< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النفسي والغيري:

رأي السيد الخوئي (ره).

تعليقات وما نتصوره من اشكال عليه (ره).

فرق بين قصد العنوان والاضافة لله تعالى.

ثم بيّن كلامه (ره) بنحو أوضح فيقول: وبكلمة أخرى: إن مقدميّة الطهارات الثلاث تنحل إلى ذوات الأفعال وقصد التقرب بها ( أي تنحل إلى مقدميّة ذوات الأفعال ومقدميّة قصد التقرب بها )، فإذا جاء المكلف بالأفعال في الخارج ولم يقصد بها التقرب إلى المولى فلم يوجِد المقدمة خارجا فلا تصح عندئذ العبادة المشروطة بها، وأما إذا قصد بها التقرب سواء أكان من ناحية قصد الأمر النفسي المتعلق بها، أو من ناحية قصد التوصل بها إلى الواجب فالمقدمة قد وجدت في الخارج، ومعه تصح العبادة المشروط بها في الخارج، ولا يفرق في ذلك بين القول بوجوب والقول بعدمه. والنتيجة ان الأمر الغيري لا يعقل أن يكون منشأ لعباديتها. [1]

إننا نوافق السيد الخوئي (ره) موافقة تامة عندما قال: إن لزوم الاتيان بالطهارات الثلاث عبادة لم ينشأ من ناحية أمرها الغيري، بل من ناحية كون المقدمة عبادة، سواء فيه القول بوجوب المقدمة والقول بعدم وجوبها. [2]

ولكن لدينا تعليقات على كلام السيد (ره):

الاول: عندما قال في الحالة الاولى عند قصر النظر على الأمر الاستحبابي النفسي للطهارة، فهذا يؤدي إلى العباديّة، ثم يقول: "وهذا يتوقف على وجود الأمر النفسي، وقد عرفت أنه موجود ".

أقول: هذه وجهة نظر منه، لكنّا بيّنا في بحث التعبدي والتوصلي أن العبادية شيء وقصد الأمر شيء آخر. فالصلاة لا تحتاج إلى أمر أصلا حتى تكون عبادة، ولا إلى قصد داعي الأمر، وسنعرج على هذه الفكرة في المختار.

الثاني: وقوله في الحالة الثانية، وهي لو قصد التوصل إلى ذي المقدمة، فهو عبادة نظرا للإضافة لله تعالى. لكن هذا يلزمه أن الاتيان بصلاة الظهر مقدمة للعصر غافلا عن وجوبها (الظهر) النفسي صحيحة؟!

وهذا ما لا يمكن الالتزام به، لان وجود الظهر قبل العصر أصبح شرطا كبقية الشروط فلا تصح الصلاة بنية المقدميّة للعصر. بل لا بد من الالتفات إلى صلاة الظهر النفسي.

الثالث: قوله (ره): إن قصد التوصل إلى عنوان الواجب لا يؤدي إلى عباديته بذاته، بل بخصوص ما لو أضافه لله تعالى.

ولكن نقول: فرق بين قصد العنوان وهو قصد التوصل إلى خصوص ذي المقدمة، والاضافة لله تعالى. بل قد يفترقان مصداقا، ألا ترى أن ذي المقدمة قد يكون توصليا، مثلا: بر الوالدين، ومقدمته أيضا توصلية وهو الذهاب لزيارتهما، فلو نويت الذهاب قربة إلى الله فقد ثبت لي الثواب وثبتت العبادية للذهاب، وأما لو نويت الذهاب لبرّهما من دون قصد القربة، رياءَ أو مجرد عاطفة أو ما إلى ذلك من أسباب غير الاضافة لله، فلا تقع عبادة، تماما مثل زيارة الفاسق والكافر لوالديه. فإن قصد العنوان - وفي مقامنا: قصد التوصل إلى الواجب - لا يعني الاضافة لله تعالى. وهذا ما سنتعرض له إن شاء الله تعالى عند بيان المختار.

وعليه ففي الحالة الثانية، وهي قصر النظر على المقدميّة وعدم النظر إلى الاستحباب النفسي، لا موجب للعبادية بمجرد قصد التوصل إلى الواجب.

هذه النقطة لم تذكر تفصيلا: السيد الخوئي (ره) ذهب إلى ان قصد التوصل إلى ذي المقدمة هو اضافة لله عز وجل مما يؤدي إلى العبادية. جوابنا ان قصد التوصل للعنوان شيء والعبادية وداعي الأمر شيء آخر. في الامور التوصلية الثواب يتعلق بالاضافة لله عز وجل، بينما في التعبدي، التعبد يدور الثواب وصحته وجودا وعدما مدار نيتها لله عز وجل.

تعليقنا على كلام السيد الخوئي في الحالة الثانية: " نقصر النظر على قصد التوصل إلى عنوان ذي المقدمة ". مثلا: عند انقاذ غريق يفرض ان اخذ معدات الانقاذ، هذه المقدمات إذا نويتها لإنقاذ الغريق (العنوان) صارت عبادة لأنها اضافة لله عز وجل. فإذا لم اكن في الاصل ناويا للعنوان، وكانت النيّة انقاذ الغريق بما هو غريق من باب الانسانية والعاطفة أو الرياء، هنا قصد العنوان لا يعني انها اصبحت عبادية. وهذا الامر سينفعنا كثيرا في تفصيل بعض الواجبات المشكوكة كالكفارات والخمس والزكاة، هل هي عبادات أو توصليات؟

ثم إن السيد الخوئي (ره) بعد بيان ما يختاره من توجيه عبادية الطهارات الثلاث يفرّع على ذلك ثلاثة أمور:

غدا ان شاء الله نكمل.


[2] وان شاء الله سنصل إلى نتيجة في المختار، ان المقدمة ليست واجبة كليا، وليس لدينا وجوبا غيريا، والمقدمات كالوضوء عبادة قبل تعلق الامر بها كمقدمية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo