< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     نقد كلام صاحب الكفاية (ره).

كان الكلام في اخذ القدرة في التكليف وقلنا ان منشأه من ثلاثة امور: اما من قبح تكليف العاجز، وإما ان التكليف نفسه يقتضيه، وإما انه اصلا غير مأخوذ في التكليف كليا كما ذهب اليه السيد الخوئي (ره).

لكن قلنا ان نفس التكليف يقتضي ذلك، وإلا اصبح تكليفا صوريا أو من سفيه. إذا كنت اعلم ان هذا التكليف لا يمكن اصلا ان يمتثل، هل آمر به؟! هذا لا يمكن لا في عالم الفعلية، بل نستطيع ان نقول ولا حتى في عالم الانشاء، فلا معنى ان ننشأ امرا وانا اعلم انه لا يمكن امتثاله كليا. وهذا امر نجده في انفسنا. وهناك اوامر حقيقية وفيها هل نستطيع ان نتصور امرا حقيقيا والآمر يعلم انه لا يوجد ولا فرد واحد يمكن امتثاله، وحينئذ لا يكون الآمر حقيقيا، بغض النظر عن الظلم وعدم الظلم.

ولذا هنا يظهر ما في كلام السيد الخوئي (ره) حيث يقول في المحاضرات: فقد ذكرنا أن القدرة لم تؤخذ في متعلق التكليف اصلا، لا من جهة حكم العقل بقبح تكليف العاجز، ولا من جهة اقتضاء نفس التكليف ذلك، وانما هي معتبرة في ظرف الامتثال والاطاعة، ضرورة أن العقل لا يحكم بأزيد من اعتبارها في تلك المرحلة. [1] انتهى كلامه رفع مقامه.

واعجب من هذا الطرح، وهل إنشاء الحكم يكون بلا غرض، ونحن نعلم أن الغرض من الانشاء حصول الآثار، وحصول الآثار متوقف على حصول الافراد، ومع العلم بانتفاء جميع الافراد يعلم المولى بانتفاء الآثار والاغراض وحينئذ يكون أمره لغوا محضا. السيد (ره) قال ان القدرة مأخوذة عند الامتثال والاطاعة، لكن هذا ايضا يلاحظ عند انشاء الحكم وعند فعليته. فعندما اريد ان احرك انسانا لأمر ما يجب ان اعلم الاحظ القدرة على امتثال فرد ولو احتمالا وان احتمل القدرة او لا. اما إذا كنت اعلم انه غير قادر كليا ثم احركه، هذا التحريك ما مبرره؟. نحن نسلم ان القدرة مأخوذة حين الاطاعة لكن ملاحظة القدرة حين الاطاعة لا بد منها عند انشاء الحكم لوّلا، وعند فعليته والتحرك والبعث والدفع إلى تنفيذه ثانيا.

من هنا يظهر ما في كلام السيد (ره) الذي انا لم افهمه ؟!.

واما النقطة السادسة: وهي ان القدرة المأخوذة في الامر هي القدرة على ايجاد فرد عقلا وشرعا، ويكفي في وجود فرد واحد مقدور عليه عقلا وشرعا لتصحيح الاتيان بالفرد الممتنع شرعا المقدور عليه تكوينا وذلك لانطباق الطبيعة على الافراد قهرا واجزاء الاتيان به عقلا وذلك لكون الفرد هو الذي يحقق الداعي والغرض.

ونقول أن هذه النقطة أيضا صحيحة مسلّمة، وهي ان وجود فرد واحد كاف لبقاء الأمر بالطبيعة، وأن الفرد المزاحم يقع ولو لم يشمله الأمر لأن انطباق الطبيعة على الفرد انطباق قهري فيتحقق الفرد قهرا، وقد مرّ ذلك.

واكرر هذا المثال: لدي عشرة اكواب اربعة منها من الذهب والفضة يحرم استعمالها وستة من نحاس فيجوز الوضوء بهذه الستة اما الاربع فلا يجوز الوضوء منها. صاحب الكفاية (ره) قال انه طالما يوجد افراد يمكن الامتثال بها إذن الامر بالطبيعة موجود، ومجرد وجود الامر بالطبيعة يكفي لتصحيح الامتثال بجميع افرادها حتى الوضوء بالماء الموجود في آنية الذهب يكون صحيحا وحتى لو كان قاصدا. انت استعملت الماء الموجود في آنية الذهب ولم تستعمل ماءً ممنوعا، هنا يوجد فرق بين الماء المغصوب والماء الموجود في آنية الذهب. الماء المغصوب بنفسه لا يحق لك استعماله. مع العلم أن كليهما: الماء الموجود في آنية الذهب والفضة والماء المغصوب كلاهما خارج عن المأمور به، كلاهما قيد في المأمور به لا في الطبيعة.

ومن وجهة نظري القاصر: لا بد من التفصيل بين الأفراد الطولية والأفراد العرضية، في الافراد الطولية نسلم مع الآخرين ولا يبقى الامر بالطبيعة، اما في الافراد العرضية فيبقى الامر بالطبيعة. مثلا: في الافراد الطولية انقاذ غريق وصلاة وهي مرتبطة بزمن، زمن انقاذ الغريق وبعده يأتي زمن الصلاة، هذه افراد طولية مرتبطة بالزمان والزمان طولي. ولا يكون الامر بالطبيعة إلا في زمن ما بعد الفرد المزاحم. اما الافراد العرضية كمثال الاكواب، الوضوء من ماء في اكواب، عندي عشرة اكواب افراد عرضية في عرض واحد، إذا امتنع اربعة شرعا في نفس العرض ونفس الزمن هناك ستة موجودة، ولذلك يبقى الامر بالطبيعة.

غدا ان شاء الله نبين هذا الرأي، تفصيل نوافق صاحب الكفاية فيه في شطر دون الآخر.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo