< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النفسي والغيري:

اكمال تعليق السيد الخوئي (ره) على الشيخ النائيني (ره)

ملاحظتان على كلام السيد الخوئي.

الاشكال الثالث من النائيني على الآخوند في توجيه الاخير لعبادية الطهارات الثلاث، من أن منشأ العبادية هو استحباب الوضوء النفسي.

جواب السيد الخوئي عليه.

نكمل تعليقات السيد الخوئي على كلام الشيخ النائيني في عبادية الطهارات الثلاث.

في التعليق الاول نظر السيد الخوئي للمسألة بان هذا نظير ما لو تعلق النذر بالمستحب. وقلنا ان هذا التنظير يتم في لو كان حيثية تعليلية وليس تقييدية.

ثانيا: إن مسألتنا هي من باب تعدد العنوان والمتعلّق واتحاد المصداق والمعنون، ذلك أن متعلّق الاستحباب النفسي هو نفس الطهارة، ومتعلق الوجوب الغيري هو الطهارة بقصد أمرها النفسي الاستحبابي على نحو الحيثية التقييدية، وهي ما ذكره أيضا. وفصّلنا ذلك في درس الأمس.

ثالثا: إنه (ره) اكتفى في العبادية بمحبوبية الفعل، وهذا لا يتم على القول باشتراط قصد الأمر، فالمحبوبية لا تكفي.

هنا ملاحظتان: الاولى:

- إن الاكتفاء بمحبوبية الفعل يؤيد ما ذكرناه في مبحث التعبدي والتوصلي، من أن العبادة شيء وقصد الأمر أو التقرب أو الطمع في الجنة أو الخوف من النار شيء آخر.

إن بقاء المحبوبية يحتاج إلى دليل، ويمكن أن يستدل له بالتالي: بأن صفات المأمور به ليست ناشئة من الأمر به، فالحسن والمحبوبية كالبياض والسواد صفتان سابقتان على الأمر ثم تعلق الأمر بها، فلو دُفِع الأمر أو ارتفع لما أثر ذلك في المتعلّق.

الملاحظة الثانية: إن تعدد المتعلّق قد ذكره السيد أيضا، ولا بأس بذكر عبارته (ره): وإن شئت قلت: إن الأمر الغيري إن تعلّق بها بداعي أمرها الاستحبابي كان متعلق أحدهما غير ما تعلّق به الآخر، وإن تعلّق بذواتها فعندئذ وإن كان متعلّقها واحدا إلا أنك عرفت أنه لا تنافي بينهما، ولا يوجب زوال الاستحباب بالمرة. [1] انتهى.

بهذا الكلام السيد الخوئي (ره) يكون قد لخص كل اشكالاته على الشيخ النائيني (ره) بان المتعلق متعدد وليس بواحد ولا داعي للإندكاك ولا بالتبدل وغيره مما ذكر، حينئذ نصل إلى عدم التنافي بين الاستحباب والامر الغيري بل هما من سنخ واحد يختلف شدّة وضعفا، وتختلف اللوازم.

الاشكال الثالث من الشيخ النائيني (ره) على صاحب الكفاية (ره): على توجيهه لعبادية الطهارات الثلاث، وهو ان منشأ العبادية من استحباب الوضوء:

إن الأمر النفسي الاستحبابي المتعلق بها كثيرا ما يكون مغفولا عنه ولا سيما للعامي، بل ربما يكون الشخص معتقدا عدمه باجتهاد أو تقليد أو نحو ذلك، ومع هذا يكون الإتيان بها بداعي التوصل بأمرها الغيري صحيحا، فلو كان منشأ عباديتها ذلك الأمر النفسي لم تقع صحيحة. لأن العبادية تنشأ إما من الاستحباب النفسي وهو أمر مغفول عنه أم معدوم، وإما من الأمر الغيري، وهو لا يوجب العبادية.

صاحب الكفاية (ره) وكأنه قد كان ملتفتا إلى ما يمكن أن يرد عليه، فاستبق الأمر وقال: " إن الأمر المقدمي لا يدعو إلا إلى ما هو المقدمة، والمفروض في المقام أن ما هو المقدمة عبارة عن الطهارات الثلاث المأمور بها بالأمر النفسي، فيكون قصد امتثال هذا الأمر النفسي حاصلا ضمنا عند قصد امتثال الأمر الغيري وإن لم يلتفت المكلف إلى هذا الأمر تفصيلا فضلا عن قصده.[2] ( كونوا على ذكر من هذا الكلام فانه سينفعنا في المختار ).

هذا الكلام من صاحب الكفاية (ره) الذي يمكن أن يجاب به النائيني (ره)، لم يرتضه السيد الخوئي (ره) لسببين:

الاول: ما محصله: إن قصد الأمر النفسي الاستحبابي لا يوجد إلا بتحققه فعلا، أي فعلية النية، فلو كان مغفولا عنه لم يتحقق، لأن القصد والنيّة صفة فعلية في النفس وليس شأنيّة. مع العلم أنه لا شبهة في تحقق الطهارات الثلاث مع الغفلة عن الاستحباب النفسي بل مع القطع بعدمه.

الثاني نقضي: من المعلوم أن صلاة الظهر واجب عبادي لا يتم إلا بقصد أمره النفسي، فلو كان مغفولا عنه وقصدنا أمره الغيري كمقدمة لصلاة العصر لصحّت صلاة الظهر، وهو ضروري الفساد.

وحاصل الكلام: إن قصد الأمر النفسي الاستحبابي يجب أن يتحصل فعلا، ولا يصح قصده ضمنا أو ارتكازا، وبدونه يقع الوضوء باطلا فتبطل الصلاة، وهذا ما لا يمكن الالتزام به.

إلى هنا نكون قد بيّنا توجيه الآخوند (ره) في منشأ العبادية، وردود الشيخ النائيني عليه، وأجوبة السيد الخوئي (ره) على النائيني (ره)، وتعليقاتنا على أجوبة السيد الخوئي (ره).

 


[2] من قبيل: " الجمل بما حمل " أو اننا اشترينا بستانا، حتى لو كنت غافلا عن تفاصيله بما يحتوى من اشجار التفاح وغيرها، والامر الغيري تعلق بمقدمة بما هي مقدمة وبما وتحمله من صفات التفتنا اليها أم لم نلتفت، سواء كان هذا الالتفات فعليا أو ارتكازيا، يعني قصد الامر النفسي وهذا الحركات بداعي امرها النفسي وهذا الداعي الذي هو جزء المتعلق قد التفت اليه وقد لا التفت، لكن لو الفتني شخص صح. ومن قبيل استحضار النية في صوم شهر رمضان، قد ينسى انه صائم لكن ارتكازا النية باقية وقد لا يلتفت إلى نية صيامه في النهار عند العمل، لكنه لو سؤل لأجاب انه صائم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo