< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     مرجحات باب التزاحم: المرجح الاول: تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل.

     البدل يشمل العقلي والشرعي.

     البدل في عرض واحد وتقديمه ما ليس له بدل واضح فهو من قبيل تقديم التعيين على التخيير.

مرجحات باب التزاحم، المرجح الاول وهو تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل، وقلنا ان البدل على قسمين: قسم عرضي وقسم طولي. وكلامنا الآن في تقديم ما ليس له بدل عرضي على ما له بدل عرضي.

والبدل العرضي ما كانت خصاله في عرض واحد وهذه الخصال تارة تكون أفرادا لجامع واحد، والانطباق قهري عقلي من باب انطباق الكلي على أفراده، ويكون التخيير بينها عقليا، من قبيل آتني بقلم تستطيع أن تأتي بهذا القلم وبهذا القلم الي آخره، انطباق الكلي على افراده انطباق قهري عقلي، ولذلك هذه افراد بدلية كل واحد منها تقوم بالمصلحة ولا ميزة لفرد على الآخر في مقام تحصيل المأمور به، وإن كانت تتمايز بأمور أخرى.

وتارة يكون التخيير شرعيا والخصال شرعية، بمعنى أن الخصال ليست أفرادا عقلية لكلي واحد، بل كل منها بحسب إدراك العقل أجنبي عن الآخر، لكنجعلها خصالا وأثارا لسبب واحد، كخصال الكفارة المترتبة عن ذنب وهو الاول عمدا، نعم قالوا انه لا بد من جامع وعدم معرفته تفصيلا لا يعني انه غير موجود، بل يكفي تصوره اجمالا ولو بالإشارة والاجمال كما في مسألة الصحيح والاعم في الجامع المشترك بين الصلوات الصحيحة، ولا يوجد جامع، قالوا لا بد من جامع قد لا نتصوره تفصيلا لكن هناك ما يشير اليه وهو آثاره، الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر هذه تشير إلى الجامع المشترك واثره، انتقال بنحو الإن من الاثر إلى المؤثر.

فإذن التخيير أما عقلي وإما شرعي، وبالنسبة إلى مسألتنا لا فرق بين البدلين شرعيا كان أم عقليا.

يقدم ما ليس له بدل على ما له بدل، لكن ما السبب؟ هل هو مرجح أو لا؟ قلنا ان المسألة وجدانية واضحة لا يختلف عليها اثنان، لكن ما هو تخريجها القواعدي؟

السيد الروحاني في منتقي الاصول عن السيد الخوئي عن استاذه النائيني قال بما ملخصه: يوجد وجوبان انقاذ غريق وصلاة، الصلاة كونها واجبا موسعا تنحل إلى وجوبات فينحل الحكم إلى أحكام بعدد هذه الازمنة فيصبح من باب التخيير العقلي، نعم بعضها أميز من الآخر لكن جميعها يلبي المأمور به ويستطيع ان يكون ممتثلا به.

يقول السيد الروحاني:

ووجه التقديم واضح وهو: أن الواجب التخييري لا اقتضاء [1] له بالنسبة إلى خصوص الفرد المزاحم، لأن المكلّف مخيّر في مقام الامتثال بين افراد التخيير [2] .

والواجب التعييني له اقتضاء ودعوة إلى خصوص ما فيه التزاحم، لان الامتثال منحصر فيه. ومن الواضح أنه لا تزاحم بين ما له الإقتضاء نحو شيء وبين ما لا اقتضاء له نحوه، فيقدم ما له الاقتضاء على ما ليس له الاقتضاء. هذا ما افيد.

ولا يخفى ان هذا الوجه نتيجة نفي التزاحم بين الواجبين في هذه الصورة لا انه وجه للتقديم مع فرض المزاحمة إذ عرفت ان التزاحم هو التنافي في مقام الداعوية بحيث يمتنع أن يصل كلا الحكمين إلى مرحلة الفعلية فالبعث، وهذا لا اثر له في هذه الصورة بعد ما عرفت من كون احدهما لا اقتضاء له بالنسبة إلى خصوص مورد المزاحمة فالتفت. [3]

ملخص المسألة: انه إذا دار الامر وجدانا بين التخيير والتعيين بالوجدان التعيين هو المقدم، كما إذا دار الامر بالأعلمية بين زيد أو زيد او عمر، الاحتياط يقتضي ان اقلد زيد.

وملخص ما ذكروه: الاقتضاء في كلامه بمعنى الاستلزام، فالواجب التعييني يستلزم نفي الفرد المزاحم من أفراد الواجب التخييري، بينما لا يستلزم الواجب التخييري نفي الفرد التعييني، وواضح أن ما له استلزام لا يزاحمه ما لا استلزام له.

ونحن خرجنا التزاحم بعبارة اخرى وقلنا: والسرّ في ذلك أن المتزاحمين قد تجاوزا مرحلة الإنشاء وأصبحا في مرحلة الفعلية بعد تحقق موضوعهما، ولما كانا كذلك وجب امتثالهما معا، ولما كان امتثال بعض أفراد التخييري سيمنع التعييني لمكان المزاحمة لزم حينئذ الامتثال بالأفراد الأخرى، وذلك لاستلزام الامتثال بالفرد المزاحم للتعييني معصية وهي ترك التعييني، فلا يمتثل به، لأن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا. وهذا بخلاف تقديم التعيين، فهو يزاحم أحد الأفراد ويمكن امتثاله بأفراد أخرى فلا يلزم منه معصية.


[1] الاقتضاء هنا ليس بمعنى المصلحة ولا بمعنى الملاك. انما مرادة من الاقتضاء هنا الاستلزام. ونذكر بالفرق في التزاحم بين صاحب الكفاية والسيد الخوئي: في التزاحم هل يشترط وجود الملاكين؟ صاحب الكفاية قال ان ملاك وجوهر وركيزة التزاحم هي وجود الملاكين احدهما مفعّل والاخر غير مفعّل بسبب التزاحم، اما السيد الخوئي وغيره قالوا ان ركيزة التزاحم هو عدم القدرة على الامتثال وجد الملاكان أم لم يوجدا. لذلك قالوا بناء على هذا الكلام ان مسألة التزاحم وعلاجها يتم حتى بناء على بقية المذاهب سواء الاشاعرة أو العدلية معتزلة أو اماميّة. اما بناء على كلام صاحب الكفاية التزاحم لا يتم إلا بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد، إي على كلام العدلية ولا يتم على كلام غيرهم.
[2] من قبيل: في اول الوقت هناك غريق وصلاة، وجوب صلاة الظهر لها افراد، فنفس وجود الصلاة لا يستلزم نفي انقاذ الغريق لوجود افراد اخرى، اما انقاذ الغريق يستلزم نفي هذا الفرد من صلاة الظهر. اصبح هناك حكم لا استلزام له وحكم له استلزام. عبّر هنا (ره) عن الاستلزام بالاقتضاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo