< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/12/27

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: هل المسألة فقهية أو أصولية؟.

     المائز بين المسألة الفقهية والمسألة الاصولية. بل المائز بين مسائل العلوم.

     ملخص الاقوال في المائز.

بعد الانتهاء من معاني الالفاظ الواردة في العنوان ننتقل إلى " هل المسألة فقهية أو أصولية؟ ".

ذكرنا في أول مباحث درس الأصول مسألة المائز بين المسألة الفقهية والاصوليّة أم غير ذلك، بل المائز بين مسائل العلوم، وتعرضنا لمختلف الآراء، وذكرنا منها سبعة، وذكرت أن كلا من الاساطين قد التفت إلى جهة وعرّف المسألة الاصولية بحسب تلك الجهة، وقد تكون الجهة هي لازمة للمسألة الاصولية، ونلخص هذه الاقوال أو الاوجه ونذكِّر بها وهي موجودة في تقريرات الشيخ الشويلي:

التفريق الاول: أن تكون الاستفادة من المسألة الاصولية من باب الاستنباط والاستفادة من المسألة الفقهية من باب التطبيق، مع عدم الحاجة إلى قاعدة كليّة أخرى، وهو كلام السيد الخوئي (ره).

التفريق الثاني: إن المسألة الفقهية تلقى إلى العامي ليستفيد منها، ولا تلقى إليه المسألة الاصولية لأنها من شأن المجتهد.

التفريق الثالث: المسألة الاصولية هي التي تقع نتيجتها كبرى لإثبات المسألة الفقهية.

التفريق الرابع: المسألة الاصولية هي عنصر مشترك بين كل الابواب أو جلها.

التفريق الخامس: المسألة الاصولية هي القانون أو الدستور الذي يعدّ حجة في الفقه.

التفريق السادس: إن ما في كُتب علم الأصول أصولي، وما في كُتب علم الفقه فقهي، وذلك لانطلاقا من الواقع المعمولي.

التفريق السابع: هو الرأي المختار وحاصله: لما كانت العلوم تنشأ بسبب الأغراض فهي تختلف بحسبها، فيكون التمايز بين العلوم بالأغراض، لا بالموضوعات ولا بالمحمولات.

إذن فلنجعل هذا الأمر نصب أعيننا ونقول: إن ما خدم غرض علم الأصول أولا وبالذات فهو أصولي، وما خدم غرض علم النحو أولا فهو نحوي، وهكذا ... وإن استفادت منه علوم أخرى، مثلا: إذا طرحنا مسألة نحوية ويستفيد منها علوم اخرى، كما في مباحث الالفاظ وهي معاني لغوية، صيغة الامر لغة لفظ، كما بحثت مادة " أمر " ايضا تبحث صيغة " أمر " لكن اللغويين لم يبحثوها من جهة دلالتها على الوجوب والاستحباب وقصروا في هذه الناحية، فعندما ابحثها بغرض فهم المادة أو الصيغة ما معناه. استفيد منها أيضا في الاصول لكن لا تعني انها صارت مسألة اصولية وهلمّ جرا كثير من المسائل. والآن مسألة الاستنساخ عندما ابحث في تكوين الولد كيف يتكون والجينات المكونة للولد والاعمال الخاصة جينيا، هذا لا يعني انها مسألة فقهية لأنها تنفعني في الفقه في بحث من هي أمه ومن هو أبوه، فان المسألة لا تزال مسألة طبيّة واستفدت منها في الفقه.

ونعود إلى مسألتنا: مسألة الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده او لا ؟ درسنا هذه المسألة لأجل معرفة حكم الضد بالحرمة او الحليّة.

إذن هي مسألة فقهية اسستها وبحثتها لأعرف حكم الضد وليست اصوليّة في الاساس، لكن اثناء البحث صار البحث كله عن الأمور الاصولية وكدنا ننسى فقهية المسألة، فإذا لاحظنا المبحوث في المسألة فهو البحث عن الملازمة بين الامر بالشيء والنهي عن ضده، هذا البحث اصولي.

ولذلك نقول: ان القدماء استدلوا بالدلالات الثلاثة أي ان المسألة لغوية هل هي دلالة مطابقية أو تضمنية أو التزامية أو غير ذلك. فإذا لاحظنا الغرض تكون هذه المسألة فقهية لان المراد معرفة حكم الضد " حلال او حرام " " مستحب او مكروه او مباح "، فإذا لاحظنا الابحاث ضمن المطالب نجد المتأخرين ركزوا على ثبوت الملازمة بين المقدمة وذيها ثبوتا عقليا فهي بحث عقلي حكم عقلي، اما القدماء فقد جعلوه تلازما لفظيا.

فإذا جعلنا البحث هو في هذه الملازمة فالمسألة اصولية عقلية لأن الحكم بالتلازم بين الامر بالشيء والنهي عن ضده حكم عقلي ومن نتائجه الحكم بالحرمة او عدمها.

وإذا لم نبحث الملازمة غير البيّنة بل بحثنا المسألة من حيث الدلالات الثلاث فنقول: هل يدل لفظ الامر على النهي عن ضده بالدلالة المطابقية وذلك عند من يقول بان النهي عن الضد هو عين الأمر بالشيء، أو بالدلالة التضمنية بان نقول: إن النهي عن الضد جزء من الأمر بالشيء، أو بالدلالة الالتزامية بان نقول بان النهي عن الضد لازم للأمر بالشيء باللزوم العقلي او الشرعي او العرفي البيّن بالمعنى الأخص.

ملخص المسألة: انه إذا لاحظنا الغرض الذي اسست لأجله فيتقيّد، فهي فقهية لان الغرض الاساسي معرفة حكم الضد، وان لاحظنا الابحاث الموجودة فهي احد امرين: تارة ابحاث عقلية في البحث الملازمة غير البيّنة وحكم العقل فيها، فهي مسألة اصولية عقلية. وتارة نبحثها لغويا فتكون من ابحاث الالفاظ ولذلك القدماء جعلوها في مباحث الالفاظ كما في مقدمة الواجب. والنتيجة: بما ان العلوم تتمايز بالغايات والاغراض وهنا الغاية البحث عن حكم الضد، فمع هذا اللحاظ فهذه المسألة فقهية، وإذا بحثنا الملازمة العقلية وبلحاظها تكون المسألة عقليّة اصولية، وإذا بحثناها للدلالات اللفظية تكون المسألة من مباحث الالفاظ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo