< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     تتمة الفرق بين عالم تعلّق الحكم وعالم الامتثال.

     تزاحم الملاكات كما يكون في عالم التعلق كذلك يكون في عالم الامتثال، والفرق بينهما وهذا عنوان يشرح في الدرس القادم.

     الاقوال في المسألة.

     المختار: بيان اقسام الادلة.

إذن التمييز بين مقام التعلق ومقام الامتثال، وشروط مقام التعلق وشروط مقام الامتثال، ومقدمات مقام التعلق ومقدمات مقام الامتثال هذه الامور توضح المطلب وتبعد الكثير من الخلل او الانزلاقات، فلا يمكن ان نعطي ما كان في مقام التعلق لمقام الامتثال او العكس.

إذن في مقام التعلق يجب بيان جميع ما له علاقة بموضوع الحكم، وذلك ببيان تمامه، بحيث لا يترك أي شيء له دخالة في الموضوع. ففي مثال الصلاة والغصب: فعندما يقول: " أقم الصلاة " تعلق الوجوب بالصلاة من دون قيود ومن دون النظر إلى شيء آخر، كالغصب أو غيره، فتكون الصلاة هي تمام الموضوع، ولا دخالة لشيء آخر فيها. وتعلقت الحرمة بالغصب من دون قيود، ومن دون النظر إلى شيء آخر كالصلاة او غيرها، فيكون الغصب تمام موضوع الحرمة ولا دخالة لشيء آخر فيها. فإذا لم يبيّن يكون معنى كلامه انه مطلق، ومعنى الاطلاق انه ليس هناك قيود اخرى لها دخالة سعة وضيقا في تحقق الموضوع. ومع تحقق الموضوع يحقق الملاك.

واما في مقام الامتثال: فقد توجد شروط أخرى لوجود الموضوع خارجا او بعبارة ادق: لوجود الفرد المنتزع منه الطبيعة ولكن هذه الشروط لا علاقة لها بالموضوع. و قد بينا ذهاب بعضهم إلى أنه بالدقة العقلية يكون اجتماع المعنونين اجتماعا مورديا، الظاهر العرفي ان المجمع واحد، وبالدقة العقلية تكون وحدة انضمامية باعتبار ان تعدد العنوان يقتضي تعدد المعنون ففي المثال " زيد العالم " غير " زيد الفاسق " ولذلك بعضهم ذهب إلى جواز الاجتماع عقلا وعدم جوازه عرفا.

هناك نقطة ذكرت وهي ان الامر بالشيء امر بمنشأ انتزاعه، وهي محور اشكال السيد الخوئي (ره) على الشيخ النائيني (ره). قال ان في الانتزاعيات لا يتم فيها كلام النائيني في الحيثية التقييدية، وانه في الحيثية التقييدية وان كان المجمع واحدا عرفا لكن في الواقع وبالدقة العقلية هي اثنان، وكونه هناك اثنان معناه انه يجوز الاجتماع. السيد الخوئي وغيره قال ان المنتزع غير المتأصل، المتأصلان لا يوجدان، المقولتان لا توجدان، وعندما يقال المقولة يعني المقولات العشرة الجوهر والاعراض التسعة يعني المتأصلة، اكرر بيت الشعر:

زيد الطويل الازرق ابن مالك في داره ذا اليوم كان متكي

بيده غصن لواه فالتوى فهذه عشر مقولات سوى

فالمقولات العشرة متأصلة في الخارج والمتأصلان لا يمكن ان يندمجا في شيء وينطبق احدهما على الآخر، ولذلك قال الفلاسفة ان المتأصلات ليس لها جنس عالٍ.

في الانتزاعيات الاشكال الاساسي ان منشأ الانتزاع هو ان الامر بالمنتزع هو امر بمنشأ انتزاعه، والآثار هي لمنشأ الانتزاع لكن متعلّق الحكم هو المنتزع، الصورة الذهنية هي متعلق الحكم، اما منشأ الانتزاع كالتصرف في مال الغير بغير اذنه الذي ننتزع منه مفهوم الغصب هذا منشأ الانتزاع يختلف عن المنتزع، والمتعلق هو المنتزع، نعم تحقيقه في الخارج هو عبارة عن تحقيق منشأ الانتزاع.

معنى قولهم: الامر بالشيء أمر بمنشأ انتزاعه: لذا فقولهم: الامر بالشيء امر بمنشأ انتزاعه هو بهذا المعنى، وليس بمعنى ان متعلق الحكم هو منشأ الانتزاع. نعم بسبب العلاقة القوية جدا بين المنتزع ومنشأ الانتزاع توهموا قالوا: بان منشأ الانتزاع ان الامر بالشيء امر بمنشأ انتزاعه، عندما اقول لك: " لا تغصب " توهموا أنه يعني لا تتصرف بمال الغير بغير اذنه. نعم لا يتحقق الامتثال إلا بمنشأ الانتزاع لان الاغراض والآثار هي في الخارج. انا اريد ان تتحقق هذه الآثار، لكن الموضوع غير الممتثل به. وهذا لا يعني انهما في الخارج شيء واحد بل هما شيئان المنتزع غير منشأ الانتزاع، والكلي غير الفرد.

في النتيجة ان حال المتعلّق وشروطه تختلف عن شروط الفرد التي هي شروط الامتثال الذي هو محل الاغراض والآثار ، ولانه محل الاغراض والآثار هنا زلت اقدام بعض الاصوليين فقالوا ان هذا الفرد هو متعلق الحكم، لم يميّزوا بين مقام الامتثال ومقام التعلّق.

إذا عرفت هذا: اي بعد ما بيّنا ان الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالافراد، وبيّنا انه عند انشاء الحكم يجب بيان كل ما له قيود في عالم التعلّق وإلا فهو مطلق وهذا معنىالاطلاق، بعد ما بيّنا ان الطبائع لا توجد في الخارج بل موجودة بالفرد نصل إلى حل المسألة.

الاقوال في المسألة: لكن بعضهم ذهب إلى الامتناع وهو وجود حكم واحد وهو المنسوب إلى المشهور ومنهم الشيخ الآخوند صاحب الكفاية (ره) وذهب بعضهم إلى جواز الاجتماع أي وجود الحكمين كالمحقق الخونساري والمحقق القمي والسيد البروجردي والشيخ النائيني، والسيد الخميني (ره). مثلا إذا قلت لك في الصلاة والغصب هذه الحركة الصلاتية في ارض مغصوبة اكون موضوعا لتكليفين اي مأمورا بالصلاة ومنهيا عن الغصب في آن واحد، وهذه الحركات مامور بها ومنهي عنها في آن واحد.

ومنهم من فصلّ بين العقل والعرف، فذهب إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ونسب هذا القول إلى المحقق الاردبيلي (ره).

المختار وحلّ المسألة: ومنهم من فصل بين الاصول والفقه، فذهب إلى الجواز اصوليا والامتناع فقهيا.

هناك امر في عالم الاثبات والدلالة، اما ان نعلم بوجود حكم واحد او لا نعلم. إذا قلنا باننا نعلم بوجود حكم واحد يعني اصبح التكاذب في مقام الجعل وذهبنا إلى علاجات باب التعارض. وإذا كنا نقول بان لا مانع من وجود الحكمين ذهبنا إلى تزاحم الملاكات. هذا العلم يأتي: اما علم وجداني وإما من لسان الدليل، ولسان الدليل لا يخلو من احد اربعة امور: إما ان يكون بين الموضوعين تباين كلي،" صل ولا تصل "، او ان يكون بينهما عموم وخصوص مطلق، او يكون بينهما عموم وخصوص من وجه او يكون بينهما نسبة التساوي.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo