< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     الترتب.

     المانع الثاني: وهو استلزامه تعليق الحكم الشرعي على إرادة المكلف.

ذكرنا ان المانع الاول على امتناع الترتب هو ما ذكره صاحب الكفاية (ره) انه هناك امرين بضدين وعند عصيان الامر بالاهم وإتيان الامر بالمهم يبقى امران فعليان بالمهم والأهم، لان العصيان لا يسقط الامر بالأهم.

المانع الثاني الذي استدل به على امتناع الترتب، ان جوازه مستلزم لتعليق وجوب المهم على إرادة المكلف واختياره، فيلزم منه خروج الواجب عن كونه واجبا، لأنه ان اختار ترك الاهم وجب المهم، وإلا فلا يجب، وهو كما ترى.

وقد نوقش فيه بأن تعليق الوجوب على الاختيار والعصيان كثير في الفقه، كتعليق وجوب القضاء على ترك الاداء وعصيان أمره، وكتعليق الكفارات على ارتكاب المحظورات في الصوم والاحرام والاعتكاف وغيرهما ككفارة قتل الانسان، مما هو كثير. [1]

لكن هذا النقاش في غير محله، فالعصيان موضوع للتكليف، وليس شرطا معلّقا عليه وإلا لأصبح الفقه بأكمله من الشروط المعلّق عليها التكليف. مثلا: وجوب صلاة القصر لها موضوع وهو السفر، والسفر مسألة ارادية، انا إذا اردت السفر تمّ موضوع وجوب القصر. تحقيق الموضوع الذي هو السفر بإرادة المكلف وليس تحقيق الحكم بإرادة المكلّف وهذا خلاف الوجدان. ومثلا: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [2] ، يقولون ان الاستطاعة لا يشترط ان توجدها انت، لان الاحكام المشروطة يشرط فيها وجود الموضوع، إذا احرزت انت الاستطاعة وجب الحج. ومثال آخر: الاكل باليد، في الروايات تقول: انه إذا اردت ان تأكل بيدك فاغسلها قبل الاكل. القضية الشرطية تعني توقف التالي على المقدم لكن لا تعني وجوب احراز المقدم، لان احراز المقدم مسألة ذاتية.

مختصر ما نريد ان نقول هنا في مقام النقاش: الموضوع يخضع لإرادة المكلف لا اشكال في ذلك. تحقيق الموضوع تابع لإرادة المكلف لا اشكال. اما الحكم الشرعي فهل هو معلق على ارادة المكلف؟ هنا يقع الاشكال ولا نسلم به. وفرق شاسع بين تحقيق الموضوعات الذي لا مانع في ان يكون بإرادة المكلف وبين جعل الحكم الشرعي نفسه الذي نرى فيه مانعا، وما ذكروه من امثلة فهو من باب تحقيق الموضوع كالعصيان وارتكاب المحرمات في الاعتكاف أو في الصوم أو في الاحرام.

نعم هذا المانع الثاني غير تام، لما سيأتي من أن العصيان لا يسقط الإنشاء، بل يسقط الفعلية.

هذا كله من الناحية العقلية.

واما الكلام بحسب الاستظهار الاصولي الصناعي، فقد قيل: إنه إذا كان الخطابان عْرِضيين من كل جهة فلا ريب في الامتناع، واما إذا كان طوليين، أي كان المهم مشروطا بترك الأهم ولو عصيانا فيكون وجوب النهم في طول وجوب الأهم، فأي امتناع فيه حينئذ لان القدرة الطولية موجودة وجدانا، فأي امتناع في أن يقال: أزل النجاسة من المسجد وصلّ، وإن تركت الاول عصيانا فلا تترك الثاني.

والجواب: إن هذا شرط بيّناه في الشروط، حيث اشترطنا كون الخطابين مطلقين، أما إذا كان أحدهما مشروطا بعصيان الآخر فلا مشكلة في البين.

واما الكلام بحسب الاعتبار العرفي، فغدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] في الصوم كنت افضل كاصطلاح، ان عنوان الكفارة يكون للأمور الارادية لأنها ستر للذنب إذ في لفظ الكفارات مبالغتان، والفدية تكون للأمر غير الارادية مثاله: عند المرض عدم القدرة على الصوم تكون له فدية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo