< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

     الثمرة الثالثة.

قلنا في مبحث الضد ان النهي لا يقتضي النهي لا عن ضده الخاص ولا العام، وقلنا ان هناك ثمرات. الثمرة الاولى: فساد الضد العبادي، وقلنا ان بعضهم قال بالفساد وبعضهم بعدم الفساد. وقلنا ان هذه ليست ثمرة، فطالما ان الضد العبادي ليس منهيا عنه فمن الاساس ليس هناك فساد. والثمرة الثانية: وهي فهم الهيكلية العامة للواجبات والمحرمات.

قبل أن نبدأ بمبحث الترتب نعود إلى الثمرات.

الثمرة الثالثة: التي يمكن ان نتصورها وهي ثمرة نظرية أصولية حيث إن المسألة – حكم الضد - لما كانت من الملازمات العقلية، وكان الحاكم فيها هو العقل فبناء على ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده تكون المسألة من تطبيقات كبرى: " ما حكم به العقل حكم به الشرع ". وهذه الكبرى هي محل الخلاف بين الاصوليين والاخباريين.

أما مع عدم الاقتضاء فتخرج المسألة عن كونها من تطبيقات الكبرى، وقال بعض الفضلاء إنه مع عدم القول بالاقتضاء، ومع عدم القول بوجوب المقدمة شرعا، وغير ذلك من المسائل التي يحكم بها العقل لا يبقى من خلاف بين الاصوليين والاخباريين لا في النظرية ولا في التطبيق.

ولا بأس ببيان بعض الامور:

اولا: إن الاصوليين والاخباريين فقهاء مسلمون أخيار على مذهب آل بيت محمد (ص)، وليسوا كبعض المدارس المنحرفة.

ثانيا: المدرسة الاخبارية هي مدرسة أصولية والخلاف بينها وبين المدارس الاخرى في مسألة: هل العقل يمكن ان يكون كاشفا عن الحكم الشرعي؟ نعم هناك فرقات اخرى ولكنها ليست فرقات كما في: " هل يجوز تقليد الميت ابتدأ "، لكن هذه فروع وليست فروق، وغير ذلك من المسائل.

فالاخباريون لا يقولون بالكشف والاصوليون قالوا بذلك، وهذا لا يجعلهم في واقع الأمر مدرستين، بل هما رأيان مختلفان في مسألة أصولية، وهو ما عبّر عنه بعض أهل العلم بمسألة: هل يحكم الشرع بما حكم به العقل؟

ثم فصّله آخرون في ثلاث مسائل:

    1. هل العقل قادر على إدراك الملاكات فيحكم بها؟ باعتبار ان دين الله لا يصاب بالعقول، قالوا ان العقل لا يملك القابلية على ادراك الملاكات. ونقول ان هذا الكلام غير سليم على اطلاقه، وليس هذا هو معنى " ان دين لله لا يصاب بالعقول. يحتمل قويا كون المراد هو ملاكات الاحكام في الفروع وعلى نحو الغالب.

    2. بعد حكم العقل، هل العقل يحكم بالملازمة بينه وبين حكم الشرع؟ كما في حكم المقدّمة مثلا.

    3. بعد حكم العقل بالملازمة فهل هو حجة على ثبوت الحكم الشرعي؟

ونحن بعد أن لخصنا تعريف علم الاصول بكونه: بحث عن كواشف فإن لم نجد نبحث عن وظائف. ثم قسمنا الكواشف إلى كاشف تام وإلى كاشف ناقص، والوظائف إلى وظيفة شرعية وإلى وظيفة عقلية، أي اصبحت مراحل رفع الشبهة الحكمية كما يلي:

     الاخذ بالكشف التام. القطع الوجداني، والخبر المتواتر، والخبر المحفوف بالقرينة القطعية، والاجماع العملي واللفظي.

     الاخذ بالكشف الناقص. الامارات التي يمكن البحث فيها.

     الاخذ بالوظيفة الشرعية.

     الاخذ بالوظيفة العقلية.

وكل ما نراه في الاصول يختزل تحت هذه المراحل الاربعة. [1]

وعليه: لا يكون الخلاف بين الرأيين إلا في كون العقل من الكواشف التامة أو لا؟ تماما كالخلاف في كون الاجماع من الكواشف التامة عن الحكم الشرعي أو لا؟ وهل الخلاف على حجية الاجماع يجعل الانقسام إلى مدرستين؟!

إلفات: أنكر بعض الأخوة الفضلاء الخلاف في الكبرى وحصر الخلاف في الصغريات، لكنه غير سليم، فقد صرّح الامين الاسترابادي بذلك، كما نقله الشيخ الاعظم الانصاري (ره) في رسائله معلّلا عدم الحجية بوقوع الخطأ كثيرا في الاحكام العقلية، وباختلاف الفلاسفة.


[1] رأيت في المنام وكأن شيخا يسأل عن الموقف من بعض الاخبار وبعض القواعد، ثم قال لي لماذا لا تقوم بصناعة لوحة كلوحة مندلييف في الكيمياء في المعادن، هناك معادن لم تكن مكتشفة، ومندلييف كان يقول من خلال لوحته انه لا بد ان يكون هناك معدن له هذه المواصفات ولم يكتشف إلى الآن، وهذا الاستنتاج كان من خلال لوحته التي وضعها. وكأن هذا الشيخ قال في المنام لماذا لا نصنع لوحة للحجج والوظائف واحتمالاتها على هذا الاساس: الكاشف التام والكاشف الناقص، والوظيفة الشرعية والوظيفة العقلية. من خلال هذه اللوحة يمكن معرفة ان بعض الامارات في الاصول قد تكون موجودة وغير ملتفت اليها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo