< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     نقد كلام صاحب الكفاية (ره).

     التفصيل بين الافراد الطولية والعرضية.

     الموافقة مع صاحب الكفاية في الافراد العرضية دون الطولية.

نهاية الكلام في كلام صاحب الكفاية (ره) في تصحيح الضد العبادي، قال اولا انه يصحح بالملاك، وثانيا هناك مجال للصحيح عن طريق الامر، وذكر انه في حال المضيق والموسع دون المضيقين، بعض الافراد في الموسع غير مزاحمة إذن يبقى الامر بالطبيعة، ومع بقاء الامر بالطبيعة نستطيع تصحيح الافراد غير المزاحمة بسبب انطباق الطبيعة القهرية عليها.

قلنا ان هذا الكلام مسلّم لكن توجد ملاحظتان:

الاولى: اننا نوافقه اجمالا لا تفصيلا، بل تفصيلا اما في التفصيل إننا نسلّم في الأفراد العرضية، اما الافراد الطولية فيحتاج كلام الكفاية إلى تأمل. الافراد الطولية التي تكون بطول واحد، ولذلك ترتبط بالزمن، إذا انصرم الزمن الاول لن يعود الفرد اما في العرضي فتوجد افراد مشتركة في زمن واحد مثلا: اكرم العلماء وهناك عشرة علماء. والافراد العرضية تكون في عرض واحد غير مرتبطة بزمن.

هناك حالتان مع التأمل هل قليلا نرى الفرق بين الافراد الطولية والافراد العرضية؟.

اما في الافراد الطولية فلا يشملها الامر بالطبيعة، لان صاحب الكفاية من خلال الافراد غير المزاحمة ينطلق إلى اثبات الامر بالطبيعة، والامر بالطبيعة من خلاله يُثبت صحة الافراد غير المزاحمة باعتبار انها تنطبق قهرا.

نحن اذا اخذنا الافراد الطولية، مثل انقاذ الغريق والصلاة، انقاذ الغريق له افراد زمانية تزاحم افرادا للصلاة والامر يفنى بفناء الزمان المأمور به، ومع فناء الافراد المزاحمة ينحسر الأمر بها ولا يمكن ايجادها، فكيف يصح الامتثال بها؟

الافراد الطولية لا يشملها الامر بالطبيعة، لان افرادها انحلّت إلى افراد زمانية ووجود الأمر بالزمن اللاحق لا يعني بقاءه في السابق. صلاة الظهر لها افراد بحسب الازمنة، والمشهور ان الأمر بصلاة الظهر ينحل إلى اوامر بعدد الازمنة.[1]

إذن صلاة الظهر إذا انحلت إلى اوامر وباعتبار وجود ازمنة لكن امتثالها لن تكون الطبيعة موجودة. فإذا قيل بان الطبيعة تشمل كل الافراد لكن هناك افراد انتهت وانتفت، كيف يمكن تصور الطبيعة المنطبقة على افراد قد انقضت. هناك فرق بين الافراد المنقضية والافراد التي لم تنقض، وهذا المثال انقاذ الغريق يزاحم بعض الازمنة دون غيرها وانتهت تلك الازمنة، فهل نقول بان الامر بالطبيعة يبقى؟ انما ابقينا الامر بالطبيعة بسبب وجود الافراد الموسعة التي لم تزاحم فهل هناك قدرة وقابلية للأفراد التي لم تزاحم لتصحيح الافراد المزاحمة في الافراد الطولية؟

اما في الافراد الطولية فلا يشملها الامر بالطبيعة، لان افرادها انحلّت إلى افراد زمانية ووجود الأمر بالزمن اللاحق لا يعني بقاءه في السابق. وبهذا يرتفع التكليف عن الافراد في الازمنة السابقة. وبالنتيجة في الافراد السابقة.

والمسألة تحتاج إلى تأمل أكثر إذ قد يقال: إن الافراد المزاحمة حين امتثالها تنطبق عليها الطبيعة، والطبيعة مأمور بها بلحاظ الافراد اللاحقة غير المزاحمة فيرجع كلام صاحب الكفاية من رأس.

اما في الافراد العرضية كالوضوء من الاكواب، فالأفراد غير المزاحمة هي التي صححت بقاء الحكم، والافراد المزاحمة وغير المزاحمة تقع في نفس الزمن. ومن هنا يمكن تصور بقاء الأمر وانطباقه على الأفراد المزاحمة.

ولنعط مثالين على ذلك: في الافراد الطولية وهي الصورة الاولى، كالتزاحم بين انقاذ الغريق ( المضيق الأهم ) وصلاة العصر ( الموسع المهم ) فان الامر ينحلّ بحسب الزمان، فان الأمر بالطبيعة ( المهم ) لا يبقى في زمن الاهم، ومعه ماذا يفيد انطباق الطبيعة على الموسع؟! إذن هناك ازمنة متتالية والطبيعة تشمل الافراد غير مزاحمة ولا تشمل الافراد المزاحمة اي ان الأمر بالطبيعة من الاساس منحسر عن الافراد المزاحمة، فكيف نتصور انطباقها حينئذ لانه عند انتفائها انتهت، وتكون النتيجة كنتيجة التخصيص.

اما في الصورة الثانية وهي الافراد العرضية، فكالأمر بالوضوء بالماء مع عدم انحصار الماء في اكواب يحرم استعمالها، من باب حرمة استعمال الذهب والفضة، وتكون الصورة كالتالي: الماء موجود في اكواب بعضها من ذهب او فضة والآخر من نحاس، ولما كانت في زمن واحد كان الامر بالطبيعة موجودا وبالتالي لما كان انطباقها على الافراد المزاحمة قهرا فقد تمّ إيجاد الطبيعة المأمور بها في هذا الفرد ولو كان الأمر به مزاحما، وحينئذ يتحقق الامتثال خصوصا إذا لاحظنا تحقق الاغراض والغايات حتى مع الفرد المزاحم الذي هو الوضوء بأكواب الذهب، ومع تحقق الداعي يسقط الامر ويتحقق الامتثال وكل ما في الامر انه عصى من قبل ما ذكرنا كمثال: هناك صيدليتين وطلبت منك ان لا تشتري من هذه واشتر من تلك، فذهبت واشتريت من الصيدلة الثانية غير المنهي عنها، الغرض تحقق وشفيت بأخذ الدواء لكن عصيت امر الآمر. فإذا لاحظنا بان الاغراض تتحقق بالافراد الخارجية يكون الامتثال قد تم.

غدا ان شاء الله نبين كلام صاحب الكفاية (ره) في التصوير الثاني لتصحيح العبادة بالانطباق القهري. وسنتأمل في التصويرين اللذين صورهما صاحب الكفاية (ره) في تصحيح الضد العبادي عند انتفاء الترتب وعدم وجود أمر به: الاول: ملاك الأمر.

الثاني: انطباق الطبيعة.

وهل من فرق بينهما؟ أم هما يرجعان إلى تصوير واحد؟

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] بينما هناك راي وسنؤيده يقول ان هذه صلاة وهي نوع من الاوامر ولا ينحل بل هو امر واحد لكن امتثاله في افراد ولهذا ثمرة مثلا: في القضاء بين القصر والتمام، فإذا كان مسافرا وفاتته الصلاة وهو كان مقصرا إلى ان وصل إلى وطنه، هل يصلي صلاة تمام او قصر. فالمعروف انه يتممها. قالوا ان صلاة الظهر تنحل إلى اوامر، في حين السفر كان الامر حسب موضوعه قصرا وحين وصوله إلى وطنه صار هناك امر آخر، تغير الموضوع فصارت الصلاة تمام. الاشكال يأتي فيما لو قلنا بان الامر بالظهر واحد ولا ينحل فلا يمكن ان نتصور تمامية الصلاة في الوطن؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo