< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     الفرق بين التزاحم والتعارض واجتماع الامر والنهي ودلالة النهي على الفساد.

بعد مسألة النهي عن الضد ومسألة الترتب وبعد مسائل التي فيها اجتماع امر ونهي.

لاحظ الاصوليون ان الامر والنهي قد ينصبان على موضوع واحد أو على موضوعين متلازمين او على مقدمة وذي المقدمة. الامر والنهي احكام متضادة ومتنافية، فماذا يفعلون؟ هناك امر ونهي لا يمكن اجتماعهما ولا يمكن امتثالهما وحالات عديدة وكثيرة ومتنوعة. فالأصوليون وجدوا ان من المهم بحث هذه المسائل لكثرتها وللابتلاء بها، وفي نفس الوقت كيف يخرجون من هذا التنافي، بين بعض الشيء والرغبة فيه؟. ولذلك ولدت هذه المطالب، تبدأ بالشيء البسيط ثم تتفرع وتتوسع وتتوضح الموضوعات. فتحصل عندهم اربعة ابواب متشابهة: التزاحم، التعارض، اجتماع الامر والنهي، ودلالة النهي على الفساد.

ايضا اجتماع المثلين محال، كاجتماع وجوبين أو استحبابين. ولذا كان من شأن الاصولي بحث التخلص من هذا التنافي، سواء أكان هذا التنافي في المثلين أو في الضدين أو في المتقابلين. فما العمل؟ لا بد من استنباط قواعد يعمل الفقيه على أساسها.

أما اجتماع المثلين فقد حلت المسألة في مباحث الالفاظ وهي مسألة تعدد الاسباب وتعدد المسببات، مثلا: إذا كنت جنبا فاغتسل، وإذا لمست ميتا فاغتسل. في مسألة تداخل الاسباب فهل غسل واحد يكفي لامتثال امرين معا؟. وايضا إذا أجنبت مرتين فهل تحتاج إلى غسلين؟ وهذا ما يسمى بمسألة تداخل المسببات. إذن اجتماع المثلين تمّ حلّه هناك، وغالبا يبحث في مباحث الأوامر.

اما إذا اجتمع المتنافيان وهما الامر والنهي والوجوب والحرمة والكراهة والاستحباب، هذه المسائل اين بابها؟ فجعلوها في هذا الباب ووصلوا إلى اربعة انواع، يجمع الاربعة التي ذكرناها التنافي بعكس المثلين الذي كلاهما الامتثال نفسه. وهذا الكلام يشمل الاحكام الالزامية وغيرها. ذلك أن الاحكام الخمسة متضادة كما بيّنا سابقا.

والفرق بينها يقتضي التفريق في الاحكام ايضا، لان طريقة علاج التزاحم هي تقديم الاهم، اما طريقة علاج التعارض اما السقوط أو الاحتياط أو الترجيح او التخيير، واجتماع الامر والنهي علاجها إذا قلنا بجواز الاجتماع يكون مطيعا عاصيا، وإذا لم نقل بجواز الاجتماع انقلب الامر اما لتزاحم او لتعارض. دلالة النهي على الفساد فإما ان يكون فاسدا أو لا.

معالجة الامر يختلف من باب إلى آخر، ولذلك كان من الواجب تفصيل هذه المسائل عن بعضها البعض حتى يكون لكل موضوع علاجه وحكمه. فلا نستطيع في باب التعارض ان نقول هذا الامر أهم من ذاك، لان باب التعارض علاجه غير ذلك.

أهم شيء في علم الاصول بل في كل العلوم تمييز الموضوعات عن بعضها البعض، هذا اهم مرحلة للوصول بعدها للاجتهاد في بابه او في علمه، مرحلة التمييز مرحلة مقدمة لفهم العلم.

الفرق بين هذه المسائل الأربعة ببيان مقتضب نلخصه ونجمله الآن لإعطاء صورة عامة، ثم نوضحه لاحقا.

الفرق بين هذه الابواب الاربعة:

إن كان التنافي هو في مقام الجعل فهذا باب التعارض، فلا يكون إلا أحدهما أو لا يكونان، سواء كان الدليلان المتعارضان متعارضان بالدلالة المطابقية مثل صلّ ولا تصلّ، أو بالدلالة الالتزامية مثل صلّ صلاة الجمعة وصلّ صلاة الظهر. هذا باب التعارض.

وإن كان التنافي في مقام الامتثال بمعنى عدم القدرة على امتثال الحكمين معا، فإن كانا مختلفين وجودا فهو من باب التزاحم، وذلك مثل انقاذ الغريق والصلاة في آخر الوقت، أو إنقاذ الغريق وتوقف ذلك على اجتياز أرض مغصوبة.

وإن كانا متحدين وجودا، فمع تعدد الجهة والعنوان كانا من باب اجتماع الأمر والنهي وذلك كالصلاة في الفضاء المغصوب فان نفس الأفعال مأمور بها بعنوان الصلاة، ومنهي عنها بعنوان الغصب.

ومع عدم تعدد الجهة والعنوان كانت من باب النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أو لا، سواء كان عبادة أم معاملة؟، وذلك كالنهي عن البيع وقت النداء أو النهي عن الصلاة في الحمام.

هذا اجمالا وبشكل مقتضب وغدا ان شاء الله نكمل ونبدأ بالتفصيل.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo