< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/01/24

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

     مسلك التلازم.

وأما مسلك التلازم قائم على ما ذكره القدماء: " يجب النهي عن الضد وإلا خرج الواجب عن كونه واجبا "، مثلا: يجب عليك ان تصلي ولا باس إذا تركت. وهذا قول محال لانه إذا لم يكن الترك محرما خرج الواجب عن كونه واجبا. والتلازم هو ان الامر بالشيء يلزمه النهي عن ضده لا على نحو المقدمية بل على نحو اللزوم.

وبعد التسليم بأن الاحكام الخمسة متضادة ومتعارضة ومتنافرة ومتعاندة [1][2] متضادة لكونها وجودية حتى الاباحة، فحينئذ لا بد من القول بالتلازم في الاحكام بين الاضداد، مما يؤدي إلى كون الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص والعام.

فلدينا ثلاث مقدمات:

الاولى: كل ضد ملازم لعدم الضد الآخر، سواء كان شرعيا أم عقليا. فالصلاة تلازم عدم الأكل لكونه ضدا شرعيا. والاستيقاظ يلازم عدم النوم. ولو تعددت الاضداد فلا بد من انتفاء جميع الأضداد. فاللون الواحد يستلزم انتفاء جميع الالوان الاخرى.

الثانية: المتلازمان وجودا متحدان في الحكم، وهذا ما يقتضيه التلازم. فلو كان أحد المتلازمين محرما لكان الآخر كذلك، إذ لو كان الآخر مستحبا او مباحا او واجبا او مكروها للزم عدم الحكم الاول وجودا وتحققا، فيخرج الواجب عن كونه واجبا. كما لو كان زيد وعمرو متلازمان وجودا فإذا طلبت إحضار زيد فإن حضوره لا يمكن تحققه الا باحضار عمرو معه. وهذه المقدمة الثانية هي ام المعارك في البحث.

الثالثة: إن وجوب الشيء ملازم لمبغوضية ضده ونقيضه، فإذا كان الاستيقاظ مطلوبا ومحبوبا فهذا يقتضي كون عدمه مبغوضا، فيكون مكروها، وإذا كانت إزالة النجاسة من المسجد واجبة فورية فيكون ضدها وهو فعل الصلاة مبغوضا ومحرما. ذلك ان تحقق الازالة ملازم لترك الصلاة والبديل بالوجدان فيكون مبغوضا، وتكون الصلاة محرمة، فتفسد لان مبغوضية العبادة تعنى فسادها.

غدا ان شاء الله نكمل.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] للتذكير وإن كنا نذهب إلى أن الاحكام هي: الوجوب والاستحباب والاباحة والكراهة والحرمة والسنّة أي إما أن تكون ستة أو ثلاثة لان الاحكام فرائض وسنن كما ورد في النصوص. أي راجح ومرجوح ومباح، والراجح فينقسم إلى ثلاثة: فريضة لا يجوز تركها، وما يجوز تركه دائما، وما يجوز تركه دائما بل لا بد منه ولو احيانا. وكذلك المرجوح – وبعد التسليم بكون الاحكام.
[2] والسنن هي ان يكون الشيء مستحبا ويعاقب الشرع على تركه كليا ودائما من قبيل صلاة الجماعة او صلاة جيران المسجد حيث ان النبي (ص) هددهم بهدم المنازل واحراق البيوت في بعض الروايات. فالمقصود من السنة هي التي لا يجوز تركها كليا بلسان التهديد والوعيد. ذكر بعض الخوة الطلبة الفرق بين العصر التأسيسي في زمن النبي (ص) والعصر البنائي في زمن الأئمة (ع). والجواب: انه مع الشك في انه خاص في عصر الرسول الاكرم او مستمر، نبني على ان حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، اي انه يستمر معنا، وذكرنا ان هذا التقسيم كان للقول بان هناك اشياء اسسها الرسول واستمرت، وهذه المسألة تعود إلى ان هناك نسخ او لا؟ هناك تخصيص للأسباب او لا؟ أي ان هناك مصلحة في زمن ما وبعدها انتفت هذه المصلحة. وللتذكير ذكرنا هذه المسألة عند البحث في المسائل التي يجب اتباع الرسول فيها، وقلنا آنذاك: إن الرسول الاكرم (ص) له عدّة شخصيات: فهو رسول، وهو نبي، وهو حاكم، وهو من العقلاء، وهو من العرف العام، وهو من العرف الخاص، وهو مع ذلك كله بشر مثلكم كما يقول القرآن الكريم وذكرنا الموقف عند الشك فليراجع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo