< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     مسلك المقدمية.

     استناد المعلول إلى المقتضي لا إلى غيره من اجزاء العلّة، ولزا كان هو الاهم.

     المانع مانعان: مانع من التأثير ومانع من التحقق.

     مقدمة الوجود تشمل المانعين.

     الكلام في الكبرى: مقدمة الواجب واجبة.

ملخص كلام صاحب الكفاية (ره): أن المانع على معنيين: مانع من التأثير ومانع من التحقق. والذي هو جزء العلّة ومقدمة هو المانع من التأثير. وما نحن فيه هو مانع من التحقق ولا يكون مقدمة.

بيانه: إن المقتضي هو المؤثر وهو الأهم والأقوى من أجزاء العلّة الأخرى، وذلك لاستناد المعلول إليه.

اما الشرط والمعدّ وعدم المانع فتأتي برتبة متأخرة. فمثلا: إذا لم يوجد الاحراق ( المعلول ) فإذا لم توجد النار ولو فرضنا عدم وجود الخشب او فرضنا وجود الخشب مع وجود الرطوبة المانعة من الاحراق فيه، فان لا نسند عدم الاحراق إلى عدم وجود الخشب ولا إلى رطوبته لو كانت بل إلى عدم وجود النار.

اما الشرط فهو محقق التأثير أو مصححه (واختلفت التعبيرات في ذلك)، وهو هنا تماس الخشب مع النار.

واما المعدّ فهو المادة القابلة للتأثير المقتضي، وما به يقوم الاثر وهو الاحراق.

واما المانع، فهو المانع من تأثير المقتضي. هذا المانع من التأثير الذي هو جزء العلّة وهذا المانع متقدم رتبة على المعلول. وهناك مانع آخر وهو المانع من التحقق الخارجي، وهذا لا تقدم فيه، ولا يستند إليه الضد، ألا ترى أن وجود السواد في نفس رتبة عدم البياض والالوان الاخرى، ولا يتقدم بعضها على الآخر.

بعبارة اخرى مختصرة: اصطلاح المانع له معنيان: المانع في التأثير والمانع في التحقق. والذي هو من اجزاء العلّة هو المانع من تأثير المقتضي، وهو أيضا المقدمة. أما الضد الخاص فهو مانع التحقق وليس هو مقدمة.

وتعليقنا على التفريق بين المانعين، نقول: لا شك في كون المانع من التأثير مقدمة، لكن الكلام في المانع من التحقق، وهو ما نحن فيه أي الضد الخاص.

والمسألة تصبح التالية: هل المقدمة الواجبة هي خصوص العلّة، تامة أم ناقصة؟ أم المقدمة الواجبة تشمل حتى ما يتوقف عليه التحقق الخارجي. نحن نسلم أن المانع من التأثير مقدمة، وهل المانع من التحقق مقدمة أم لا؟ أي ان وجود الضد الخاص مانع من تأثير مقتضي الصلاة. هناك مانعان: مانع تأثيري ومانع من التحقق، هل المانع من التحقق مقدمة او لا؟

مع القول بانه مقدمة تكون مقدمة الواجب واجبة بناء على ثبوتا الملازمة، ومع القول بعدم المقدمية لا تكون متأخرة رتبة عنها ولا اشكال في ذلك وليس لها علاقة.

التعليق الذي نريد ان نقوله: لماذا لا نعتبر المانع من التحقق مقدمة وخصوصا ان كلامنا في المحقق الخارجي وليس في المفهومي، مثلا: في الضد الخاص الالوان متضادة متعاندة متنافرة لا توجد في محل واحد في زمن واحد، كالأسود والاحمر، فالحمرة مانعة من تحقق السواد لكنها مانعة من التحقق وليست مانعة من تأثير مقتضي السواد.

وقلنا ان تعريف المقدمة هو ما لا يتم الواجب إلا به، وهنا المانع من التحقق من مصاديق ما لا يتم الواجب إلا به الذي لا يتم الواجب إلا به، فلماذا لا تشمل المانع من التحقق؟ يمكن ان تشملها ولا اشكال.

فالمسألة تصبح التالية هل المقدمة الواجبة هي خصوص العلّة أو بعض اجزائها ( العلة التامة والعلة الناقصة) هذه هي المقدمة وصغرى الكبرى ان مقدمة الواجب واجبة، ام المقدمة الواجبة تشمل حتى ما يتوقف عليه التحقق كالمانع من التحقق او لا؟ حيث عنون القدماء مسألة مقدمة الواجب بقولهم: " ما لا يتم الواجب إلا به"، وهذا الذي لا يتم الواجب إلا به سواء كان عدم المانع من التأثير او كان عدم التحقق.

والذي أراه شمول المقدمية لكل ما لا يتم الواجب إلا به سواء كان جزء علّة ويستند إليه ذو المقدمة كالمقتضي أو كان ما لا يستند إليه ولكن لا بد منه كعدم المانع، أو كان المانع من التحقق كالضدين. ولا داعي للالتزام بكون المقدمة يستند إليها وجود ذي المقدمة دائما، أو كونها مقدمة رتبة عليه دائما.

واضرب مثالا على ذلك: " زيد وعمرو متنافسان لا يمكن اجتماعهما في محل واحد في زمن واحد " فإذا أردنا حضور زيد فلا بد من عدم حضور عمرو، وفي هذه الحالة يكون عدم عمرو مقدمة لحضور زيد، وإذا أردنا حضور عمرو فلا بد من عدم حضور زيد، وفي هذه الحالة يكون عدم زيد مقدمة لحضور عمرو. ولا مانع من ذلك أبدا ".

وبهذا ينحل كل ما ذكر من الاشكالات من لزوم الدور وغير ذلك، إذا نظرنا للمسألة على نحو القضية الخارجية، وكلّ حالة بحسبها.

على أي حال هذا من جهة شمول المقدمة من افرادها، لكن ليست كل مقدمة واجبة، قلنا انه لا بد من قياس من الشكل الاول وشرطية. القياس هو ان عدم المانع مقدمة وكل مقدمة واجبة. هل هذه الكبرى تنطبق هنا او لا؟ ليس كل مقدمة واجبة بل هناك آراء كل هذا الكلام كان في الصغرى، القياس له مقدمتان: الصغرى اي ان هذه مقدمة، والكبرى مقدمة الواجب واجبة.

بعد الانتهاء من الصغرى فلنعد للكبرى: مقدمة الواجب واجبة، هناك سبعة عشر رأيا ابتداء من عدم وجوب المقدمة مطلقا وصولا إلى وجوبها مطلقا مرورا بأقوال مفصّلة كقصد التوصل وعدمه، المقدمة الموصلة وعدمها، المقدمة التوليدية، السبب والمسبب، إلى اخره من الأقوال في حكم المقدمة.

في النتيجة نحن ذهبنا إلى عدم وجوب المقدمة، هنا في مسلك المقدمية لإثبات وجوب حرمة الضد صغرى وكبرى، نقول بالصغرى ولا نقول بالكبرى، فيسقط القياس من اساسه.

هذا مسلك المقدمية ونحن قلنا في مقام حرمة الضد هناك المسلك اللفظي وبيناه، وهناك مسلك المقدمي وبينّاه يبقى مسلك التلازم ان شاء الله غدا نكمله ونبيّنه.

والحمد لله رب العالمين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo