< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الواجب المؤقت: الموسع والمضيّق.

     تبعية القضاء للأداء ملاكها وحدة المطلوب وتعدده.

     الاصل اللفظي؟

     تفصيل صاحب الكفاية: ان كان دليل القيد مطلقا قدّم على اطلاق المقيَّد لان إطلاق القيد حاكم على إطلاق المقيِّد، وإلا فلا.

نكمل الكلام في الواجب المؤقت، النقطة الثانية: تبعية القضاء للأداء: هل دليل الاداء بنفسه يدل على القضاء؟ وبعضهم سماها بوحدة المطلوب وتعدد المطلوب لكن في الحقيقة هو مدرك الاستدلال.

وهي إذا فات الواجب المؤقت عن وقته ولم يمتثل، فهل يبقى الوجوب؟ ومثاله: غسل الجمعة إذا لم يمتثل طلبه يوم الجمعة لعذر أو لغيره، فهل يبقى الطلب إلى يوم السبت؟

فهل يدلّ دليل الاداء على القضاء؟

والكلام تارة في الاصل اللفظي وتارة في الاصل العملي.

في الاصل اللفظي هل نستطيع ان نأصل أصلا وقاعدة نرجع اليها عند الشك في بقاء الوجوب او الطلب؟

اما في الاصل اللفظي، فتارة يكون طلب الواجب وقيده المؤقت على نحو وحدة المطلوب، واخرى على نحو تعدده.

فان كان على نحو وحدة المطلوب فلا دلالة للقضاء على الاداء، وإذا كان على تعدد المطلوب يكون هناك دلالة على القضاء، وهذا واضح لكن الكلام يأتي في كيف نعرف انه على نحو وحدة المطلوب او على نحو تعدد المطلوب؟

فان كان على نحو وحدة المطلوب فيكون المطلوب واحدا أي الغسل يوم الجمعة، ومن الواضح أن استحبابه يوم الجمعة لا يعني استحبابه فيما بعد أيضا اي يوم السبت، وإلا فلم يكن للقيد معنى. [1]

 

وإن كان على نحو تعدد المطلوب [2] فلا شك في بقاء إطلاق استحباب الغسل بعد الوقت ويكون دليلا على الاستحباب بعد الوقت.

ولهذا كان ملاك المسألة على مستوى الاصل اللفظي هو وحدة المطلوب وتعدده.

لكن الكلام في كيفية إثبات ذلك فنقول: إن كان دليل الواجب مطلقا " صلّ " ودليل المقيّد ( الوقت، " صل بين الزوال والغروب ") مطلقا ايضا. فهذا يدل على وحدة المطلوب، لان تقييده تقييد لاصل المطلوب، وان كان دليل الواجب مطلقا ودليل المقيّد مقيّدا بخصوص أعلى المراتب وبيان كمال الفرد فيكون من قبيل المستحب في المستحب، فيبقى الواجب على إطلاقه، وبذلك نثبت تعدد المطلوب ويثبت استحباب القضاء.

نذكر كلام صاحب الكفاية (ره): ثم إنه لا دلالة للأمر بالموقت بوجه على الامر به في خارج الوقت، بعد فوته في الوقت، لو لم نقل بدلالته على عدم الامر به.[3]

نعم لو كان التوقيت بدليل منفصل، لم يكن له إطلاق على التقييد بالوقت، وكان لدليل الواجب إطلاق، لكان قضية إطلاقه ثبوت الوجوب بعد انقضاء الوقت، [4] وكون التقييد به بحسب تمام المطلوب لا أصله [5] .

وبالجملة: التقييد بالوقت كما يكون بنحو وحدة المطلوب، كذلك ربما يكون بنحو تعدد المطلوب، بحيث كان أصل الفعل ولو في خارج الوقت مطلوبا في الجملة، وإن لم يكن بتمام المطلوب، إلا أنه لابد في إثبات أنه بهذا النحو من دلالة، ولا يكفي الدليل على الوقت إلا فيما عرفت، ومع عدم الدلالة فقضية أصالة البراءة ....... [6]

ملخص او بيان كلام صاحب الكفاية: ان اصل المطلوب هو " اغتسل" مطلقا، وجاء التقييد " إغتسل يوم الجمعة " فان كان التقييد له اطلاق فيقدم اطلاقه على ذاك ويكون على نحو وحدة المطلوب، وان كان القيد ليس له اطلاق فيكون على نحو تعدد المطلوب. اما كيف نثبت ذلك؟، متى يكون الدليل له اطلاق؟

فلم يذكر صاحب الكفاية ذلك لكن الظاهر من مراده أن دليل القيد إن كان لفظيا وقد تمّت مقدمات الحكمة فقد تمّ إطلاقه، وإن كان لبيا كالاجماع والشهرة وعمل المعصوم فالدليل لا لسان له فلا إطلاق له.

الدليل اللفظي له اطلاق اما الدليل اللبي فليس له اطلاق.

فالدليل اللفظي إن كان كالاجماع مثلا حينئذ يقتصر فيه على القدر المتيقن ولا اطلاق له لان الاجماع دليل لبي لا لسان له، اما إذا كان دليلا لفظيا فله اطلاق عند تمامية مقدمات الحكمة، والقيد حاكم على المقيّد فيكون اطلاق القيد ايضا حاكما على اطلاق القيّد.

وهذا الامر يجري في كل القيود وليس فقط بالوقت، إن كان الاصل مطلقا والقيد مطلقا فيقدم اطلاق القيد على اطلاق المقيّد، والقيد على قسمين: تارة دليله لفظي فله اطلاق، وتارة دليل لبي كالاجماع والشهرة وغيرهما فلا اطلاق له. مثلا: لو جاء دليل على استحباب الصدقة مطلقا ورأيت الامام (ع) يتصدق يوم السبت، عمل المعصوم، وعمل المعصوم دليل من ليس له اطلاق، فيكون بيانا لافضل مراتبه، فلو شككت في القضاء يبقى ذلك على الاطلاق وتكون الصدقة في كل الايام. اما لو قال لك بعد ذلك " تصدق يوم السبت " فاطلاق القيد قيّد اساس الصدقة.

تنبيه: هذا الامر ليس موجودا فقط في هذه المسألة، أي المؤقت بل في كل القيود، فان كان لدليل القيد إطلاق قدّم على دليل المقيّد لان دليل القيد حاكم على دليل المقيّد، وإلا فلا يقدّم بل يبقى دليل المقيّد على إطلاقه. ومثاله: وجوب الصلاة مقيّد مطلق وله نوعان من القيود: نوع له إطلاق من قبيل: " لا صلاة إلا بطهور " و " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " فهو دليل لفظي له إطلاق، فيقدم على إطلاق وجوب الصلاة لانه حاكم عليه.

وهناك نوع آخر لا إطلاق له لانه لبّي مثل اشتراط الطمأنينة أو عدم الاكل والشرب، فانه بالاجماع، والاجماع دليل لبّي لا إطلاق له، فيقتصر فيه على القدر المتيقن وهو التقييد بخصوص وجوب الطمأنينة المقدورة، ومع عدمها تبقى الصلاة على وجوبها لبقاء الواجب على إطلاقه. هذا كله في الاصل اللفظي.


[1] إذا قلت لك اغتسل يوم الجمعة بقرينة متصلة ليس هناك مفهوم، وهذا لا يعني انه يوم السبت لا تغتسل، او حكم بعدم الغسل، لان الوصف لا مفهوم له، الحكم يوم السبت مسكوت عنه، لذلك فلو ورد دليل باستحباب الغسل يوم السبت فلا تعارض بينه وبين مفهوم اغتسل يوم الجمعة، إذ لا مفهوم للوصف، والوصف مجرد حيثية تقييدية للموضوع.
[2] كإغتسل يوم الجمعة، تارة نقول غسل يوم الجمعة مطلوب وتارة نقول الغسل مطلوب وايضا الكون يوم الجمعة أي اصبح هناك مطلوبين غسل باطلاقه وكون يوم الجمعة، هذا نحمله على الكمال حينئذ. إذا كان هناك مطلوبان يكون المطلوب الاول اغتسل، والمطلوب الثاني اغتسل يوم الجمعة. يكون يوم الجمعة هو الغسل الاكمل.
[3] بناءً على مفهوم الوصف، بان اغتسل يوم الجمعة لا دلالة على اغتسل يوم السبت، لو لم نقل باثبات عدم الامر به أي بالمفهوم بناء على مفهوم الوصف.
[4] اصبح اصل المطلوب مطلقا والقيد مقيّد بخصوص ان يبقى المطلق على اطلاقه، اما لو كان دليل القيد مقيّدا لتقدم على اطلاق الغسل لان اطلاق القيد حاكم على اطلاق المقيّد.
[5] اصل المطلوب بالغسل يبقى لكن التقييد بيان لافضل واكمل الافراد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo