< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/02/15

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

     نقاش النائيني (ره).

     ثمرة غير مذكورة.

     التسليم بعدم وجود هذه الثمرة أي بطلان الضد العبادي.

     ما ذكرناه في مسألة الضد ملخصا في خطوط؟

بعد التذكير بمعنى العبادة نقول ان الثمرة غير موجودة على كلا الحالتين سواء اقلنا بالاقتضاء ام لم نقل وعلى ما نقول به ايضا غير موجودة، نعم هناك ثمرة [1] مهمّة وهي نفس هيكلية الحرام والحلال، لان معرفة الهيكلية العامة والتشريعات العامة تعطي ذوقا فقهيا خاصا، ربط الاحكام ببعضها قد يؤدي إلى ظهورات واستنتاجات تكون هذه الامور لوحدها ثمرة، لكن هذه الثمرة التي ذكروها أي فساد الضد لو كان عبادة لا نراها تامة. لكن لا على منحى الشيخ البهائي ولا الشيخ النائيني بل على من جهة معنى العبادة. العبادة بذاتها ما معناها، وتفسير العبادة له اثر كبير في الابحاث.

نقد كلام النائيني (ره):

فإذن كلام النائيني (ره) انه ليس هناك امر لكن يمكن تصحيح الامر في الملاك، وهو نفس كلام صاحب الكفاية (ره)

فالعبادة صحيحة على كل حال وقد ذَكَر (ره) هنا امرين:

الاول: عدم اشتراط قصد الامر لتصحيح العبادة، وهذا أمر نسلّم به.

الثاني: أن المعتبر في العبادة هو اضافتها إلى المولى بنحو من انحاء الاضافة. وهذا ما لا نسلّم به. وذلك لان العبادة كما ذكرنا سابقا ليست مجرد إضافة إلى المولى، ألا ترى لو أن شخصا تقرّب لآخر لغاية ما، فهذا التقرب ليس عبادة، وايضا لو قدّمت هدية محبوبة لآخر فليس عبادة، ولو قدّمت هدية تقيّة من آخر فليس عبادة وهكذا.

إنما العبادة فعل خاص يقوم به المولى على جهة معينة تذليلية كالصلاة والصوم للمعبود.

الا ترى ان اهل مصر ايام الفراعنة يرمون اجمل الفتيات إلى للنيل كي تبقى خيراته تفيض عليهم وأن الكافر يعبد الصنم من دون وجود أمر من الصنم وغير ذلك وهذا نوع من العبادة. نعم كون الفعل عبادة يحتاج إلى دليل إن لم تكن العبادة فيه ذاتية كالسجود والركوع والخشوع. وهذا الدليل غالبا ما يكون هو الأمر به، ولعلّ هذا هو الذي أوهم البهائي (ره) وغيره باشتراط الأمر لصحة العبادة. ومع بقاء الملاك والمصلحة والمحبوبية تصح العبادة على كل حال، سواء كان مأمورا بها أم لا.

فيقول قائل وماذا نفعل بالنهي الموجود؟ نقول: اما النهي المتعلّق بها فهو نهي غيري لا نفسي نشأ عن مفسدة في متعلّقه فلا يكون موجبا للفساد كما سبق وبيّنا، وذلك أن النهي الغيري المقدمي لا يكشف عن وجود مفسدة في متعلّقه وكونه مبغوضا للمولى فلا يترتب عليه ما يترتب على المبغوض وما فيه مفسدة من عدم إمكان التقرب به، فإن المبعد لا يمكن التقرب به.

نستطيع أن نلخص ما توصلنا إليه في خطوط:

    1. المتلازمان في الوجود لا يجب اتفاقهما في الحكم.

    2. يجوز اختلاف المتلازمين في الحكم في عالم الانشاء لا في عالم الفعلية.

    3. الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده لا الخاص والعام. وذلك لبطلان المسالك الثلاثة: المسلك اللفظي، والمقدمي، والتلازم. والمراد ليس مجرد الاختلاف في التعبير لانه كثيرا ما يحصل " صلِّ " "لا تترك الصلاة "، بل المراد إذا كانا تعبيرين عن مدلولين كما ذكرنا. مسألة الضد تتمحور حول: ان المراد من الضد هو الضد الذي يكشف الامر فيه مفسدة نفسية في الضد والنهي نفسي. اما غير ذلك فلا اشكال لانه لا محصل له.

    4. لا يشترط في العبادة قصد الأمر ولا يشترط تعلق أمر به.

    5. مع انتفاء الأمر يبقى على ما فيه من مصلحة ومحبوبية باعتبار انه من الحكيم .

    6. العبادة هي فعل اضافة خاصة بين العابد والمعبود.

    7. النهي عن الضد هو النهي النفسي الذي فيه اقتضاء وليس النهي الغيري الذي لا يؤدي إلى الفساد والعقاب.

    8. الثمرة المذكورة وهي فساد الضد العبادي، غير تامة.

    9. يمكن استكشاف ثمرات أخرى، ويمكن معرفة احكام الضد مما يؤدي إلى تصور هيكلية تشريعية كاملة. وهذا الأمر له أثره في كل العلوم من انسانية وتجربية ولغوية فلاحظ في النحو يبحث بعض النحاة لماذا كان الفاعل مرفوعا والمفعول منصوبا؟ لماذا نبحث هذه المباحث؟ كان القدماء يقولون: العرب تكلموا عن قاعدة، فإذا استكشفنا القاعدة، من قبيل استكشاف الملاك يؤدي إلى استكشاف الحكم. نحن نحاول استكشاف القواعد التي يبنى عليها العلم ولهذا اثر كبير.

كذلك هنا استكشاف الهيكلية العامة يمكن تؤدي إلى بعض الاستكشافات والاستنتاجات، من هذا الباب.

ننتقل إلى مسألة الترتب، الشيخ البهائي (ره) عندما قال عندما يجتمع الضدان يقدّم الاهم، الاهم على المتقدم على المهم فلا امر بالمهم. وقع الاشكال من التزاحم، ومع عدم الامر بالمهم تبطل لو كان عبادة عند من يشترط الامر كالبهائي، لذا تصدى الكثيرون لتصحيح وجود الامر المهم لأجل تصحيح العبادة، فحدث ما يسمى بمسألة الترتب. هذا الذي جر الكلام إلى مسألة الترتب وإلا فمسألة الترتب ليس فيها عند القدماء عين ولا اثر، بدأت واصبحت مسألة عند متأخري المتأخرين.

 


[1] ذكر اخ من الطلبة الافاضل ان أي بحث يؤدي إلى تحريك الذهن وكونه بحث يؤدي إلى ثمرة. الجواب: نعم يؤدي إلى ثمرة، وفي الرياضيات الجزر التربيعي للناقص واحد كانوا يقولون انه محال لأنه ما تحت الجزر يجب ان يكون ايجابيا، وكانت تسمية هذا الرقم بالرقم الخيالي، وكان عبارة عن بحث بلا فائدة، وتبيّن لاحقا ان له فائدة وثمرات كبيرة. الهيكلية العامة لها ثمرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo