< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     مرتكز القول بالامتناع إما السرية وقد مرّت.

     واما بعد التسليم بالسراية القول بتعدد المجمع واقعا، فهو من قبيل المتعدد الموردي.

     تذكير بما اشتهر من عدم جواز ثبوت حكمين متضادين للمتلازمين، وبما اخترناه.

قلنا ان القول بالامتناع يرتكز ويستند إلى احد امرين:

اما الى سراية الحكم من الطبيعة إلى الفرد، وإما إلى القول بعدم امكان جعل المتلازمين محكومين بحكمين مختلفين. فالقول بالامتناع معناه انه لا يكون امر ونهي في شيء واحد، فيكون إما امر وإما نهي.

فإذا اجتمع عنوانان في معنون واحد، القول بالامتناع معناه انه يوجد حكم واحد، وحكم واحد معناه ان الامر والنهي لا يجتمعان في واحد، ومستند الامتناع احد امرين: إما السراية، وإما عدم الحكمين المتضادين في المتلازمين.

أما السراية ذكرنا امس ان الاحكام متعلقة بالطبائع وليست بالافراد، الامر تعلق بطبيعة والنهي تعلق بطبيعة اخرى، فمكان الامر غير مكان النهي، فاين الواحد؟ قالوا ان الواحد هو المجمع المعنون الذي اجتمع في " زيد " أي الذي اجتمع فيه العالم والفاسق، هذا زيد الذي اجتمع فيه العالم والفاسق إذا لم يكن محكوما بالامر ولا بالنهي يبقى الامر في مكانه والنهي في مكانه لان الحكم متعلق بالطبيعة. بينما إذا كان زيد فرد من الطبيعة والحكم سرى من الطبيعة إلى الفرد – المجمع - فصار الفرد مأمورا به وايضا منهيا عنه. وهذا محال. هذه السراية.

وإما ان يقال ليس هناك سراية، نفس المجمع ظاهرا واحد وحقيقة متعدد، زيد العالم جهة، وزيد الفاسق جهة اخرى، إذن صار للفرد الواحد جهتين، تعدد الجهة يؤدي إلى تعدد الفرد واقعا بالدقة العقلية الفلسفية، لكن ظاهرا هو واحد. فظاهرا نقول ان زيدا مأمور باكرامه وزيدا منهي عن اكرامه لكن واقعا الجهة تؤدي إلى تعدد، هذا الذي عبروا عنه بالاجتماع الموردي، يعني في زيد اجتمع موردا اثنان العالم والفاسق. هذا الاجتماع الموردي يعني هناك امران متلازمان في شيء واحد، هذا الواحد واحد ظاهرا لكنه اثنان واقعا فهل يكون محكوما بحكمين متضادين مختلفين؟ إذا قيل نعم حينئذ يجوز اجتماع الامر والنهي، وإذا قيل لا، لا يجوز اجتماع الامر والنهي.

فإذن القول بالامتناع يستند إما إلى السراية.

سريان الحكم من الملازم إلى الملازم: وإما إلى القول بسريان الحكم من الملازم إلى الملازم مثلا: إذا طلعت الشمس فالنهار موجود عنوان طلوع الشمس يختلف عن عنوان وجود النهار، لكنهما متلازمان، فإذا كان هذا الثاني ان يكون واجبا، حتى قالو انه لا يمكن ان يكون مستحبا، لان المستحب يجوز تركه فإذا ترك ترك الواجب الملازم، هكذا قالوا: عقلا لا يمكن للمتلازمين إلا ان يكونا محكومين بحكمين متماثلين، ولا يجوز ان يكونا محكومين بحكمين متخالفين.

فإذن المجمع لا يخلو بالنسبة للحكمين من احد امرين:

- إما ان يكون متحدا وواحدا حقيقة وبذلك ينطبق عليه الكبرى المحال. وقلنا ان النزاع صغروي، فتمت الكبرى وتمت الصغرى، حينئذ لا يجوز اجتماع الامر والنهي. فإذن اما ان يكون هذا المجمع واحدا حقيقة، فاما الامر واما النهي.

- واما ان يكون متحدا ظاهرا، متعددا حقيقة، أي أن الطبيعتين مجتمعتان في فرد واحد، وذلك باجتماع حصتين منها في هذا الفرد، فهذا المجمع متعدد حقيقة متحد ظاهرا فيكون من باب الاجتماع الموردي، وبهذا يتلازم متعلّق الامر ومتعلّق النهي فيتلازم الضدان: الامر والنهي. ولا يصح تلازم الضدين لان الجمع بينهما محال فلا بد من رفع اليد عن جعل أحدهما في محل الاجتماع وإلا كان المورد من صغريات الكبرى المحال.

إلا اننا ذكرنا ان اجتماع الضدين في عالم الانشاء لا مانع منه، نعم هو ممتنع على الحكيم في عالم الفعلية والتنفيذ، وذلك لعدم القدرة على الامتثال وطبعا إذا علم بذلك احتاج الانشاء إلى داع.

ثم إنه بناء على الامتناع يكون الاثر كالتالي " الامتناع معناه ثبوت حكم واحد فقط دون الاخر أي يتنافيان، ومع التنافي يتكاذبان إما على وجه التناقض أو التضاد بالذات والحقيقة، أو على وجه العرض والمجاز أي باللازم، فيكون كل من الدليلين ينفي الآخر بالمطابقة والالتزام. من قبيل: خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة، ثم جاء دليل ان صلاة الجمعة واجبة، فاصبح هناك ستة صلوات، الحديثان ليسا متنافيين اولا وبالذات لكون موضوع كل منهما يختلف عن الآخر، لكن إذا جمعناهما فانهما يتنافيان باللازم وبالعرض، هذا ينفي هذا وهذا ينفي ذاك، هذان تعارضا باللازم وليس بالذات والحقيقة.

فإذن هذا التصوير في الامتناع انه يستند إلى احد امرين: اما السراية، واما عدم امكان المتلازمين حكمين متضادين للمتلازمين، طبعا، ذلك بعد القول بالسراية. هل ينطبق على ما صورناه باب التعارض؟ غدا ان شاء الله نكمل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo