فعلا، وفي مثل هذا الفرض لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عقلا ونقلا.

بيان ذلك: هو أن المكلف لا يعلم بوجوب فعلي على كل تقدير، فإنه على تقدير وجوبه نفسيا وإن كان فعليا، إلا أنه على تقدير وجوبه الغيري فلا يكون بفعلي، لعدم فعلية وجوب ذيه، ومعه لا محالة يشك في الوجوب الفعلي، ومن الطبيعي أن المرجع في مثله هو البراءة الشرعية والعقلية.

وهذا هو مراد المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من الرجوع إلى البراءة فيه، لا الوجه الثاني الآتي كما نسب إليه

 

شيخنا الأستاذ (قدس سره). [3]

وهذا الكلام متين إلا أن فيه خلل بالتعبير، حيث ذكر في المقسم بداية وجود علم اجمالي بوجوب شيء وتردد بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا؟ ثم ذكر أن الواجب الغيري غير تام، وهذا خلف. ففي المثال الذي ذكره السيد (ره) إذا كانت المرأة الحائض تعلم انها حائض، والوضوء لو كان لكان مقدمة لصلاة هذه الحائض، والصلاة اصلا غير واجبة، كيف يدور الأمر بين النفيس والغيري، فاصل العلم الاجمالي غير موجود اساسا.

غدا ان شاء الله نكمل كلام السيد (ره) والحمد لله رب العالمين.


[1] كفاية الاصول، الآخوند، ص110. مثلا: في الصوم اشك في اشتراط عدم رمس الرأس في الماء، في حال الاحتياط لا ارمس الرأس في الماء، أي اقوم بالشرط المشكوك. ولذا ذكرنا في الصحيح والاعم ان الاصل العملي في الاحتياط يعارض نتيجته في الاصل اللفظي وهو طرد الاشتراط. وذكرنا اننا إذا شككنا في أي شرط أو جزء أو مانع ان الاصل اللفظي إذا تمّت الماهية هو الاطلاق، والاصل العملي هو اصالة البراءة عند الاكثر في الاقل والاكثر الارتباطيين في العبادات، واصالة الفساد في المعاملات. وللتذكير: ملخص المنهجية الاستنباطية في حال الشك في شرط او جزء أو مانع أو قاطع: عند الشك في العبادات، فبناء على الاعم في مسألة الصحيح والاعم التي هي مسألة من مسائل الاصول اللفظية، فإذا تم انطباق الماهية على المأتي به، استطيع ان أخذ بأصالة الاطلاق ونتيجتها طرد الاشتراط. واما لم يتم تطبيق الماهية فالأصل العملي هو من تطبيقات مسألة الاقل والاكثر الارتباطيين التي هي من مسائل الاصول العملية، الاكثر يقول بالبراءة والبعض يقول بالاحتياط. هذا في العبادات، اما في المعاملات إذا شككت في شرط فإذا تم صدق الماهية على الفرد المأتي يكون هنا مورد اصالة الاطلاق ونطرد اشتراط الشرط. فأن لم يكن يأت مورد الاصل العملي وهو اصالة الفساد واستصحاب عدم الاثر.
[2] فائدة: مدار المسالة هو في العلم الاجمالي: هل ينحل العلم الاجمالي أو لا؟ إذا انحل فالمشكوك مورد البراءة، واذا لم بنحل يكون المشكوك مورد الاحتياط العقلي. هذا الانحلال في العلم الاجمالي إما انحلال حقيقي او انحلال حكمي. والفرق بينهما، انه في الانحلال الحقيقي لم يعد هناك علم اجمالي كليا في صفحة النفس، لان العلم الاجمالي هو خليط بين علم في الكلي وجهل في الافراد والاشخاص، مثلا: عندما شك بان احد الإناءين نجس، هناك جهة علم وجهة جهل، جهة العلم هي في كلي نجاسة احد الاناءين، وجهة الجهل في تعيين ايهما النجس. إذا انحل العلم الاجمالي فالمورد البراءة لان ثمرة العلم الاجمالي هي التنجيز، وإذا لم ينحل فالمورد الاحتياط. هذا الانحلال تارة حقيقي وجداني، وتارة انحلال حكمي. غدا ان شاء الله يأتي بيانهما. ردا على اشكال احد الطلبة: بانه يجب الاتيان بالمشكوك على كل حال، اما لزوم الغيرية او النفسية في الاصل العملي كيف نعلمه. الجواب: في الاصل العملي نبحث عن الوظيفة: هل يجب الاتيان بالمشكوك أو لا؟ فهو مجرد بيان وظيفة ولا يعني النفسي أو الغيري وإن تقاطع معه في النتيجة. وليس هناك أصل عملي نفسي أو غيري، وللتوضيح: ان الاصول العملية مجرد بيان وظائف مثلا: لو شككت هل يشترط في الصلاة الخشوع لصحتها. في الاصل اللفظي هذه تسمى صلاة فالأصل الاطلاق. وإذا لم يكن أصلا لفظيا نصل إلى مرحلة الاصل العملي. نقول ان الصلاة عندما اتيت بها الاصل عدم براءة الذمة، لأنني اتيت بصلاة مطلوب فيها الخشوع، اشك في الامتثال، فيجب الاتيان بالمشكوك، أي لزوم الاحتياط، نتيجتها كنتيجة القول بالصحيح. لكن النتيجة شيء ونفي مجرى الاصل العملي شيء آخر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo