الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

    • استعراض الروايات في معنى الاستطاعة الواردة في الآية.

    • دلالتها.

نكمل الكلام في معنى الاستطاعة التي هي شرط القدرة، وهل هي القدرة الشرعية او العقلية. قلنا ان كلام السيد الخوئي (ره) متين. وهو إذا كان يؤدي إلى ترك واجب أو فعل حرام، حينئذ بلا شك لا يكون الحج واجبا.

ثم ذكر السيد الخوئي (ره) ان الاستطاعة المشروطة في الحج هي الاستطاعة بالقدرة العقلية كما ذكر في تقريرات الفياض لدرسه الموسومة بالمحاضرات، وهذا خلاف المشهور، لان المشهور هو الاستطاعة الشرعية.

نحن سنذكر أن الاستطاعة هي بالقدرة الشرعية. وقلنا ان الفرق بين الاستطاعة العقلية والشرعية، ان الشرعية هي المأخوذة عند الشارع والعقل والتكوين لا يشترطها.

وكلامنا اليوم في تأييد تفسير الاستطاعة بالقدرة عقلا عند السيد الخوئي، ويمكن الاستدلال لها بروايات مضمونها العام " ان يكون له ما يحج به " وهذه قدرة عقلية محضة.

الوسائل ج 8، ب 8 اشتراط وجوب الحج بوجود الاستطاعة من الزاد والراحلة مع الحاجة إليها وتخلية السرب والقدرة على المسير وما يتوقف عليه، ووجوب شراء ما يحتاج إليه من أسباب السفر.

ح1 - محمد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام قوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به الحديث.

السند معتبر، ومن ناحية الدلالة: " يكون له ما يحج به ".

ح2 - ورواه الصدوق في كتاب (التوحيد) عن أبيه، ومحمد بن موسى بن المتوكل عن سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، قال: سألت أبا عبد الله وذكر مثله، وزاد قلت: فمن عرض عليه فاستحيى، قال: هو ممن يستطيع.

من ناحية السند: الحديث صحيح ومستفيض.

من ناحية الدلالة: هناك مسألة يذكرها الفقهاء انه لو عرض عليه الحج يجب القبول او لا. صاحب الشرائع المحقق يقوا: ان بذلت على نحو الهديّة يجب قبولها، وان بذلت على نحو الهبة والصدقة فلا يجب قبولها. والفرق بين الهدية والهبة والصدقة بالرغم ان كلها عطيّة لكن تختلف الدواعي، واختلاف الدواعي نتج عنه اختلاف بالأحكام. الهدية هبة لكن الدافع والداعي فيها هو التكريم، وفي الهبة لا يوجد تكريم بل هي مجرد إعطاء، وفي الصدقة إعطاء مع شيء من الشفقة. في العطاء المحض يمكن أن يُرد، أما الهدية فكان رسول الله يحب الهدايا، لكن حتى الهدية احيانا يكون بها اشكال وخصوصا للقضاة.

ح3 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " ما السبيل؟ قال: أن يكون له ما يحج به الحديث .

السند صحيح، من ناحية الدلالة: ليس هناك أي شرط شرعي فتكون الاستطاعة المأخوذة خصوص القدرة العقلية.

ح 4 - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي قال: سأل حفص الكناسي أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عز وجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " ما يعني بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج أو قال: ممن كان له مال فقال له: حفص الكناسي فإذا كان صحيحا في بدنه مخلى في سربه له زاد وراحلة فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج؟ قال: نعم. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وهذا الذي قبله. [1]

وفي الباب 10. ح 1 - محمد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب، عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين، عن محمد بن مسلم في حديث قال، قلت لأبي جعفر عليه السلام: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع الحج ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، قال: فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل. ورواه الصدوق في (التوحيد) كما مر.

ح 3 - وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: فإن كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحيى فلم يفعل فإنه لا يسعه إلا أن يخرج ولو على حمار أجدع ابتر.

ح 5 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: قلت له: فان عرض عليه ما يحج به فاستحيى من ذلك أهو ممن يستطيع إليه سبيلا؟ قال: نعم ما شأنه يستحيى ولو يحج على حمار أجدع أبتر، فإن كان يستطيع " يطيق " أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج. [2]

هذا الروايات إذا قلنا ان ظاهرها " يستحي " أي ان لا يقبل فلا اشكال، وان قلنا ان ظاهرها كما استظهر الفقهاء انه استحي من القبول، فبمجرد ان عرض عليه صار مستطيعا ووجب عليه الحج.

ذكرنا الروايات ولنتأمل فيها، وفي ظهور معنى " يستحي ان يقبلها " احتمالات وأوجه، ومعها تختلف معاني القدرة المأخوذة في الحج، أي معنى الاستطاعة.

غدا ان شاء الله نكمل ونبين هذه الاوجه.