< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:مسألة النهي عن الضد، الفرق بين التزاحم والتعارض.

     كلام المحقق النائيني في اشتراط كون التنافي بين الضدين اتفاقيا لا دائميا.

     اشكال السيد الخوئي عليه باشتراط كون التنافي اتفاقيا لا دائميا بالتفصيل بين الضدين اللذين لا ثالث لهما فيكون من باب التعارض، وإذا كان لهما ثالث فيكون من باب التزاحم وترجع المسألة إلى الترتب.

     بيان سبب هذا التفصيل عند السيد الخوئي.

درسنا اليوم في غاية الدقة، فأرجو الالتفات جيدا.

نتيجة كلام النائيني (ره) ورد السيد الخوئي (ره) عليه: مسألة انه يجب ان يكون الضدان المتزاحمان متنافيين اتفاقا لا دائما، لانه اسسنا ان الحكم إذا جعله الشارع وليس له أي فرد أو احتمال فرد يمكن ان يتم الامتثال به، هذا الجعل اصبح جعلا لغويا محضا لانه إنشاء غير قابل للتطبيق، فلا بد ولو من فرد واحد ولو في المستقبل. القضايا الشرعية هي على نحو القضية الحقيقية، والقضية الحقيقية معناها الحكم على المفهوم بلحاظ الافراد، فإذا لم يكن هناك أي فرد ابدا ممكن فكيف يتم هذا الجعل؟ فلا يصدر من الحكيم فلذلك ينكشف ان القضية من باب التعارض وليست من باب التزاحم، ويعني عدم جعل احدهما ويحتاج الامر إلى علاج، وهو علاج باب التعارض.

السيد الخوئي في المحاضرات يقول: وأما ما ذكره (قدس سره) من أن المضادة بين الفعلين إذا كانت دائمية تقع المعارضة بين دليلي حكميهما، ففي غاية الصحة والمتانة في الضدين اللذين لا ثالث لهما، كالحركة والسكون وما شاكلهما، ضرورة أنه لا يعقل تعلق الأمر بهما حتى على نحو الترتب، كما تقدم. [1]

حيث ان السيد الخوئي (ره) قد تقدم عنده في مبحث الترتب انه اشترط لصحة الترتب موضوعا أن يكون الضدان مما لهما ثالث وإلا اصبح التزاحم تعارضا، ان كان الضدان متنافيان وليس لهما ثالث وقع التعارض، وإذا كان لهما ثالث وقع التزاحم ومن ثم صح الترتب. بيّن السيد الخوئي ان موضوع الترتب الذي هو اجتماع متنافيين مع عصيان الاهم ، فكأنه قال: ان عصيت انقاذ الغريق فصلِ فالمطلوب الاول هو الاهم، لكن لو عصى وصلى فالكلام في صحة صلاته؟. الذين قالوا بالترتب قالوا ان صلاته صحيحة. الشيخ البهائي (ره) قال ان صلاته باطلة على كل حال، والشيخ النائيني (ره) وغيره قالوا بان الصلاة صحيحة على كل حال، الكركي (ره) قال بالترتب.

فالترتب يكون كالتالي: ورد أمران مستقلان كل منهما على حدة وهما: " أنقاذ الغريق " و " صلِّ " ولكن لسوء الصدفة اجتمع الأمران في آن واحد بحيث لا يمكن امتثال إلا أحدهما، لأن قدرة المكلف لا تسع اكثر منه، فوقع الكلام في صحة المهم لو عصى الأهم، فأسس الكركي (ره) بحث الترتب. وبحث الترتب زبدته أن الآمر كأنه قال: أنقذ الغريق، فإن عصيت فصلِّ. وبذلك يصحح الصلاة. وبغض النظر عن موقفنا من الترتب، فإن بعض من يقول بصحته كالسيد الخوئي اشترط كون الفعلين الضدين لهما ثالث.

السيد الخوئي (ره) يشترط في الترتب ان يكون للضدين ثالث، قال لانه إذا لم يكن هناك ثالث كما في الحركة والسكون، إذا أمر الآمر تحرك واسكن. فعلى القول بالترتب كأنما قال هكذا: إذا لم تتحرك فاسكن، فيكون الامر بالسكون من باب الامر بتحصيل الحاصل، وتحصيل الحاصل محال والامر به لغو لا معنى له.

فلا يجوز الامر بهما حتى على نحو الترتب، لان الترتب هو فعلية المهم عند عصيان الاهم، أي لا بد من عدم كون المهم حاصلا ليصح الامر به، وإلا كان من باب تحصيل الحاصل وهو محال.

وعليه: فلو لم يكن لهما ثالث انكشف عدم ثبوت الحكم إلا في ضد واحد، فينقلب إلى باب التعارض، أو بالأحرى ينكشف انه من باب التعارض، وحينئذ نرجع إلى علاجات باب التعارض.

ولذا اشترط السيد الخوئي ان يكون للضدين ثالث كي يصح الترتب، وتبقى المسألة في باب التزاحم.

ثم يكمل السيد الخوئي (ره): وأما في الضدين اللذين لهما ثالث - كالقيام والقعود والسواد والبياض ونحوهما –

في السواد والبياض هناك مجال ان يكون احمر او اصفر، ففي الضدين اللذين لهما ثالث لا ينقلب إلى تعارض بل يبقى على التزاحم ويكون من باب التزاحم فإذا عصيت الاهم وبناء على الترتب يأتي المهم.

ويكمل (ره): وأما في الضدين اللذين لهما ثالث - كالقيام والقعود والسواد والبياض ونحوهما – فالأمر ليس كما أفاده، وذلك لأن المعارضة في الحقيقة ليست بين نفس دليليهما كما هو الحال في الضدين اللذين لا ثالث لهما، وإنما هي بين إطلاق كل منهما وثبوت الآخر. [2]

غدا ان شاء الله نكمل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo