< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     بيان كلام صاحب الكفاية في الدليل الثاني على امتناع الترتب.

     بيان اجمالي لرد السيد الخوئي (ره).

     بيان ان هذا الدليل، وهو استلزام الترتب المحال، وهو صدور القبيح من الحكيم غير سليم.

     هذا الدليل يرجع في جوهره إلى البحث السابق والدليل الأول على الامتناع.

     بيان المختار من جواز تعدد العقاب.

كان الكلام في الدليل الثاني الذي استدل به صاحب الكفاية (ره) على بطلان الترتب وهو بنحو الإن، إذا بطل اللازم بطل الملزوم، وبناء على الترتب لا بد من ثبوت عقابين، لانهما امران فعليان في آن واحد، والعقاب على غير المقدور قبيح، وامتثال الامرين معا امر غير مقدور فيكون العقاب قبيحا وعليه ينتفي اللازم وهو وجود عقابين فينتفي الملزوم وهو وجود امرين فعليين.

بيانه ما ذكره صاحب الكفاية (ره): الدليل الثاني على بطلان الترتب هو استلزامه القبيح والدليل مؤلف من قياس وشرطية، فيقال:

الكبرى: العقاب على ترك المقدور قبيح عقلا من الحكيم.

الصغرى: الجمع بين الضدين غير مقدور.

النتيجة: العقاب على ترك الجمع بين الضدين قبيح.

ثم نقول: بطلان الأثر – وهو اللازم - يدل على بطلان المؤثر – الملزوم - بنحو الإن. والقول بصحة الترتب أي ان لديه امرين فعليين بالضدين في آن واحد، يستلزم القول بصدور القبيح من المولى الحكيم، واللازم باطل فالملزوم مثله.

بيان الاستلزام: القول بالترتب هو تصحيح أمرين فعليين بالضدين، إذن يوجد امران، وعند عصيانهما يثبت عقابان، ولا شك بعدم إمكان امتثال الأمرين معا، فالعقاب على تركهما قبيح من الحكيم.

والجواب عليه: إن القبيح هو العقاب على غير المقدور – كبرى مسلمة -، وما حصل عند عصيان الأهم والمهم هو تركان، أي جمع المكلف بين تركين وهما ترك الأهم وترك المهم، وتركهما معا أمر مقدور، فالعقاب عليهم معا ليس قبيحا من المولى الحكيم. ولذا لا مانع من تعدد العقاب.

فنقول: عند عصيان الأهم (وهو انقاذ الغريق) ثبت العقاب الأول، ومع عصيان المهم ثبت العقاب الثاني باعتبار أن المهم أصبح فعليا منجزا. وعليه، لا مانع من تعدد العقاب، ولا محذور فيه ولا داعي للالتزام بعقاب واحد.

نعم ما ذكره السيد الخوئي (ره) في ردّه على صاحب الكفاية (ره) فيه تأمل حيث يقول في المحاضرات: وغير خفي ما فيه من الخلط بين أن يكون العقاب على ترك الجمع بين الواجبين - أعني بهما الواجب الأهم والمهم - وأن يكون العقاب على الجمع في الترك، بمعنى أنه يعاقب على ترك كل منهما في حال ترك الآخر، فإن المستحيل إنما هو العقاب على الأول، حيث إن الجمع بينهما من جهة تضادهما في الخارج غير ممكن وخارج عن قدرة المكلف واختياره، فالعقاب على تركه لا محالة يكون عقابا على أمر غير مقدور، وهو محال . [1]

وقد اسهب في شرح نقده لكلام الآخوند (ره) واطنب، وملخصه: إن لدينا عنوانين:

الاول: الجمع بين فعل الواجبين، وهذا محال لكونهما ضدين، وهو مستحيل غير مقدور، وهذا العنوان هو ما يقبح العقاب عليه، فيستحيل أن يصدر من الحكيم.

الثاني: الجمع بين ترك الواجبين، أي ترك الأهم وترك المهم، فلا ينقذ المكلف الغريق ولا يصلي، وهذا أمر مقدور فيجوز العقاب عليه.

وهذا كلام من السيد الخوئي (ره) متين، لكنه لا يصلح ردا على صاحب الكفاية (ره) وعلى امتناع الترتب، لأن صاحب الكفاية سيختار الأول وهو " الجمع بين فعل الواجبين "، أي أن الموجود في الترتب هو جمع الواجبين الفعليين وذلك لأن صاحب الكفاية يدّعي حصول العنوان وطلبه نتيجة وإن لم يكن لفظا، فهو يدّعي فعلية الأمرين في عرض واحد عند عصيان الأهم، وإن الترتب يقتضي ذلك.

بعبارة أخرى: العنوان الثاني وهو الجمع بين التركين (ترك الأهم وترك المهم) أمر مقدور عليه فلا يقبح العقاب على التركين، وهو أمر مسلم لا يختلف عليه اثنان.

وقد أشكل بعض الطلبة بما يلي: إن العقاب يكون على ترك الجمع بين الواجبين وهو محال فيكون قبيحا، وهذا ما أراده صاحب الكفاية (ره).

وكان جواب السيد الاستاذ: إن القائل بامتناع الترتب يقول بأنه يؤول على طلب الجمع بين الواجبين وهذا محال فيمتنع الترتب. وإن القائل بالجواز يقول بعدم الاول إلى ذلك لأن موضوع الأمر بالمهم هو عند عصيان الأهم فلا يلزم طلب الجمع بين الواجبين الضدين. وعلى ذلك يرجع النزاع من اصله، وعدنا إلى المربع الأول، وهو في امتناع الترتب وجوازه.

وما ذكره السيد الخوئي (ره) في التفصي عن هذا الأمر لا يؤول إلى نتيجة، لأنه يردّ على صاحب الكفاية على مبناه هو لا على مبنى صاحب الكفاية (ره)، والنافع في الجواب هو الثاني.

وما نريد ان نقوله ان هذا الدليل لا يؤول إلى شيء بل هو للأول

غدا ان شاء الله سنبيّن كلام السيد الخوئي (ره).

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo