< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

     تصحيح صاحب الكفاية العبادة في بعض حالاتها بغير طريق ملاك الامر.

     ما ذكره صاحب الكفاية لفظا.

     تصحيح عبادية الفرد المزاحم في حال كون الأمر بالمهم موسعا.

     عدم التصحيح في المضيقين إلا بملاك الأمر. الفرق بين التخصيص والمزاحمة.

بعد التذكير بما مضى نعود لكلام صاحب الكفاية (ره): فقد ظهر أنه لا وجه لصحة العبادة، مع مضادتها لما هو أهم منها، إلا ملاك الأمر. نعم فيما إذا كانت موسعة [1] ، وكانت مزاحمة بالأهم ببعض الوقت لا في تمامه، يمكن أن يقال: إنه حيث كان الأمر بها على حاله، وإن صارت مضيقة بخروج ما زاحمه الأهم من أفرادها من تحتها، أمكن أن يؤتى بما زوحم منها بداعي ذاك الأمر [2] ، فإنه وإن كان خارجا عن تحتها بما هي مأمور بها، إلا أنه لما كان وافيا بغرضها كالباقي تحتها [3] ، كان عقلا مثله في الاتيان به في مقام الامتثال [4] ، والاتيان به بداعي ذاك الأمر، بلا تفاوت في نظره بينهما أصلا.

ودعوى [5] أن الامر لا يكاد يدعو إلا إلى ما هو من أفراد الطبيعة المأمور بها، وما زوحم منها بالأهم، وإن كان من أفراد الطبيعة، لكنه ليس من أفرادها بما هي مأمور بها، فاسدة، فإنه إنما يوجب ذلك، إذا كان خروجه عنها بما هي كذلك تخصيصا لا مزاحمة [6] ، فإنه معها وإن كان لا تعمه الطبيعة المأمور بها، إلا أنه ليس لقصور فيه، بل لعدم إمكان تعلق الأمر بما تعمه عقلا، وعلى كل حال، فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال وإطاعة الامر بها، بين هذا الفرد وسائر الافراد أصلا. [7]

غدا ان شاء الله نكمل.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] اما إذا كانا مضيقين لا يمكن التصحيح لأن جميع ازمنة الاهم تزاحم جميع ازمنة المهم، ومع وجود المزاحمة لكامل الازمنة يسقط الأمر بالطبيعة لعدم وجود زمن واحد يمكن الامتثال به، حينئذ الامر بالصلاة سقط لانه لا يمكن الامتثال بأي فرد. اما لو كانت الصلاة موسعة أي ان بعض الافراد خرج عن التزاحم، امكن الامر بالصلاة حينئذ.
[2] مثلا: إذا كان عندي عشر آنات للصلاة، اربعة منها مزاحمة بانقاذ غريق، كان الامر بالصلاة موسعا لوجود الوقت الكافي فيمكن ان ننقذ الغريق ويبقى من الوقت، هذه الآنات غير مزاحمة فالوقت الباقي غير مزاحم ويمكن الامر بالصلاة والامتثال بهذا الوقت الباقي. فإذا امكن الامتثال ولو بفرد واحد امكن الامر، وإذا امكن الامر بالطبيعة صارت الصلاة مأمورا بها، حينئذ تنطبق على افرادها لان انطباقها قهري عقلي، فيمكن امتثال الفرد المزاحم في اول الوقت في وقت المزاحمة. فيكون المأمور به قد تمّ والصلاة صحيحة. القدرة ولو احتمال القدرة ولو على فرد واحد كافية لتصحيح الأمر.
[3] تنطبق الطبيعة على الفردين في حال عدم الغرق وفي حال انقاذ الغريق، لكن كل ما في الامر ان الصلاة في اول الوقت قد زوحمت في انقاذ الغريق.
[4] هنا يريد ان يقول: ان هناك فرقا بين ان يكون القيد (الذهب) في المأمور به، قيدا عند الامتثال، وتارة قيدا في نفس الموضوع فمثلا: في تقييد الموضوع اقول: توضئ بالماء في غير إناء ذهب. فيكون التوضئ باطلا على كل حال. لكن لما قال: توضأ بالماء، وهذا ماء، وتوضأت به، فيكون صحيحا، نعم اكون قد ارتكبت معصية. والصحة اتت من انه لما كان التطبيق تاما والانطباق قهريا وعقليا، والغرض قد تحقق بمجرد الانطباق صح الامتثال.
[5] هنا دفع دخل أي هناك رد لاشكال. وهو انه اي طبيعة ينطبق عليها الفرد المزاحم انطباقا قهريا؟ الطبيعة المجردة ليست مطلوبة، والطبيعة المامور بها لا تنطبق هنا.
[6] هناك عندما طلب منك الصلاة لم يقيد الصلاة بعدم وجود غريق، لم يخصص الصلاة بعدم وجود غريق، لم يقل: صلِ في حال عدم وجود غريق. لكن وجود انقاذ الغريق زاحم الصلاة. وهناك فرق شاسع بين التخصيص والمزاحمة. التخصيص يجعل الفرد المزاحم خارجا عن الطبيعة لخروجه عن موضوع الحكم، هو مقيّد لموضوع الحكم. اما في المزاحمة فالموضوع باقٍ، لكن العقل يقول هذا الفرد لا يمكن الامتثال به، المزاحمة هي التي اخرجت الفرد وإلا فالفرد يبقى على ما هو عليه. في التخصيص الفرد المزاحم لا يفي بالغرض والا اصبح التخصيص لغوا بلا اثر. عندما اقول لك: اكرم رجلا عالما. عندما قيدت الرجل بالعالم يعني ان هناك غرضا من التقيّد وإلا كان التخصيص لغوا. بينما لوقلت اكرم رجلا، هنا اطلاق. التخصيص يعني تدخل بالموضوع لوجود مصلحة في التخصيص واخراج بعض الافراد. اما المزاحمة فيكون الامر مطلقا لكن بعض الافراد لا يمكن الامتثال به لدليل خارجي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo