< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة النهي عن الضد.

     المورد الثالث: وهو ما إذا دار الأمر بين إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية وإدراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية.

     ايراد السيد الخوئي (ره) على هذا المورد بنفس ايراده على المورد الثاني.

كان الكلام في المرجح الاول وهو تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل، والكلام كان في المثال الثاني الذي ضربه الشيخ النائيني (ره) والذي اخرجه السيد الخوئي (ره) عن كونه تزاحما بناء على ان تعذر الجزء يقتضي تعذر الكل، ومع تعذر الكل سقوطه وسقوط الحكم به لأنه اصبح من باب التكليف بالمتعذر. قلنا انه في كلتا النقطتين كلام:

اولا: اشتراط النفسيين في المتزاحمين، قلنا انه لا داعي لهذا الشرط، وحصر الدواعي في الدواعي الشرعية لا دليل عليه. بل بالعكس نرى ان التزاحم يكون حتى في الامور العقلية والعرفية وغير ذلك. هذا في النقطة الاولى أي في خروجه من المرجح الاول.

في النقطة الثانية: قال ان سقوط شرط يقتضي سقوط الحكم من اساسه. نقول: ان الحكم مع تعذر شرط لا يسقط من اساسه، هما امران اعتباريان ، فيحتمل بقاء الحكم ولا داعي لسقوطه من اساسه بل يسقط خصوص الشرط، نعم بقاء الحكم مع سقوط الشرط يحتاج إلى دليل كذلك سقوط الشرط يحتاج إلى جعل لكن ليس بمعنى جعل الحكم من اساسه، ولو شككنا فالاستصحاب هنا وارد.

إلى هنا هاتان النقطتان الواردتان في هذا المثال ايضا تردان في المثال الثالث.

المثال الثالث الذي طرحه الشيخ النائيني (ره) يقول السيد الخوئي (ره) ملخصا: فيما لو دار الامر بين طهارة ترابية مع اربع ركعات وطهارة مائية مع ركعة واحدة، أي ان الوقت صار ضيقا [1] . الزمن قليل ودار الامر بين الوضوء وحينئذ لا ادرك إلا ركعة واحدة من الاربع ركعات من الظهر او العصر مثلا، أو أن أتيمم وادرك الاربع ركعات، أيهما أولى؟

نفس الكلام الذي ذكره (ره) في المثال الثاني يذكره هنا. النائيني (ره) جعله من باب التزاحم والسيد الخوئي (ره) جعله من باب التعارض. ولكن السيد الخوئي (ره) يخرج بنتيجة وملخصها اننا نقدم الصلاة بأربع ركعات بتيمم على الطهارة المائية بركعة واحدة بالرغم من انه هناك بدل طولي: " من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله "، وهناك في الطهرة المائية لها بدل طولي وهو التيمم.

يقول السيد الخوئي: وأما المورد الثالث - وهو ما إذا دار الأمر بين إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية وإدراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية - فيرد عليه بعينه ما أوردناه على المورد الثاني من الوجهين. [2]

أما أولا [3] : فلما عرفت من أنه كما أن للصلاة مع الطهارة المائية بدلا – وهو الصلاة مع الطهارة الترابية - فكذلك لإدراك تمام الصلاة في الوقت بدل، وهو إدراك ركعة واحدة منها في الوقت. فإذن لا تنطبق الكبرى المزبورة عليه.

وأما ثانيا [4] : فلما عرفت من أن التزاحم لا يجري بين أجزاء واجب واحد أو شرائطه، فإذا تعذر على المكلف الجمع بين الطهارة المائية والوقت فمقتضى القاعدة الأولية سقوط الأمر بالصلاة [5] ، فلو كنا نحن والحال هذه لم نقل بوجوب الباقي من الأجزاء والشرائط، ولكن الدليل الخارجي قد دلنا على وجوب الباقي وعدم سقوط الصلاة بحال.

ومن ذلك يعلم إجمالا بجعل جزئية أحدهما في الواقع، وحيث إنه مردد بين الطهارة المائية والوقت فتقع المعارضة بين دليليهما [6] .

فالنتيجة: أن هذا الفرع أيضا ليس من صغريات الكبرى المتقدمة.

وقد تحصل مما ذكرناه: أن ما ذكره (قدس سره) من الفروع الثلاثة ليس شيء منها صغرى للكبرى التي ذكرها، وهي تقديم ما ليس له بدل على ماله بدل، ولا تنطبق تلك الكبرى على شيء منها. [7]

نعم، النتيجة في الفرع الأخير بعينها هي النتيجة التي ذكرها (قدس سره)، وهي تقديم مالا بدل له على ماله بدل، ولكن بملاك آخر، لا بالملاك الذي أفاده. [8]

غدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] وهذا ما يحصل في ايامنا هذه في صلاة الصبح الوقت ضيق جدا، اذا تيممنا يمكن ان نحصل الركعتين، اما إذا توضأنا يمكن ان نحصل الركعة الواحدة.
[2] اولا: اخرجه من المرجح الاول، واشتراط النفسيين في المتزاحمين. ثانيا: اخرجه من التزاحم وقال هو تعارض باعتبار سقوط الكل بسقوط الجزء. ونحن ايضا نقول للسيد الخوئي (ره) نفس ما ذكرناه في المورد الثاني نذكره هنا. نعم هو (ره) في المورد الثالث يذهب إلى نفس النتيجة.
[3] انه ليس من مصاديق المرجح الاول. أي ليس من تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل. وفي المرجح الاول في المورد الثاني اشترط النفسيين فقال ان التزاحم واقعا ليس بين الطهارتين، بل بين الصلاتين، صلاة بطهارة حدثية وصلاة بطهارة خبثية وليس بين الشرطين، لان التزاحم بين الشرطين غير متصور ومحال عقلا.
[4] أي اخراجه من التزاحم إلى التعارض.
[5] أي اصبح غير قادر على الصلاة الكاملة مع طهارة مائية، حينئذ يسقط التكليف، سقوط الجزء يؤدي إلى سقوط الكل، نعم الجزء او الشرط لا بعينه سقط، واحد من الشرطين قد تعذر ولا ندري أي واحد منهما تعذّر، وعدم التعيين غير ضائر.
[6] لان هناك جعل واحد، المجعول صلاة لا ادري هل هي صلاة تامة مع تيمم او صلاة ناقصة مع وضوء، ولا يوجد جعلان حتى يكون هناك تزاحم.
[7] إذن ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل هذه الكبرى مسلّمة عند الجميع لكن الكلام في التطبيقات هنا، نعم بعضهم لم يجعل المرجح الاول مرجحا اساسا كالسيد الروحاني (ره) مثلا قال انه من الاساس ليس مرجحا. واشكل انه احيانا ما له بدل في فرده الطولي الاول أهم. وقلنا ان هذا ليس اخراجا من المرجح بل يصبح تزاحما بين المرجحين، ونحن نقدم المرجح الأهم ملاكا على المرجح الاول الذي هو تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل، وسنبين ذلك لاحقا.
[8] محاضرات في اصول الفقه، تقريرات بحث السيد الخوئي للفياض، ج3، ص33. يقول السيد (ره) انه يقدم الوقت على الطهارة، أي التيمم مع أربعت ركعات. لكن لا لانه من باب التزاحم وتقديم ما ليس له لدل على ما له بدل. كلاهما وصلا إلى نفس النتيجة: السيد (ره) قال بانه سنصل إلى نفس النتيجة لكن بملاك آخر وملخصه: ان المشروط هو الذي يجب أن يتم والبدائل تتحقق بالشرط. عندما قال: " من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت كله " هذا في حال لم يتمكن من اصل المشروط وليس من الشرط. يعني اذا امكن الوقت جعل المشروط، ولو مع بدائل شروطه. يعني المشروط هو الذي ينبغي أن يتم والبدائل تتحقق في الشرائط. الكلام سليم ونحن نؤيده. نعم نحن نقول انه يبقى التزاحم في المرجح الاول لكن السيد اخرج هذا المورد بإخراج فقهي متين، وسنبيّنه لاحقا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo