< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الواجب التخييري.

     تصوير محل النزال: الغرض واحد من الاقل والاكثر، والاقل لا يحقق الغرض إن كان في ضمن الاكثر.

     الاقل والاكثر إذا كانا على نحو " بشرط لا " يكون من التخيير بين المتباينين. وهذا موجود ومعقول.

     إذا كان على نحو " لا بشرط " فهو على قسمين.

     الفرق بين المتباينين وبين الاقل والاكثر الارتباطيين.

هل يمكن ان نتصور التخيير بين الاقل بحدّه والاكثر بحدّه؟. يذهب صاحب الكفاية (ره)إلى انه يمكن تصور التخيير عقلا، بل هو واقع موجود شرعا وعرفا.

محل النزاع هو أن يكون الطلب متعلقا بالأقل بحدّه والأكثر بحدّه، بحيث يكون الغرض واحدا، فإذا تحقق الأقل وحده تحقق الغرض، وإذا تحقق الأكثر تحقق الغرض ويكون المحقق له هو الأكثر وليس الأقل وإن كان في ضمنه.

يقول في الكفاية: بقي الكلام في أنه هل يمكن التخيير عقلا أو شرعا بين الأقل والأكثر، أولا؟

ربما يقال، بأنه محال، فإن الأقل إذا وجد كان هو الواجب لا محالة، [1] ولو كان في ضمن الأكثر، لحصول الغرض به، وكان الزائد عليه من أجزاء الأكثر زائدا على الواجب، لكنه ليس كذلك [2] ، فإنه إذا فرض أن المحصل للغرض فيما إذا وجد الأكثر، هو الأكثر لا الأقل الذي في ضمنه، بمعنى أن يكون لجميع أجزائه حينئذ دخل في حصوله، وإن كان الأقل لو لم يكن في ضمنه كان وافيا به أيضا، فلا محيص عن التخيير بينهما، إذ تخصيص الأقل بالوجوب حينئذ كان بلا مخصص، فإن الأكثر بحده يكون مثله على الفرض، مثل أن يكون الغرض الحاصل من رسم الخط مترتبا على الطويل إذا رسم بماله من الحد، لا على القصير في ضمنه، ومعه كيف يجوز تخصيصه بما لا يعمه؟ ومن الواضح كون هذا الفرض بمكان من الامكان. [3]

إذن صاحب الكفاية يقول بانه يمكن تصور التخيير بين الاقل بحدّه والاكثر بحدّه ويمكن ان يكون متعلقا للأحكام من قبيل التخيير بين القصر والتمام إما ركعتان أو اربعة ركعات فلا تكفي الثلاثة.

في بيان المختار: إن الاقل المأخوذ في ضمن الاكثر إما أن يكون مأخوذا على نحو " بشرط لا " أو على نحو " لا بشرط " أي لا بشرط الزيادة او النقصان.

فان كان على النحو الاول – بشرط لا - فقد اصبح تخييرا بين المتباينين ولا إشكال فيه.

فإذا قلت انت مخيّر اما بالقصر او بالتمام، بالاثنين أو الاربعة، والاثنين بشرط لا أي باشتراط عدم الزيادة، فهذا تخيير بين المتباينين، انت حر أن تصلي اثنين أو أربعة. والتخيير بين المتباينين لا اشكال فيه ولا شك في صحته ووجوده من قبيل الخصال الثلاثة في كفارة الافطار العمدي فلا علاقة بين الصوم والاطعام والعتق. بل يبعد أن يكون التخيير بين القصر والتمام من قبل المتباينين.

وإن كان على النحو الثاني – لا بشرط – فهل يمكن تصوره؟

نتصوره على قسمين: إما ان يكون الاقل هو المحقق للغرض على كل حال والزيادة على نحو الاستحباب " فان اتممت عشرا فمن عندك "، فالزيادة اصبحت استحبابية، والاقل يؤدي الغرض حتى لو كان في ضمن الأكثر، وهذا لا مانع منه عقلا ولا عرفا ولا شرعا، بل متحقق، ولكنه خارج عن محل الكلام. هذا هو القسم الاول.

والنوع الثاني لا زيادة ولا استحباب، شرط كمال الزيادة لا تضر بالاقل.

فهذا النحو الثاني – لا بشرط - موجود عرفا وشرعا، ولا مانع منه، هنا هل نستطيع ان نتصور اللا بشرط لكن تخييرا؟

كلامنا في ان الاقل يحقق الغرض وحده، وإذا كان ضمن الاكثر لا يحقق الغرض بل الاكثر يكون هو المحقق للغرض. هذا هو محل النزاع، من قبيل التخيير بين القصر والتمام، الغرض من الصلاة إما القصر وحده فإذا اكملت التمام، يكون هو المحقق للغرض ولو كان الاقل في ضمنه، فإذا كان الاقل ضمن الاكثر فلا يحقق الغرض.

لذلك إذا كان على نحو الا بشرط القسمي مثلا اطعم ستين مسكينا فإذا اطعمت واحد وستين، الستون هي لتحقق الغرض، فلو فرضنا انك مخيّر بين اطعام العشرة مساكين أو الستين مسكينا، فيكون محقق الغرض هو الستين وليس العشرة، فالاكثر هو الذي يحقق الغرض وليس الاقل حتى لو كان الاقل ضمن الاكثر الستين.

مثلا: الاقل والاكثر الارتباطيين: المطلوب في الصلاة عشر اجزاء او احد عشر جزءا، فلو اتممت الجزء الحادي عشر يكون الاقل العشر اجزاء غير محقق للغرض، بل المحقق للغرض اللاحد عشر.

هل نستطيع ان نتصور هذا تخييرا أو لا؟

صاحب الكفاية يقول نستطيع ان نتصور هذا تخييرا.

لكننا لا نرى ما يراه صاحب الكفاية، لان متعلّق الطلب إذا كان بين الأقل والكثر، إما ان يكون من المتباينين إذا كان " بشرط لا "، أو يكون " لا بشرط " ان كان الاقل محققا للغرض على كل حال فيكون الزائد مستحبا، اما ان نتصور ان الاقل لا يحقق الغرض ضمن الاكثر وهو مأخوذ على نحو " اللا بشرط " فهذا ما لا اتصوره.

الفرق بين المتباينين وبين الأقل والأكثر الارتباطيين: في مرحلة الأصول العملية وعند الشك في متعلّق المأمور به تجري أصالة الاحتياط، للشك في تحقق الغرض.

أما في الأقل والكثر الارتباطيين فقد أختلف الاصوليون، حيث ذهب الأكثر إلى البراءة، وبعضهم إلى الاحتياط وهذا الاخير هو ما نذهب إليه في مرحلة الاصول.

لذلك نقول ملخصا: ان الدوران بين الاقل والاكثر إما ان يكون بشرط لا فهذا تخيير بين المتباينين، وهذا لا اشكال فيه، وإما ان يكون على نحو " اللا بشرط " ويكون محقق الغرض هو الاقل ولو كان في ضمن الاكثر والزائد مستحب، وهذا ايضا موجود ولا اشكال فيه، وإما ان يكون بين الاقل والاكثر على نحو لا بشرط ويكون الاقل غير محقق للغرض ولو كان في ضمن الاكثر فهذا هو محل الكلام ونحن لا نذهب إلى صحته.

 


[1] الكلام في المسألة التالية: إذا كان الاقل بحدّه والاكثر بحدّه يؤديان الغرض، فالاقل إذا تمّ فقد تمّ الغرض ) عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ( /سورة القصص، آية 27. والاكثر يحقق الغرض ويكون الاقل بحدّه .
[2] ردا على اشكال، ان هذا الاشكال ليس في محلّه. والاشكال انه إذا وجد الاقل تمّ الغرض فإذا تم الغرض سقط الامر. يجيب صاحب الكفاية انه ليس كذلك.استطراد: متى يسقط الامر؟:يسقط إما بالنسخ، وإما بحصول الغرض، وإما بالامتثال، اما بالمعصية قلنا انه لا يسقط الامر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo