< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة النهي عن الضد.

     ذهاب السيد الخوئي (ره) إلى جريان قاعدة تقديم الاسبق زمانا مطلقا، وجدت جهة أخرى مرجحة للاحق أم لا.

     استدراك الشيخ النائيني (ره) وهو عدم جريان القاعدة مطلقا، بل تجري في خصوص ما إذا لم تكن جهة أخرى مرجحة.

     تمثيل النائيني (ره) بمن نذر نذرا بالمبيت ليلة عرفة في مشهد الحسين (ع)، ثم حصلت الاستطاعة بعد ذلك، فان الحج مقدّم رغم حصول شرطه وهو الاستطاعة لاحقا.

     إيراد النائيني (ره) على نفسه: اولا: باشتراط احدهما وهو الحج بالقدرة الشرعية دون النذر. والقاعدة تقتضي تقديم المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية. وثانيا: لو تنزلنا وقلنا إن النذر ايضا مشروط بقدرة شرعية، فيرفع كل منهما موضوع الآخر، وهذا يقتضي تقديم النذر. وبقاء على الايرادين يجب تقديم النذر.

قلنا ان هناك فرق بين الاسبق زمانا والمتقارنين في المشروطين بالقدرة الشرعية، قلنا انه يقدّم الاسبق زمانا، وملخص الكلام فيه ان فعلية الاسبق زمانا تتقدم على فعلية المتأخر باعتبار تحقق موضوعه سلفا بدون موانع، فمع تحقق فعليته فعلية الاسبق تمنع أي حكم آخر، فإذا كانا في عرض واحد تزاحما، وإذا كانا في طول واحد تطرد الفعلية المتحققة الفعلية اللاحقة.

السيد الخوئي (ره) له كلام مهم وإن كان فيه تأمل، وهو ان هذه القاعدة وهي تقديم الاسبق زمانا على اللاحق مطلقة سواء كان هناك جهة اخرى أو مرجح آخر أو كان الاخر أهم أم لم يكن، فعلية السابق تمنع من فعلية اللاحق مطلقا. من قبيل المكان الذي يحجز في الصلاة في المسجد نرى ان هذا المكان لمن يسبق اليه لمجرد حصول موضوع الموقوف له، وهو حق الاختصاص، فإذا سبق اليه شخص كحق لا يشغله احد غيره حتى لو انطبق عليه عنوان الموقوف عليه.

فإذن مهما كان المزاحم الآخر وإن كان له مرجح آخر، فالاسبقية تكون مرجحا مطلقا [1] .

ثم إن الشيخ النائيني (ره) يستدرك على هذه القاعدة ويقول: ان السابق لا يقدّم مطلقا، فإذا كان اللاحق فيه مرجح آخر قد يؤدي إلى ترجيح اللاحق على السابق إذا كان أهم ملاكا أو اعظم إلى آخره.

وتلخيص ما يريد أن يقول: إن هذا التقديم إذا لم يكن جهة أخرى يستلزم مخالفتها، ومثل لذلك برجل نذر المبيت عند الحسين (ع) ليلة عرفة، ثم حصلت له الاستطاعة بعد ذلك في أشهر الحج، أيهما يقدّم هنا؟ [2] فأفتى بوجوب الحج عليه، أي أنه قدّم وجوب الحج على وجوب النذر.

وذكر أن الوجه في ذلك هو أن وجوب النذر مشروط بعدم استلزامه للحرام فلا ينعقد اصلا، وهنا لو أراد امتثاله للزم ترك الحج.

ثم أورد على نفسه بإيرادين:

الاول: إن وجوب النذر مشروط بقدرة شرعية بلسان الدليل، بقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾ [3] والنذر غير مشروط في لسان الدليل بشيء، النذر يجب الوفاء به: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ﴾ [4] . ودرسنا ان المشروط بالقدرة العقلية مقدم على المشروط بالقدرة الشرعية لأنه يمنع من فعليته. فإذن يقدّم النذر.

الثاني: لو سلمنا كون الحج والنذر مشروطين بالقدرة الشرعية، وهي في النذر كعدم الاضطرار، فلا وجه لتقديم وجوب الحج عليه، فكل منهما رافع لموضوع الآخر، فمن هذه الجهة لا يقدّم أحدهما على الاخر وكأنهما في عرض واحد، وحينئذ تجري القاعدة ويقدّم النذر لكونه اسبق زمانا.

فإذن على كلا الحالين سواء قلنا ان النذر مقيّد بقدرة شرعية ام لا يقدم لأنه الاسبق زمانا. وما ذكر من تقديم الحج على النذر لا يتم.

هذا ايراد النائيني (ره) على نفسه، وبعد الايرادين اجاب عليهما بقوله: .......

غدا ان شاء الله نكمل.


[1] بعض الاصوليين يجعل الفعلية متقومه بتحقق الموضوع فقط. لكن هناك اشياء اخرى لتحقق الفعلية، ومن جملة شروط تحقق الفعلية ان لا يكون هناك مزاحم.
[2] قد يقال: بانك لست مستطيعا لان في ذمتك نذر، الاستطاعة سواء كانت عقلية أو شرعية، والاستطاعة ليست تكوينية بل هناك شرط شرعي موجود وهو ان لا يكون في ذمتي شيء آخر. لذلك القاعدة انه يقدم النذر على الحج لأن النذر يرفع الاستطاعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo