< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة النهي عن الضد.

     خلاصة ما مرّ من النقطتين اللتين أثارهما السيد الخوئي (ره).

     الجواب عليه: عدم دخول المثال في باب التعارض.

     بقاء الجعل الأول مع إسقاط الشرط.

انتهينا من النقطتين التي ذكرهما السيد الخوئي (ره) على المثال الثاني وهو تزاحم الطهرة الحدثية مع الطهارة الخبثية. والنقطتان هما: الاولى: انه يشترط لكونه من باب التزاحم ان يكون الحكمان نفسيين مولويين، ولذلك لا يكون التزاحم بين طهارة حدثية وطهارة خبثية بل يكون التزاحم بين صلاة بطهارة حدثية وصلاة بطهارة خبثية وكلاهما له بدل فبالنتيجة اخرجه عن المرجح الاول وهو أن ما ليس له بدل مقدّم على ما له بدل. لكن قلنا ان هذا غير تام فاشتراط النفسيين بلا داع، هذا الشرط غير سليم ولا يتمّ لأن الشرط هو مقدمة والمقدمة ارشاد لكن لا بد من داع، والداعي العقلي كاف للدافعيّة. وهل التزاحم يشمل فقط ما كان لداعيان شرعيين، أي الشارع هو الدافع؟ او ان مطلق الدفع ولو كان عقليا؟

النقطة الثانية: وهي أن الصلاة او اي فعل عندما يتعذر بعض اجزائه أو شرائطه يسقط، من باب "سقوط الكل بسقوط بعض اجزائه او شرائطه " فإذا تعذّر الكل سقط التكليف به. الصلاة عند تعذر الطهارة الخبثية او الطهارة الحدثية ولو ان تعذر احدهما لا بعينه، النتيجة سقوط وجوب الصلاة، الصلاة بأكملها اصبحت متعذرة فإذا لا يمكن التكليف بها فتخرج من باب التزاحم وصارت في باب التعارض فنذهب حينئذ إلى علاجات باب التعارض.

فإذن، في المرحلة الاولى اخرج المثال من المرجح الاول، وفي المرحلة الثانية اخرجه من اساس التزاحم.

لكن نقول في النقطة الثانية: هو (ره) قال انه إذا تعذر بعض الاجزاء والشرائط سقط الكل بقانون: " إذا تعذر الجزء تعذر الكل " أي كان المطلوب الصلاة بالطهرة الحدثية، تعذرت الطهارة الحدثية فصار المطلوب الصلاة بدون الطهارة الحدثية، أي: يوجد جعلان أحدهما بدل طولي للآخر، وقد دلّ الدليل على ثبوته. اي اصبح هناك جعلين، وهذا بدل.

ونقطة التأمل هي: لماذا يوجد جعل، ما الحاجة إليه وما الدليل عليه؟

اصل الصلاة مطلوب وجاء دليل على الشرط، فالدليل على الاشتراط نفسه ليس معناه جعل آخر للصلاة، بل نفس الصلاة مطلوبة بالشرط. وكذلك اسقاط الاشتراط تكون نفس الصلاة مطلوبة ثم أسقط شرطها، كاشتراط الطهارة الحدثية او الطهارة الخبثية.

بعبارة أخرى: نحن نسلِّم بسقوط الكل، لكن لا نسلّم بضرورة سقوط الامر بل يمكن بقاؤه مع الدليل عليه.

لتوضيح الفكرة: في الاشتراط يأتي أمر بالصلاة، في قوله تعالى: ( وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ) [1] ، ثم يأتي أمر بالشرط " لا صلاة إلا بطهور ". هذا الشرط ليس جعلا جديدا للمشروط، وليس بدلا طوليا. بعبارة ثانية: هناك جعل للشرط وهناك اسقاط للشرط من قبيل: شخص مريض وحكمه وجوب الاستشفاء وطلب منه اخذ عدة ادوية، ثم تعذّر احد الادوية، يسقط نفس الدواء ويمكن بقاء وجوب الاستشفاء ولا ضرورة لجعل آخر، نعم ذلك يحتاج إلى دليل، وهذا لا يعني جعلا جديدا طوليا. وفي مثال وجوب الصلاة هو نفسه لا تحتاج إلى جعل جديد، بالفطرة العلمية باللاوعي للناس إذا تعذر احد الشرطين ودار الأمر بين شرطين انت بمفردك ترى أيهما أهم ملاكا فتقدمه. فاذا تعذر احد اجزاء المطلوب هل استطيع اسقاط جعل هذا الجزء ولا اسقط الاساس؟ اسقاط الاساس يحتاج إلى دليل وجعل الاساس يحتاج إلى دليل.

بعبارة اخرى : اسقاط جزء عند تعذره يعني اسقاط الكل، ووجوب الباقي هل يعني جعلا جديدا او انه نفس الجعل الاول بدون هذا الشرط؟ إذا قلنا انه نفس الجعل الاول يكون من باب التزاحم وذهبنا إلى مرجحات باب التزاحم.

وإذا قلت جعل جديد يأتي كلام السيد الخوئي (ره) ويدخل في باب التعارض، ونذهب إلى علاجات باب التعارض.

الخلاصة: ان ما ذكره (ره) فيه تأمل بنقطتين: النقطة الاولى هو يشترط ان يكونا نفسيين، هذا غير معلوم فيبقى المثال تحت المرجح الاول. والنقطة الثانية: وجوب بدلي طولي ايضا غير تام ويحتاج إلى تأمل، بل يبقى نفس الوجوب الاول مع اسقاط شرط، لأنه يمكن اسقاط جزء او شرط لتعذره، من دون اسقاط لأصل الوجوب وذلك من قبيل " ولا يسقط الميسور بالمعسور " مسألة وجدانية، وعدم سقوط الميسور لا يعني أنه جعل جديد للميسور.

اعادة بيان كلام السيد الخوئي (ره) يقول: إذا تعذر الجزء ولو كان لازما بعينه تعذر الكل، فإذا تعذر الكل سقطت الصلاة، إذن الامر الاول بالصلاة انتهى، بعد انتهاء الامر جاء شيء جديد وهو تعذر احد الشرطين إما اطهر طهارة خبثية أو اطهر طهارة حدثية، تعذر القديم بسبب تعذر احد الشرطين لكن دل دليل من خارج على ان الصلاة لا تسقط بحال، إذن هناك صلاة مطلوبة، هذه الصلاة جعل واحد جديد اما الطهرة الحدثية أو الطهارة الخبثية، أي انه في عالم الواقع والانشاء هناك جعل واحد وليس جعلين، اما أن يكون المجعول صلاة بطهارة خبثية أو أن يكون صلاة بطهارة حدثية, وهذا في مقام الجعل وليس في مقام الامتثال لان الجعل الاول انتهى إذن خرج من باب التزاحم لانه في التزاحم يجب ان يكون هناك جعلان، يتنافيان في مقام الامتثال، اما في التعارض فالثابت – لو ثبت - جعل واحد ولكن أي جعل منهما لا ادري؟ فترجع المسألة إلى باب التعارض.

تعليقي البسيط والقليل والتأمل: هل هناك جعل جديد؟ هناك اسقاط للشرط فقط فيبقى التزاحم؟ او ان هناك جعلا آخر جديدا؟

وهذا ممكن لكني لا ارى العرف كذلك، الجعل الجديد، ووجوب الاعادة، ووجوب القضاء يحتاج إلى دليل، لانها موضوعات جديدة، لكن هنا اسقط الشرط فقط، والدليل على انتفاء الوجوب الاول غير موجود، بل يبقى مع اسقاط الشرط، وهو أمر لا مانع منه. لاحظوا الناس العرف ببابك.

فلنتأمل بالموضوع لان نفس الكلام سيأتي في المثال الثالث. غدا ان شاء الله نكمل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo