< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الامر بعد الامر قبل الامتثال الاول.

     الاشارة إلى الفرق بين هذه المسألة ومسألة تداخل الاسباب والمسببات.

     الاشارة إلى الفرق بين هذه المسألة ومسألة المطلق والمقيّد.

     في مسألتنا يحمل الامر الثاني على التأكيد دون التأسيس وذلك بالتصرّف في ظهور الهيئة في التأسيس.

كمسألة اخيرة قبل بحث النواهي، اخر بحث في مبحث الاوامر ذكره (ره) وهو الامر بعد الامر قبل الامتثال الاول هل يدل على التأسيس أو التأكيد؟ [1]

دفع وهم: قد يتوهم عدم الثمرة في هذه المسألة بعد مضي زمن التشريع؟ والدفع هو في حدوث التكاليف الفعلية، فلو كلّف بغسل اليد عند قتل الوزغ ثم قتل وزغا آخر قبل الامتثال، فهل يكون التكليف الآخر تأكيدا للأول أو تأسيسا ومثل حكم الحاكم والولي.

إلفات: إن هذا البحث يختلف عن مسألة تداخل الاسباب والمسببات والتي سنبحثها في مفهوم الشرط.

قبل الابتداء بذكر نص الكفاية نذكر الفرق بين التأسيس والتأكيد.

الفرق بين التأسيس والتأكيد:

التأسيس هو إنشاء آخر، وجعل آخر، يختلف عن الجعل الاول، فيكون الجعلان متباينان، يحتاجان إلى امتثالين وإلى بيانين، من قبيل: صلّ صلاة الظهر وصلّ صلاة العصر.

أما التأكيد فلا يوجد جعل بل هو تثبيت لما اسس سابقا، ودواعي التأكيد متعددة ذكرت في علم المعاني، ولا يحتاج إلى امتثال آخر.

بعد هذا البيان نبحث في مسألتنا ونؤجل مسألة تداخل الاسباب والمسببات إلى بحث مفهوم الشرط.

 

التفريق بين ثلاثة مسائل:

هناك ثلاثة مسائل: اولا: التكليف قبل امتثال التكليف الاول مثلا: اغتسل اغتسل وهل الاصل التأسيي أو التأكيد. ثانيا: تداخل الاسباب مثلا: إذا اجنبت فاغتسل، وإذا زرت المسجد الحرام فاغتسل، ما هو الاصل فيها عند الشك. ثالثا: تداخل المسببات وما هو الاصل فيها عند الشك. هذه المسائل الثلاثة يجب التمييز بينها ونذكر الاخيرتين في مسألة مفهوم الشرط. المشترك بين المسائل الثلاثة هل يوجد حكم آخر ام لا؟

في مسألتنا وهي ورود أمر بشيء بعد الامر به قبل امتثاله يقول صاحب الكفاية (ره): فصل: إذا ورد أمر بشيء بعد الامر به قبل امتثاله، فهل يوجب تكرار ذاك الشيء، أو تأكيد الامر الأول، والبعث الحاصل به؟ قضية إطلاق المادة هو التأكيد، فإن الطلب تأسيسا لا يكاد يتعلق بطبيعة واحدة مرتين، من دون أن يجئ تقييد لها في البين، ولو كان بمثل ( مرة أخرى ) كي يكون متعلق كل منهما غير متعلق الاخر، كما لا يخفى، والمنساق من إطلاق الهيئة، وإن كان هو تأسيس الطلب لا تأكيده، إلا أن الظاهر هو انسباق التأكيد عنها، فيما كانت مسبوقة بمثلها، ولم يذكر هناك سبب، أو ذكر سبب واحد. [2]

بيانه: أقسام ورود الامر بعد الامر قبل الامتثال:

ورود امر بعد الامر وقبل الامتثال له وبحسب المادة والتعليق على المادة على اقسام:

الاول: كون الهيئة والمادة متباينين مفهوما، كما لو قلت: " اغتسل وصلّ " وهذا لا شك في كونه من باب التأسيس لاختلاف الموضوع، وهذا على قسمين:

     يكون بين المفهومين نسبة التباين الكلي، كما في المثال المذكور أو نسبة العموم من وجه، ولا شك في كون كلا الامرين على نحو التأسيس.

     يكون بين المفهومين نسبة العموم المطلق أو التساوي فهذا من قبيل المطلق والمقيّد، ومع حمل المطلق على المقيّد لا يكون المقيّد تأكيدا ولا تأسيسا، بل هو بيان للأول. وسيأتي في مباحث المطلق والمقيّد.

الثاني: كون الهيأة والمادة متساويين مفهوما، كما لو قلت: " اغتسل " و " اغتسل " ولكنهما مقيدتان بسببين مثلا: " اغتسل إذا أجنبت " و " اغتسل إذا زرت المسجد الحرام " مطلق، فهذه مسألة سنبحثها في المفاهيم وهناك سنسميها بمسألة تداخل الاسباب والمسببات.

الثالث: كون الهيأة والمادة متساويين مفهوما ومصداقا، وهذا هو محل الكلام، كما لو قلت: " اغتسل، ثم قلت قبل الامتثال: " اغتسل ". وها هنا اطلاقان: إطلاق الهيئة واطلاق المادة.

اما إطلاق الهيئة فيقتضي التأسيس، فان الهيئة إنشاء، وسواء قلنا بالنظرية الايجادية او الابرازية فظاهرها إنشاء طلب مستقل عن غيره.

واما إطلاق المادة وإن كان تاما لكنها متعلّقة للهيئة، وهي واحدة في كلتا الهيأتين، فيلزم اجتماع المثلين، وذلك لان الهيأتين تدلان على إنشائين قد تعلقا بنفس الطبيعة، ونفس المأمور به.

ولذا يقع التعارض بين ظهور الهيأة بالطلب المستقل وبالتأسيس، وبين ظهور المادتين في الوجود الواحد السعي وبالتالي في التأكيد. وهنا نضطر لرفع اليد عن احدهما، والظاهر عرفا رفع اليد عن ظهور الهيأة في التأسيس لعدم تقييد الهيأة بأي سبب، فهذا هو الظاهر إلا إذا وجدت قرينة مثل قوله في الامر المتأخرة "اغتسل مرّة اخرى " . غدا ان شاء الله نشرع في النواهي.

 


[1] استطراد: ونحن قد ذكرنا ان سقوط الامر كيف يتمّ؟ ذكرنا انه يتمّ إما بالامتثال أو بانتفاء الموضوع أو بالنسخ أو بانتفاء الملاك أو وجود ملاك آخر يزاحم الامر الاول، وقال بعضهم بالعصيان ونحن لم نقل بسقط الامر بالعصيان.نحن نحاول ان نجمع كيفية سقوط الحكم فلو فرضنا ان جمعها بعض العلماء من هنا وهناك، هل إذا لم تذكر هذه القاعدة كقاعدة عامة: " متى يسقط الحكم "؟ هل معناه أن القاعدة لا اساس لها لانه ليس لها عبن واثر عند القدماء او المتأخرين؟ هذا الاستطراد ردّ على السيد الخوئي (ره) عدما قال ان هذا احد الاشكالات الرئيسية على قاعدة ان صفوان لا يروي إلا عن ثقة، قال لو كان هذا صحيحا لذكره علماء الرجال قبله واننا لا نجد له عينا ولا اثرا، وهذا النجاشي المعاصر للشيخ الطوسي لم يذكرها إلا في ابن ابي عمير. اعطي هذا المثال للإشارة إلى كيفية تطور العلوم، قاعدة موجودة لكن استنبطها من مفردات وتتبع، وهذا لا يعني ان هذه القاعدة غير صحيحة الشيخ الطوسي لاحظها ولم يلاحظها غيره.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo