الموضوع : مسألة النهي عن الضد.

    • مسألة تقديم ما ليس له بدل طولي على غيره.

    • وجه الترجيح.

    • إشكال السيد الروحاني (ره).

    • الكلام في التقديم بذاته بغض النظر عن مضمون المقدّم والمقدّم عليه، أي هو من قبيل الكلام في الصيغة لا في المادة، فهو من قبيل تقديم الخاص على العام، أي مهما كان الخاص والعام.

بعد الانتهاء من الصورة الاولى وهي ما إذا كان البدل في عرض واحد، وكلامنا اليوم في ما كان في طول واحد، فما كان له بدل طولي مؤخر لا يقدم على ما ليس له بدل.

هناك مسألتان: الاولى هل ما له البدل الطولي مرجوح او لا؟ الثانية وجه الترجيح.

الاولى: هو مرجح، يبدو ان الاكثر على الترجيح لكن الكلام في وجه الترجيح. والكلام في انه مرجح بغض النظر عن أهمية الملاك، لأنه سنرى أن من المرجحات المرجح الرابع، النائيني (ره) جعل ثلاثة مرجحات ويمكن ان نجعلها أكثر.

نحن سنبحث في ما ليس له بدل مرجح على ما له بدل طولي. هذه المسالة من المفروض ان تكون من المرجحات لان ما له بدل طولي يفرض أن يكون فيه جزء من المصلحة من قبيل: الاول هو عتق رقبة فان لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فصيام شهرين متتابعين لا تؤدي تمام مصلحة الخصلة الاولى ولكنها تستدرك جزء المصلحة، واسقاط الجزء ليس كإسقاط الكل. هذه الصورة صورت بطرق متعددة.

إذن الصورة الثانية: ما إذا كان لاحدهما بدل طولي دون الأخر. وقد ذكر هذا التقديم الميرزا النائيني (ره) من دون تعرض لوجهه، ومثل له بتزاحم الطهارة الخبثية والطهارة الحدثية، مثل أن لا يكون له لديه إلا كميّة من الماء لا تكفي إلا لأحدى الطهارتين فأما أن يطهرّ بدنه أو يتوضأ أو يغتسل.

ويمكن أن نتصور للتقديم وجوه:

الاول: إن إهمال ما ليس له بدل يسقط الحكم كليا، واما إهمال ما له بدل فإنما يسقطه جزئيا، ولا شك أن الاسقاط الجزئي أولى.

وببيان آخر: إسقاط ما ليس له بدل إسقاط للمصلحة بأكملها، واسقاط ما له بدل إسقاط لجزء المصلحة، ولا شك أن إسقاط جزء المصلحة أولى.

اشكل السيد الروحاني (ره) على هذا التصور انه ليس دائما كذلك، فقد تكون الطهارة الحدثية أهم واقوى مصلحة، الخصلة الاولى تكون اقوى مصلحة من التعيينية فلماذا يرجح؟ لذا قلنا انه يجب ان نفصل بين ما كان أهم ملاكا ومصلحة عن غيره، تقديم الأهم والمصلحة شيء كمرجح، وتقديم هذه الحالة التي هي نوع من الصورة والصيغة أي ما ليس له بدل على ما له بدل طولي شيء آخر.

إذن ما يرد على السيد الروحاني (ره) هو ان الكلام في بيان المرجحات في نفسها بغض النظر عن أهمية الاملاك، فلو فرضنا انهما تساويا ملاكا ومصلحة واهميّة، حينها نقدم ما ليس له بدل على ما له بدل. ولعلّ هذا هو مقصوده (ره).

لذلك السيد الروحاني يقول:

ولم يتعرض (قدس‌سره ) لذكر وجه التقديم والمنقول في الأفواه في جهته وجه استحساني وهو: ان التقديم سيرة العرف باعتبار ان الأمر إذا دار بين إهمال أصل المصلحة وتحصيل مصلحة أخرى بتمامها، أو بين تحصيل أصل المصلحة وإهمال بعض المصلحة الأخرى كان الثاني هو المتعيّن ونتيجته تقديم ما لا بدل له على ما له البدل.

ولكن هذا الوجه ـ لو سلم جواز الاستناد إليه مع غض النّظر عن عدم الدليل على اعتبار النّظر العرفي ـ لا يمكن البناء على تماميته فانه غير مطّرد، إذ قد يكون ذلك المقدار الفائت من المصلحة أهمّ في نظر العرف وأشد أثرا من نفس المصلحة الأخرى المتحفظ بها بتمامها، فيقدم عليها لا محالة.

مثال ذلك عرفا: إذا كان الشخص يملك عباءة وقباءين، أحدهما جديد والآخر متهرئ عتيق. وكان ملزما بلبس العباءة والقباء الجديد، ولكنه مع عدم التمكن من لبس القباء الجديد، كان عليه أن يلبس القباء المتهرئ، إذ لا يمكنه أن يبقى من دون قباء، فإذا دار أمره بين أن يتلف العباءة، فيلبس القباء الجديد بلا عباءة، أو يتلف القباء الجديد ويلبس القباء المتهرئ مع العباءة، لكن كان الهوان الّذي يلحقه ونظرة الازدراء التي تلاحقه من لبس القباء أكثر مما كان في لبس القباء الجديد بلا عباءة، فأنه في هذا الحال يلزمه عرفا إتلاف العباءة مع عدم وجود البدل لها وإبقاء الجديد مع وجود البدل له. فالتفت. [1]

هنا السيد (ره) اعطى مثالا على انه يمكن ان تكون الخصلة الاولى أهم مصلحة وملاكا مما ليس له بدل فلماذا أقدم على ما ليس له بدل عليه؟

نعود ونقول اننا في البداية ركزنا على ان كلامنا في هذه المسألة هي الصورة بغض النظر عن المادة والمثال والافراد، وهي: هل ما ليس له بدل يقدم على ما له بدل؟ الجواب نعم ما ليس له بدل يقدم على ما له بدل طوليا أو عرضيا.

فالكلام هنا في الصيغة من قبيل تقديم الخاص على العام بغض النظر عن مضمونه.

السيد الروحاني (ره) يبيّن وجه التقديم وهو ان هذا من باب القدرة العقلية والقدرة الشرعية، والمشروط بالقدرة عقلية مقدّم على المشروط بالقدرة الشرعية.

وجه التقديم ان شاء الله غدا نكمل.